رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. المؤرخ الدكتور عاصم الدسوقى: الإخوان يسعون لمحو تاريخ مصر ويتآمرون مع قوى أجنبية لتحقيق أهدافهم

فيتو

فتح المؤرخ الكبير الدكتور عاصم الدسوقى، النار على الإخوان المسلمين وفضح تاريخهم ومخططاتهم لمحو الهوية المصرية الراسخة منذ آلاف السنين، وخطرهم على مجريات الفترة الحالية بتآمرهم مع قوى أجنبية لترسيخ سيطرتهم، فإلى نص الحوار.. 

-دخل الأزهر بعد ثورة 25 يناير مرحلة جديدة، فكيف ترى هذه المرحلة بنظرة المؤرخ؟
بعد ثورة 25 يناير الأمر أصبح مختلفا بشكل كبير عن ذى قبل، فقد أنشأ البعض داخل الأزهر جماعة تحدثت عن الإصلاح، وهم متطرفون فكريا، إنهم من الإخوان المسلمين وقادوا حركة ضد الأزهر، لكن إحقاقا للحق فالتطور الذى حدث فى الوقت الحالى للأزهر على يد إمامه الأكبر الدكتور أحمد الطيب جعل الأزهر ثابتا على موقفه من الاعتدال، فطالما لا عدوان من السلطة على الأزهر لن يوجد عدوان من الأزهر على السلطة، وللأسف بعد سيطرة الإخوان على الدولة يريدون وضع مؤسساتها فى جيوبهم تحت مصطلح "أخونة الدولة"، ويمكن أن يكون هذا من حقهم إذا كانوا هم من قاموا بالثورة بمفردهم، لكن من قام بثورة يناير هم المصريون جميعا، والمصريون هم من اختاروا مرسى رئيسا ومحاولة الأخونة الآن تتم بدعوى أنهم هم الحكام، لدرجة أن المستشار وزير العدل قبل استقالته- قال إن الإخوان هم "أسياد البلد"، والأزهر لا يمكن أخونته بأى حال من الأحوال، فأخونته تضر بالإسلام لأنه إذا كان شيخ الأزهر متطرفا سوف يجعل علومه متطرفة وسينفر الناس عن التعلم فيه.

-فى ظل هذا التصارع بين الأيدلوجيات الوافدة وتخبط الإخوان السؤال الآن: إلى أين تتجه مصر؟
الحالة الآن ضبابية، وحتى نعرف هذه الحالة لابد للرجوع إلى العالم بعد الحرب العالمية الثانية، فقد ظهرت فكرة النظام العالمى الجديد فى ظل الحرب الباردة وظل هذا الفكر حتى تفكك الاتحاد السوفيتى، وأثناء الإعداد لإخراج العراق من الكويت قال الرئيس الأمريكى جورج بوش الأب، إن المسألة ليست فى احتلال دولة كبيرة لدولة صغيرة ولكنها الدفاع عن النظام العالمى الجديد وهو "العولمة"، وقد كانت كلمة قالها ولم يتوقف أحد عندها وبعدها بدأت الخطة تتكشف.

وأول ما بدأت به أمريكا كان فصل إقليم تيمور الشرقية عن أندونيسيا وهى بلد إسلامى، وشن الحرب المعروفة على أفغانستان والعراق وبدأ الحديث عن شرق أوسط جديد وتحدث عن هذا المشروع، وهو أن يعاد تقسيم الشرق الأوسط لدويلات صغيرة وهو ما حدث فى العراق الذى تم تقسيمه إلى دويلات، ثم جاءت كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة وتحدثت عن "الفوضى الخلاقة"، وهو هدم دور وبنائها من جديد والحكومات فى الشرق الأوسط كلها فى خدمة أمريكا، وهذه التبعية لن تصنع الشرق الأوسط الجديد ومن هنا بدأوا يفكرون فى فوضى تخلق مناخا لتفكيك دول الشرق الأوسط وظهرت بعدها تسريبات "ويكيلكس" التى ظهرت فى نهاية نوفمبر 2010، وهى تكشف فضائح الزعماء العرب.

