ثورية المستشار هشام جنينة
أخشى أن يتحول المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، مع كامل الاحترام له، إلى ظاهرة صوتية، ضجيج بلا طحن.. فعندما تولى منصبه منذ عدة أشهر تحدث كثيرًا عن أن سلطات الجهاز ستمتد إلى مراقبة أموال التنظيم السرى للإخوان وهو ما لم يحدث، ولحزب الحرية والعدالة ولم نر شيئًا.
ومنذ عدة أيام أكد للزميل محمد هارون فى المصرى اليوم، أن الجهاز مستقل عن رئاسة الجمهورية، وهذا كما يعرف سيادة المستشار، غير صحيح، بل دعنى أكون أكثر صراحة، فهو يضحك على الناس، فهل ينسى أنه هو الذى عينه، وهل يتناسى أنه هو الذى يحق له إقالته.
صحيح أن سيادة المستشار حقق خطوة للإمام بخضوع المؤسسات الاقتصادية للجيش لرقابة الجهاز.
وصحيح أنه يحاول الآن أن يخضع أيضًا النشاطات الاقتصادية للمخابرات العامة للرقابة، وهذا كلام جميل.. بل عليه أن يناضل من أجل الرقابة أيضًا على ميزانيات الجيش، بما فيها ميزانيات التسليح، وكذلك ميزانيات المخابرات، بما لا يخل طبعًا بأسرار الأمن القومى.
ولأننا لا يجب أن نعيد اختراع العجلة، فهناك طرق اخترعتها الدول الديمقراطية، بما يمكن البرلمان مثلًا فى جلسات مغلقة ولعدد محدود من مراقبة هذه الميزانيات وكل مليم فيها.
لكن الأهم، والمستشار يعرف ذلك تمامًا، هو أن يستقل الجهاز المركزى للمحاسبات عن السلطة التنفيذية، أى عن الرئيس، فلن يكون لهذا الجهاز فعالية من أى نوع طالما أنه يتبع قانونًا الرئيس، فى حين أن دوره الأساسى هو مراقبة الرئيس ووزارئه وحكومته وكل أجهزة الدولة التى يتولى مسئوليتها لأنه رئيس السلطة التنفيذية.
ولأننا لا يجب أن نعيد اختراع العجلة، فيمكن أن يكون هذا الجهاز الأهم تابعا للجنة برلمانية يتم تمثيل كل القوى السياسية فيها، أو يكون تابعًا وهذا فى رأيى أفضل للمجلس الأعلى للقضاء، أى جزء من السلطة القضائية، وفى تقديرى هذا أفضل بكثير، حتى يكون مستقلًا عن باقى سلطات الدولة.
وأتمنى من المستشار هشام جنينة أن يتبنى مشروع قانون لهذا الاستقلال، لأنه فى الحقيقة دون ذلك، ستصبح تصريحاته ضجيجًا بلا طحن، وإذا استمر فى تأكيد أنه مستقل، سنضطر آسفين إلى أن نضعه بجوار المستشار أحمد مكى، وزير العدل الذى كان أحد أبطال استقلال القضاء فى عهد مبارك، والآن أصبح بطلًا عظيمًا فى هدم القضاء وفى تدمير الدولة المصرية.