رئيس التحرير
عصام كامل

هزيمة القانون


أحيانا كثيرة يهزم الواقع القانون، خاصة إذا كان التشريع قائم على علاج أعراض لمشكلة ما، ولم يتطرق لحل أسباب المشكلة بشكل جذري. ولدينا أمثلة كثيرة هزم فيها الأمر الواقع القانون بالضربة القاضية، وخير مثال لذلك مشكلة "التوك توك" فوجدنا في أكثر من تعديل لقانون المرور محاولات للسيطرة على هذه الظاهرة بهدف حلها والحد من خطورتها، وكانت النتيجة فشل كامل، وفرض"التوك توك" كلمته على القانون.


مثال آخر لمثل هذه النوعية من التشريعات، وهو المتعلق بالبناء على الأرض الزراعية، فبرغم تغليظ العقوبات لأكثر من مرة على مرتكبي هذه الجريمة، وما زالت التعديات موجودة وتزداد كل يوم.

ونجد أيضا القوانين التي تجرم التعدي على أراضي الدولة تقف عاجزة أمام تحقيق أهدافها، وتقع تعديات شبه يومية على تلك الأراضي برغم تشديد رئيس الجمهورية بالقضاء على هذه الظاهرة.

نفس الأمر فيما يتعلق بمجموعة القوانين التي تقدمت بها الحكومة، وأقرها مجلس النواب مؤخرا، وتهدف إلى تشجيع الاستثمار، هذه القوانين في مجملها جيدة للغاية، لكن هناك واقع يهزمها أيضا، هذا الواقع متمثل في طريقة تعامل الموظف الصغير مع هذه القوانين، وإصراره غير المبرر على وضع العراقيل أمام المستثمر سواء كان صغيرا أو كبيرا، هذا الموظف لا يزال يتعامل بالعقلية القديمة القائمة على البيروقراطية القاتلة.

أردت التحدث في هذا الموضوع تحديدا الآن بمناسبة مناقشة لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب قانون ينظم عمل السايس، وللأسف الشديد القانون يسير في نفس اتجاه الأمثلة التي أشرت إليها في صدر هذا المقال، ويسعى لتوقيع العقوبات على من يمارس مهنة السياس بدون ترخيص، وفي الأماكن غير المخصصة لانتظار السيارات.

ولم يعالج مشروع القانون أسباب المشكلة وهي الندرة الكبيرة في وجود أماكن مخصصة لانتظار السيارات، خاصة في المدن الكبيرة مثل القاهرة الكبرى والإسكندرية وعواصم المحافظات.

أظن أنه لكي ينجح القانون في تحقيق أهدافه لا بد أن يراعي الواقع، وأن يعمل على تغييره بما يضمن في النهاية القضاء على السلبيات أو الحد منها بشكل كبير، لكن أن نشرع قوانين بها مزيد من العقوبات دون حل لأسباب الظاهرة، برأيي سيظل الواقع يهزم القانون.
الجريدة الرسمية