وعندما كشفت قالوا إنها أحاديث صالونات ولم تكن، كما قيل إن "أسانج" الاسترالى قام بالسطو على موقع الاستخبارات الأمريكية لكن هم من أعطوه هذه الوثائق لنشرها، ومن هنا بدأ التمهيد للفوضى باسم ثورات الربيع العربى التى بدأت فى تونس ثم فى مصر ثم ليبيا واليمن ثم سوريا الآن، وفى مصر ثارت بتضخيم الأمور لإحداث حالة الثورة وتم الاتفاق مع الإخوان للحديث باسم الديمقراطية على الرغم من معرفة أمريكا بالتزوير.

-لماذا ساعد الأمريكان الإخوان فى تونس ومصر وسوريا؟
لأن الإخوان عندما يحكمون سوف يحكمون باسم الشريعة وتحقيق الخلافة فى الدولة الإسلامية، واستعادة الوطن السليب وهو الأندلس والبلقان فيحكم الإخوان بهذه الأفكار، ويبدأ الحديث عن المرأة وأهل الذمة ودار الكفر ودار الإسلام و"البلد تولع" وتندلع الحرب الأهلية وتتدخل أمريكا بزعم حماية الأقليات والحريات وحقوق الإنسان ويبدأ التقسيم وليبيا الآن تعرضت لهذا الأمر وسوف تقسم إلى ثلاث دويلات: "برقة وفزان وطرابلس"، كما كانت والسودان تم تفكيكها باسم الشريعة واليمن اختلف لأن البديل الذى يحكم فى اليمن عن على عبدالله صالح هم الزيديون وهم شيعة، وهذا يخيف الأمريكان والسعودية فهم من قاموا بهذه المبادرة وأسموها "مبادرة لم الشمل الخليجى"، لكن الأمريكان يريدون أن يحكم الإخوان سوريا لأنهم سيقومون بعقد اتفاق لحماية إسرائيل، وهذا اتفاق أمريكا مع الإخوان وهذا لسببين: الإبقاء على السوق العالمية كما هو والثانى حماية إسرائيل، ولو نظرنا للغنوشى كزعيم للإخوان فى تونس فقد قام بزيارة "الأيباك"، وهى منظمة يهودية وعندما جاء سمير رضوان قال إنه سوف يستعيض عن القرض من البنك الدولى بأن يضع 1200 جنيه حدا أدنى للأجور و30 ألف جنيه حدا أقصى فلم يوافقوا، وفى مصر الآن نسير طبقا لاقتصاديات السوق وفى الشرط الثانى انزلقنا إلى حماية إسرائيل من حماس بسبب الخطاب الذى اعتبره الأمريكان خطابا ناصريا وذلك عندما خطب "مرسى" فى الجامعة وتحدث عن الفلسطينيين ثم بعد أيام قليلة دعا "مرسى" إسماعيل هنية ورتبت بينهما عملية رفح ليريد تذكيره بمعاهدة 79 التى يقول فيها: "لا يجوز لأى طرف أن يدعم أى طرف معاد ضد إسرائيل" وهو ما يتم استدراج مصر من خلاله، حتى إنهم أحرقوا الجثث وأرسلوها مشوهة لعدم التعرف على هويتهم ومن غير المستبعد أن يكونوا فلسطينيين ليقولوا لنا أن من ندعمهم هم من يقتلون أبناءنا، لذا سمحت إسرائيل لنا بدخول عدد من الدبابات والقوات فى شمال سيناء لأنها منطقة منزوعة السلاح، والآن يتم استدراج مصر فى رابطة إسلامية ومن هنا تبدأ سياسة الأمريكان باحتواء الاضطرابات الإسلامية.
-لماذا لم تضرب قوات حلف "الناتو" سوريا حتى الآن؟
الذى يعطل ضرب الناتو فى سوريا هو التمهيد لأن تقوم سوريا بتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل ومن بعدها لبنان، وفى هذه الحالة يتم إخضاع الدول المحيطة بإسرائيل ثم يبدأون البحث عن الدول الأخرى، ومن هنا كان لابد أن نتساءل: لماذا لم يتحرك الناتو فى سوريا كما تحرك فى ليبيا؟ والإجابة ببساطة لأن إيران من ناحية وروسيا والصين من ناحية أخرى لهم مصالح استراتيجية ويشعرون أنهم إذا تركوا هذا العالم سيجدون أمريكا فى قلب روسيا.
وروسيا والصين تدافعان عن سوريا وإيران ويعطلان المشروعات التى يمكن أن تصدر من مجلس الأمن بنظرية "أنا موجود بمواجهتك"، وإيران هددت أنه إذا حدث هجوم عليها ستضرب بالصواريخ الباليستية، وقصة هذه الصواريخ أنه فى أثناء تحالف إيران وباكستان لحصار السوفييت فقد وضع الأمريكان محطة نووية فى بغداد لأنها مقر الحلف، وبعد انسحاب بغداد من الحلف تحولت المحطة من بغداد إلى إيران وأصبحت تعمل منذ عام 1959 وهى صناعة أمريكية فى الأساس ومازالت تعمل حتى الآن، وعلماء إيران يعملون بها بشكل متواصل.
-دائما يتحدث الإخوان عن حالة تشابه بين النظام الحالى فى مصر وبين نظام تركيا فهل هناك تشابه أم تناقض أم تمسح؟
هذا تمسح، لأن تركيا من وقت إعلانها إنهاء الخلافة أصبحت تتقرب من الغرب والدين فيها موجود لكن لا حكم فيها لأجل الدين، إضافة إلى أن الدستور التركى ينص على أنها دولة علمانية والجيش يحمى العلمانية، بحيث إذا أراد أى حزب أن ياخذ البلد فى خضمه فالجيش يتصدى له ويحاربه.
-هل سيصبح الخلاف القادم خلافا مذهبيا؟
لو نظرت ستجد ثلاثة مذاهب فى الساحة، المذهب الوهابى فى السعودية والثانى الشيعة وهم منتشرون من الكويت حتى عمان بوجود الأباضية والقائمون بدراسات الاستشراق الغربية وضعوا أيديهم على هذه البؤر لإشعال الفتيل، أما الثالث فهم السنة الذين يريدون إشعال فتيل الفتنة عن طريق أن إيران تقف خلف الشيعة، إذن إيران تريد إحياء مشروع "الفرس"، فيأتى إشعال الفتيل بين السنة والشيعة والآن يريدون إشعال الفتيل بين السنة وبعضهم بالصوفية وأهل السنة موجودون الآن فى مصر.

