رشاد رشدي يكتب: خدمة السلام
في مجلة «الجديد» عام 1973 كتب الدكتور رشاد رشدي مقالا بمناسبة إعلان اسم الفائز بجائزة نوبل لهذا العام مستنكرا اسم وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسينجر يقول فيه:
التكفير عن الذنب شيء جميل ولكنه أحيانا يكون أقبح من ارتكاب الذنب نفسه.. وألفريد نوبل هو صاحب جائزة نوبل المعروفة عالميا تاجر سلاح وهو الذي اخترع البارود، وتكفيرا عن ذنبه وعن الدمار الذي ألحقه اختراعه بالعالم.. كرس مكاسبه من اختراعه لخدمة السلام.
قرر أن تعطى جائزة مالية كبيرة سنويا لكل من يخدم السلام في أي مكان في العالم، وهذا العام ــ 73ـــ بل هذه الأيام أعطيت جائزة نوبل الآثم الذي يكفر عن ذنبه لهنري كيسنجر.
ويتساءل الإنسان عما فعله كيسنجر من أجل السلام؟ ماذا كتب؟ ماذا اخترع؟ ما الذي دعا إليه لإقرار السلام؟
والإجابة الوحيدة أن كيسنجر قد ابتكر معادلة فريدة من نوعها، وهي أن السبيل الوحيد لإقرار السلام هو الحرب، وهكذا نرى جائزة السلام تمنح لمن هو ضد السلام، بل لمن يؤمن بالقوة وقهر الإنسان بالسلاح.. بإراقة دماء الإبرياء في أي مكان.. وفي كل مكان.. فقد أراق كيسنجر من الدماء في فترة حكمه القصيرة أكثر مما أريق من دماء من بداية هذا القرن إلى الآن.. سخرية عقدة الذنب والتكفير عن الذنب.