رئيس التحرير
عصام كامل

رحلة البحث عن كنوز الفراعنة ببني سويف.. آثار «إهناسيا والحيبة وأبو صير الملق» مطمعا للمنقبين.. 45 شابا لقو حتفهم في مشوار البحث عن الثراء السريع.. وبرلماني يطالب بقانون لتجريم الظاهرة

فيتو

في ظل الظروف الاقتصادية وزيادة معدل البطالة بين الشباب، أصبحت ظاهرة التنقيب عن الآثار بشكل غير مشروع، وسيلة الشباب للوصول إلى الثراء السريع.


وانتشرت الظاهرة بصورة كبيرة في المناطق الأثرية ببني سويف، منها "سدمنت" بإهناسيا و"الحيبة" بالفشن و"دشاشة" بسمسطا و"أبو صير الملق" بالواسطي، لكن غالبًا ما تنتهي هذه الخطوات في التنقيب بمأساة، بداية من خسارة المتطلعين للثراء لأموال طائلة بسبب وقوعهم صيدًا ثمينًا في أيدي "الدجالين والمشعوذين" الذين يوهمونهم بالقدرة على استخراج الكنوز نظير حصول هؤلاء المحتالين على أموال من راغبي الثراء، وانتهاء إلى خسارة بعض الباحثين لأرواحهم في انهيار "حُفر" التنقيب.

التنقيب عن "اللقية"
يقول الدكتور حسني صادق، بالإذاعة والتليفزيون، ومن أهالي بني سويف، إن ظاهرة الثراء بالتنقيب عن الآثار أصبحت حلمًا يراود غالبية أبناء المحافظة بمختلف مستوياتهم الاجتماعية والوظيفية، الذين هرعوا لإشباع تلك الرغبة من خلال التنقيب والبحث عن الآثار بكل منزل يعتقدون أنهم سيجدون به "اللِقية" أو ما يعرف بـ"الكنز" وهناك حالات التنقيب عن الآثار، التي وقع فيها مسئولون وأشخاص أصحاب سلطة ونفوذ وبعض أبناء الطبقة المتوسطة، بالإضافة إلى عدد المتهمين الذين ألقي القبض عليهم، والضحايا الذين فقدوا حياتهم تحت أنقاض الحفر والأتربة.

الشباب يتساقطون
وذكر محمود منصور، محامي، أن العشرات من الشباب يتساقطون سنويًا ببني سويف، نتيجة هوس التنقيب أو البحث عن الكنز المفقود كما يطلق عليه البعض، التي انتشرت في كافة قرى ومراكز المحافظة، خاصة منذ فترة الإنفلات الأمني التي أعقبت ثورة 25 يناير، لافتًا إلى أن من يقدمون على تلك الخرافات غالبيتهم أشخاص قرروا الهروب من واقع الفقر إلى وهم الثراء السريع، اختاروا طريق البحث عن كنوز القدماء المدفونة، علهم يجدون منها ما يحطم أغلال فقرهم ويرتقي بهم إلى مرتبة "علية القوم"، لكن سرعان ما تتحطم آمالهم على صخرة الموت، بعدما تنهار عليهم الحفرة على بعضهم، تلك الحفة التي ظنوا أنها الملاذ الأخير لتحقيق حلمهم، تصبح مقبرة للعشرات منهم.

اللاهثون وراء الثراء
وأوضح محمد سيد، مدرس ببني سويف، أن ظاهرة التنقيب عن الآثار أصبحت مقبرة حقيقية للكثير من الطامعين اللاهثين وراء الثراء السريع، وفي الفترة الأخيرة تعددت حالات الوفاة أثناء عمليات الحفر التي تجري بطرق بدائية غير علمية، معرّضة أرواح القائمين عليها للخطر، ومسببةً العديد من الأضرار والتصدعات بالمنازل المحيطة، لافتًا إلى أن العام الحالي راح ضحية التنقيب عن الآثار 6 شباب من أبناء المحافظة، وهو عدد كبير في فترة زمنية وجيزة، يعطي صورة واضحة لحجم هذه الظاهرة وتفاقمها، وإن كانت هذه الحالات جرى اكتشافها، فما خفي كان أعظم في هذا العالم السري لهذه التنقيبات غير المشروعة.

مقتل 45 شابًا
وأشار المقدم محمد جابري، من شرطة السياحة والآثار، إلى أن الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير إلى الآن شهدت العشرات من الحوادث التي راح ضحيتها شباب دفعوا حياتهم ثمنًا أثناء تنقيبهم عن الآثار، يبلغ عددهم 45 شابًا تتراوح أعمارهم ما بين الـ25 إلى 50 عامًا، غالبيتهم لفظوا أنفاسهم الأخيرة تحت تراب حفرة بدأوا هم في حفرها من أجل التنقيب عن وهم الكنز المدفون أسفلها، بعد استعانتهم ببعض الدجالين والنصابين ممًا يقدمون أنفسهم تحت وظيفة "شيخ مغربي".

تجريم الحفر
وطالب النائب علي بدر، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، بسن مشروع قانون يضبط مسألة التنقيب عن الآثار، مشيرًا إلى أنه لا بد أن يكون به تجريم الظاهرة لمن يقوم بالبحث والتنقيب عن الآثار في حالة ثبوت أنه يقوم بالحفر للبحث عنها، موضحًا أن عدم وجود قانون وتفعيله يسهل عملية سرقة الآثار.

حماية الفراعنة
وقال الدكتور أحمد جلال، خبير أثري، إن الفراعنة قادرون على حماية كنوزهم، لافتًا إلى أنه خلال مشاركته لجنة من الوزارة، لفحص أحد الاكتشافات حديثًا، عثرت على نقوش بـ"الهيروغليفية" تقول إن: "من يمس قبري سيفترسه تمساح وفرس نهر وأسد".

التفتيش على المناطق
وأكد أيمن جابر، أحد مفتشي الآثار، أن دور مفتشي الآثار يقتصر على المرور على المناطق الأثرية ومعاينتها وإرسال المحاضر للشرطة للتحري عن الأسماء والتحفظ على المنطقة، لافتًا إلى أن الحفارين يستخدمون أدوات الحفر الخفيفة مثل "فأس ومقطف وحبال" في منطقة جبلية يصعب دخول المعدات الثقيلة إليها لأنها عبارة عن تلال وجبال.
الجريدة الرسمية