رئيس التحرير
عصام كامل

المعونة في الصابونة!


شوف يا عزيزي.. المعونة هذه ليست أكثر من حبل سُري يربط مصر بالولايات المُتحدة، لا كأم وابنها، ولا خطيب بخطيبته، لكن هو عبارة عن أحد روافد العلاقات القائمة والتي لا بُد وأن تظل قائمة بين البلدين، علشان صالح الاتنين، لا صالح المُتلقي فقط بينما المانح بيبقشش من جيب أبوه شفقة أو إحسان!


وأمريكا ليست بهذا الهطل لتمنح مصر ولا أي مخلوق صَدَقة مستخبية لله يا مُحسنين؛ فالمعونة الاقتصادية وكذلك العسكرية هي إحدى الضمانات التي تكفل علاقات ضرورية بين البلدين، وتكفل كمان نسبة من استقرار مصر، وكذلك تضمن علشان متزعلش قدرة أمريكية للضغط على الدولة المصرية متى شاءت عندما تقوم بالتلويح بقطع المعونة أو بقطعها فعلًا، وهو ما حدث كثيرًا في السنوات الغبراء الأخيرة، بعدما احتل مشهد الصدارة خونة مصريون في الداخل والخارج من بتوع دكاكين حقوق الإنسان، وجمعيات هيومان رايتس ووتش التي ترجمتها "شيخ البلد خلَّف ولد" تقريبًا!

هذا بالطبع بالإضافة للخونة في الخارج هناك على الجانب الآخر من الأطلنطى، والمتورطين في الاتجار بالأعضاء البشرية، والإرهاب، اللي منهم واحدة كتبت مقال في صحيفة أمريكية كبيرة قبل يومين تطالب بقطع المعونة عن مصر ـ بلدها السابق ـ ومن ضمنهم آخر عمل نفسه ميت هنا قال إيه كان مُضرب عن الطعام، وأول ما غار على أمريكا سجد على ترابها الطاهر، بصفتها بلد العلم والإيمان وحديث الروح كمان، وجابوله بيتزا واتجوِّز وعاشها مالكي وحنفي وإبراهامي لينكولني هناك!

أما الخونة في الداخل فلا يدخروا جهدًا في الضغط على بلد يأويهم من أجل تحقيق المزيد من المكاسب المادية، وتحويل مبلغ المعونة الذي هو في الأصل تافه بالنسبة لاقتصاديات دولة، ليدخل خزائن جمعياتهم ومكاتبهم ومنظماتهم ولا مؤاخذاتهم، وكُلها في النهاية ستاير لنشاط تخريبي مشبوه كُل الهدف من ورائه العبث في ملفات تدين مصر بالذوق أو بالعافية، وبالحق أو بالباطل، زي موضوع (ريچيني) كدة مثلًا، أو محاولة إدانة مصر في فض اعتصام رابعة الإرهابي بالادعاء أنه كان سلمي وبيشربوا فيه اللبن وبيغسلوا رجليهم قبل ما يناموا، أو حتى إدانة الجيش لأنه يقتل الإرهابيين في سيناء، إزاي يقتلهم قبل ما يقتلوا العساكر؟ المفروض حسب حقوق الإنسان إن الجيش يسيب الإرهابيين يقتلوا العساكر والضباط بتوعه الأول، ولما يتأكد من كدة، يقوم بتقديم الجُناة لمُحاكمة مدنية مش عسكرية كمان "لا للمُحاكمات العسكرية متنساش"، ويتم تبرئتهم، جايز مكانوش يقصدوا، وجايز تابوا، وبعدين قتل العساكر والجنود في النهاية هو حُرية رأي وتعبير، وحقوق إنسان ضرورية لازم تُراعى، يا كدا يا مفيش معونة!

وفي كُل الأحوال فإن مصر قد اعتادت تقريبًا الاستغناء عن المعونة وصابونتها هذه بعد حركات حلَّق حوش التي اتبعها نظام (أوباما) ومن قبله (چورج بوش) الاب أو الابن لا فارق، وأصبح الحديث عنها زي الطبيخ البايت برَّة التلاجة، وإلقاؤه في الزبالة أفضل، ومن فضلك حاول تبحث عن تقرير للبنتاجون صادر قبل سنتين تلاتة يؤكد أن المعونة لمصر تضمن استقرارًا وعلاقات تحتاجها الولايات المُتحدة بدورها، وهذا للتأكيد على صحة ما ورد في بداية الموضوع إن الحكاية مش عطف ولا إحسان، كُلها سياسة عصا وجزرة، وإن كان (ترامب) قرر يقطم الجزرة على طريقة جزرة وقطمها جحش مثل سابقيه من رؤساء بلاد اليانكي، فمُمكن كمان العصا دي يحُطها في.. عينه آه!

وأرجع وأقول لحضرتك إن مبلغ المعونة التافه ـ بالنسبة لاقتصاديات أي دولة ـ والعظيم بالنسبة لميزانية أي حقوقي أو ناشط سياسي عايز يلهف منه مناب كبير خاصةً بعد تضييق الخناق على التمويلات الأجنبية لأمثالهم بدون مُناسبة ولا رقابة، هذا المبلغ لن يؤثر على مصر من الناحية الرسمية، ويُمكن تعويضه بمليون طريقة، قد يكون من ضمنها إن كُل عامل أو موظف أو طبيب في الشعب يشتغل دقيقتين زيادة في السنة لتعويض هذا المبلغ، بدلًا من الاعتصامات والإضرابات والخناقات والكلام الفاضي اللي جابنا ورا سبع تلاف سنة خلال آخر 7 سنين، ولو مش قادرين على الشُغل مُمكن يكون فيه حل أفضل لكنه أصعب، وهو إن كُل واحد يحُط لسانه في بؤه دقيقة واحدة في السنة!
الجريدة الرسمية