-الإخوان عند حدوث أى مشكلة أو هياج يقولون إن الثورة الفرنسية أتت أكلها بعد خمس سنوات فهل يسرى هذا على مصر؟
هذا استقراء أرسطى فاشل ودون وعى بسبب فساد المنطق، ولماذا لا يتحدثون عن ثورة 1952 التى قامت فى يوم وليلة بإسقاط متعمد للظروف الموضوعية لأن معنى هذا الكلام أن أى ثورة يجب ألا تقل عن خمس سنوات.

-لماذا لم يتم العبث بالسعودية أو قطر أو المغرب؟
توجد مرحلية وأولويات، فالسعودية لا تمثل أى خطورة ولكنها تسير فى ركاب أمريكا وهى ضد فلسطين ولا ترحب بقيام دولة فلسطينية، حتى إن السعودية تعلم أنها آخر دولة فى المسار الأمريكى للشرق الأوسط، وهى لا تجد حرجا فى الاعتراف بإسرائيل وقالت إنها ستكون آخر دولة تعترف بإسرائيل حفظا لماء وجهها.
-كيف تقرأ هوية الإنسان المصرى؟
هو شرق متوسطى الثقافة وهويته عربية لأنه يتحدث اللغة العربية والدين لا يشكل هوية، لكن اللغة هى التى تصنع الهوية وخيال الإخوان لصنع هوية إسلامية للإنسان المصرى درب من الخيال.

الجريدة الرسمية