رئيس التحرير
عصام كامل

دراسة أمنية عن خلية برشلونة توضح نهج التخفي للجماعات الإرهابية

فيتو

ذكر خبراء أمنيون أن الخلية الجهادية التي نفذت اعتداءي إسبانيا الأسبوع الماضي تشكلت حول "معلّم" (إمام) وكانت مقطوعة تماما عن الإنترنت لتجنب الوقوع في قبضة شرطة مكافحة الإرهاب.


ونجح أفراد خلية برشلونة في تجنب لفت انتباه السلطات إلى حد كبير، فالانفجار القوى الذي وقع في منزل كانوا يعدون فيه قنابل في ألكانار، وحيث اكتشفت الشرطة في وقت لاحق كميات هائلة من المواد التي تدخل في صنع متفجرات، لم يتضح في بادئ الأمر أنه من فعل متطرفين إسلاميين، ولم يتوصل المحققون إلى الربط بينه وبين المنفذين إلا بعد عمليتي الدهس في برشلونة وكامبرليس الساحلية المجاورة.

ويتفق الخبراء على أن السبب الرئيسي وراء ذلك هو أسلوب تشكيل وطريقة عمل المجموعة التي تجنبت الظهور على مواقع الإنترنت، سواء في البحث عن معلومات أو المشاركة في منابر حوارية أو التعبير عن رأي.

في هذا السياق تقول المديرة في المعهد الأوروبي للبحر المتوسط لورديس فيتال إن "تقنيات الدعاية والتجنيد" تشبه عمل جماعة دينية مغلقة، وتشرح "يتم التشديد على دور العائلة، وعلى عزل المجموعة وانغلاقها على نفسها وتجنب كل ما يمكن أن يفشي بوجودها".

وفي قلب المجموعة "شخص محوري يجمع الكل حوله، يقدم الإجابات التي تنسجم مع الفكر السلفي للشبان الذين ربما يشعرون بالضياع ويفتقدون الاحساس بالانتماء"، بحسب المسئول السابق في الاستخبارات الفرنسية الآن رودييه.

والشخص المحوري في تلك الخلية كان الامام المغربي عبد الباقي الساتي، الذي قتل في الانفجار العرضي في ألكانار، والأرجح أن الساتي عاش بشخصيتين مختلفتين بين أهالي بلدة ريبول الصغيرة، حيث كان يقيم هو والعديد من المشتبه بهم، بحسب البرتو بوينو من "المرصد الدولي للدراسات حول الإرهاب".

ويضيف بوينو، وهو أيضا باحث في جامعة غرانادا بجنوب إسبانيا، أن الساتي "كان يظهر وجها عندما يؤم المصلين في ريبول، ووجها آخر عند تجنيد الشباب وتشريبهم الفكر المتطرف".

وما يزيد من ترابط المجموعة، حقيقة أن العديد من اعضائها أخوة، بحسب الخبير الذي يشير إلى أن بين المشتبه بهم الاثني عشر، أربع مجموعات تضم أخوة من أربع عائلات.

في هذا السياق يقول إيف تروتينيون، العضو السابق في جهاز مكافحة الإرهاب في فرنسا إن المجموعات التي تضم أقارب، شوهدت أيضا بين منفذي اعتداءات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك، وتفجيرات قطارات مدريد في 2004.

وقال رودييه، الضابط السابق لدى الاستخبارات الفرنسية، إن الخبراء الإسبان كانوا يدركون تماما بأن المجموعات التي تضم أفرادا من عائلة واحدة تكون متراصة "لأنك لن تخون شقيقك". وأضاف أن الروابط الأسرية تسهل أيضا عملية غرس العقيدة.

ويتابع رودييه أنه في الوقت الذي أمضى المهاجمون شهورًا يحضرون للاعتداءين، فإن جنوحهم نحو التطرف بدأ على الارجح قبل وقت طويل.

من جانبه يؤكد البرتو بوينو أن المجموعة تحاشت شبكات التوصل الاجتماعي على الإنترنت ولم تستخدم الهواتف النقالة، في وقت كانت شرطة مكافحة الإرهاب تمشط الإنترنت بحثا عن بوادر تشدد بين مستخدمي الشبكة.

ويعود رودييه ليقول "هذا النموذج الكلاسيكي من الأشخاص الذين يعرفون بعضهم بعضا ويلتفون حول معلّم يرافق تطور الخلية، يعود إلى ما بين 15 و20 سنة".

ويلمح الخبراء إلى أن الاعمار الصغيرة للعديد من المشتبه بهم، وبعضهم لم يتجاوز17 عاما، ليست بالصدفة. فيما ترى فيدال أن تلك الاعمار يمكن التأثير عليها بسرعة مشيرة إلى "استخدام الدين للوصول إلى الشبان من أجل إحداث تأثير عاطفي قوي جدا في بناء هويتهم".

ويقول رودييه "إنهم مسلمون وليسوا ممن اعتنق الإسلام، وجود إمام المسجد ضروري، إنه حاضن جاء من محيطهم، لإقناعهم بأن دينهم يملي عليهم أن يتحركوا"، ويضيف "ربما تصوروا انفسهم يعيدون فتح إسبانيا... مثلما تلمح رسالة عثر عليها في ألكانار".

يذكر أنه في ركام المنزل الذي وقع فيه الانفجار في ألكانار، عثرت الشرطة على ورقة موضوعة في كتاب أخضر كتب عليها "رسالة قصيرة من جنود الدولة الإسلامية في أرض الاندلس إلى الصليبيين والفاسقين والظالمين والفاسدين".

الجريدة الرسمية