ثرثرة في المترو (قصة حقيقية)
كنت مستقلًا المترو متجهًا لزيارة أحد الأصدقاء، وكانت الرحلة تستغرق مسافة ١٤ محطة، وأثناء توقف القطار في إحدى المحطات، فجأة سمعنا صوت سائق القطار وهو ينادي خلال الإذاعة الداخلية، "عربية السيدات من فضلكم.. امسكوها الشرطة مستنياها المحطة اللى جاية"، وبالفعل بعد أقل من دقيقة توقف القطار في المحطة التالية، مستغرقًا وقتا تجاوز الثلاثة دقائق، وتم إلقاء القبض على سيدة أربعينية لكن لا نعلم ماذا فعلت هذه السيدة ولماذا تم القبض عليها؟
ومن هنا تبدأ القصة، حيث تحدث شاب يقف بجواري قائلًا: الله يرحم أيام زمان لم يكن أحد يقدر يرمي ورقة على رصيف المترو.. الست دي شكلها حرامية؟!
رد عليه شاب آخر قائلًا : زمان إيه اللى بتتكلم عنه؟ الرئيس المخلوع ترك الصحة والتعليم في حالة يرثى لها.
وبدأ صوت الشابين يعلو بعد التراشق بالالفاظ الجارحة، وكل منهما يرسل للآخر وابلا من الكلمات هذا ضد النظام الأسبق، والآخر ضد النظام الحالي.
وفجأة تحدث شاب ثالث قائلًا: هذا من غضب ربنا علينا لأننا تركنا الشريعة.
وبدأ الشباب الثلاثة في التراشق بالكلمات مرة أخرى، وكل منهم يكيل للآخر عيوب وأخطاء النظام الذي لا يؤيده، حتى تطور التراشق بالكلمات إلى تراشق بالأيدي، وهنا تدخلت أنا وبعض الركاب للفض بينهم، ولم ينته الشجار بينهم حتى تحدث شخص خمسيني قائلا: بعد إذن حضراتكم بكل هدوء وبدون ازعاج تتفضلوا تنزلوا معايا المحطة اللى جاية.
فجأة عم الصمت على الجميع، واعتذر الشباب عن شجارهما، وقالوا إن ذلك حبًا في مصر فقط، واعتذر كل منهم للآخر، وهدأ الجميع وقال الشخص الخمسينى لهم: أنا مواطن زيي زيكم ومجرد مدرس حبيت أعمل كده عشان تسكتوا، إنتوا شباب محترم ومثقف مينفعش نمسك في بعض كدة وربنا ينصر بيكم مصر إن شاء الله.
ضحك الجميع وبدأت أصوات المزاح تعلو من الجميع، وبعدها بقليل غادرت المترو إلى وجهتي وتركتهم في مزاحهم...
من هنا ومن واقع هذه القصة التي ربما تحدث يوميا لك عزيزي القارئ في المواصلات العامة، أو حتى في العمل أو داخل الأسرة الواحدة. نجد أنه يوجد مشكلة عند الاختلاف في الرأي، فعلينا أن نختلف باحترام دون تخوين، وأن نتناقش بأدب دون تطاول على الآخر.. فمن المهم أن نتعلم ثقافة الاختلاف والحوار.
فليكن اختلافنا من أجل مصر لا ضدها، وحوارنا للتطوير والبناء لا للهدم والتخريب، إننا جميعًا لنا الحق في التعبير عن آرائنا بكل حرية دون تجاوز بالغلط أو اللغط على أحد.. وأن مصر تسعنا جميعًا على اختلاف توجهاتنا السياسية.
حفظ الله مصر،،،