رئيس التحرير
عصام كامل

إسرائيل وروسيا.. محطات التقارب من أجل المصالح.. تل أبيب تحتمي في حضن الدب خشية نفوذ إيران.. تقسيم سوريا يجمع الطرفين على طاولة التشريح.. وموسكو تدير العلاقة بمبدأ الأرباح المتبادلة

فيتو

إسرائيل لا تعرف سوى لغة المصالح وهذا ما دفعها إلى الارتماء في أحضان الدب الروسي بالرغم من حالة العداء التقليدي بين موسكو وواشنطن حليف دولة الاحتلال، ومع تطور الأحداث في السنوات الأخيرة على الأراضي السورية وبزوغ الدور الروسي كان التقارب الروسي الإسرائيلي على أعلى مستوى بصورة تشبه غرام الأفاعي وتغلب لغة المصالح.


بداية العلاقات

وتاريخ العلاقات الروسية- الإسرائيلية تعود إلى أيام الاتحاد السوفيتي الذي كان من أوائل من دعموا خطة تقسيم فلسطين عام 1947، بهدف مواجهة الخطة البريطانية.

واعتمدت القيادة السوفييتية حينذاك على علاقات الصداقة التي تربطها بقيادة إسرائيل التي كان يتزعمها القادة الاشتراكيون. واعترف الاتّحاد السوفييتي بإسرائيل مباشرة بعد إعلانها دولة، وأقام معها علاقات دبلوماسية.

وبحكم المصالح لم تتبع إسرائيل سياسة موالية للاتحاد السوفييتي، وبدأت بالتوجه إلى تمتين علاقاتها مع الغرب، ومن ثم، مع الولايات المتحدة الأمريكية، حينها صار الاتحاد السوفييتي يدعم الدول العربية المعادية لإسرائيل.

وفي 1953، قطع الاتحاد السوفييتي علاقاته بإسرائيل في إثر انفجار قنبلة في مقر بعثة الاتحاد السوفييتي في دولة الاحتلال، واستؤنفت بعد أشهر من العام نفسه. وفي 1967، في عقب حرب الأيّام الستة، قطع الاتحاد السوفييتي علاقاته بإسرائيل. واستُعيدت العلاقات عام 1991، وبشهادة الدبلوماسي الإسرائيلي (آنا آزاري)، فقد بدأت المباحثات السرية بين البلدين منذ عام 1985 من خلال (غينادي تاراسوف)، وفي 1988 توجه أول وفد إسرائيلي إلى الاتحاد السوفييتي.

صفقات في سوريا

والمصالح جعلت إسرائيل تعيد النظر من جديد بعلاقاتها بروسيا وخاصة أنها عنصر نشط في سوريا التي تريد إسرائيل أن تشارك في رسم مستقبلها.

صحيفة "معاريف" كشفت مؤخرًا في تقرير لها عن المساومات التي تقوم بها إسرائيل في إطار صفقات في سوريا تضمن مصالحها.

وذكرت الصحيفة أن إسرائيل نقلت رسائل لنظام الأسد عبر طرف ثالث، أعربت خلالها عن استعدادها للحد من تدخلها في سوريا، على شكل غارات متقطعة من حين لآخر، مقابل تفاهمات تضمن منع نشر وتكريس وجود إيراني، أو تواجد لقوات تابعة لميليشيا "حزب الله" ولمليشيات شيعية، على مقربة من حدود وقف إطلاق النار، جنوبي الجولان.

وإسرائيل لكى تضمن ذلك ما عليها سوى تبادل المعلومات بينها وبين الجانب الروسي.

إسرائيل ومستقبل دمشق
كشفت دراسة بحثية عبرية عن وجود تأثير واضح لإسرائيل على الترتيبات الحاصلة حول مستقبل سوريا رغم عدم تورطها المباشر في الصراع هناك، وذلك من خلال المفاوضات التي تشهدها روسيا وإيران وتركيا وباقي العواصم.

وحسب الدراسة، التي نشرت في معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب أن التدخل الإسرائيلي في صياغة مستقبل سوريا كان حاضرًا في لقاءات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زياراته الأربع إلى موسكو منذ 2015.

وأضافت أن التدخل الإسرائيلي مستقبلًا في سوريا سيكون أكثر فعالية وأقل سرية، مشيرة لإعلان إسرائيل غير المسبوق مؤخرًا عن مسئوليتها عن قصف قافلة للأسلحة في سوريا. وهو الإعلان الذي يشير بصورة واضحة لتوجه علني لتل أبيب لرفع مستوى تدخلها في سوريا بمبرر منع تثبيت النفوذ الإيراني ورفع جاهزيتها لاستخدام قوتها العسكرية.

الحذر اليهودي

وتحاول إسرائيل أن تتوخى أقصى درجات الحذر في ما يتعلق بالقضايا المهمة لروسيا. ففي الجلسة التي عقدت منتصف 2014، والمخصصة للتصويت على قرار يدين التدخل الروسي في أوكرانيا، تلقى المندوب الإسرائيلي أمرًا بالخروج من القاعة، مغضِبًا الإدارة الأمريكية، ولم تحظ الهجمات التي يشنها القراصنة الروس على شبكات الإنترنت، واستضافة روسيا إدوارد سنويدن بأي ردات فعل من جانب إسرائيل. وعلى الرغم من سجل روسيا في ما يخص التصويت في مجلس الأمن وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة على قضايا تهم إسرائيل، التي كانت في معظمها سلبية، فإسرائيل تعاملت مع الأمر بوصفه أمرا طبيعيا.

الضغط على واشنطن
إسرائيل تريد من خلال العلاقات مع روسيا أيضًا الضغط على واشنطن من أجل تحقيق مصالحها وخاصة الدعم الأمريكي الكامل لإسرائيل في حال استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين.

ويوجد اهتمام متزايد من جانب روسيا بالصادرات الإسرائيلية. لكن المصالح بالطبع ليست متطابقة دائما، ففي الشأن الإيراني مثلا كان هناك من يأمل في أن تتفهم روسيا موقف إسرائيل، ولكن المصلحة الروسية في هذه المسألة تأثرت في المقام الأول من المنافسة الروسية الأمريكية، ولذلك ساعد الروس الإيرانيين، ولكن في الوقت نفسه يتم تبادل المعلومات الاستخباراتية فيما بين روسيا وإسرائيل حول تحركات إيران وحزب الله في سوريا حتى تضمن إسرائيل أمنها المزعوم وتحافظ على مصالحها هناك وفي الوقت نفسه حتى لا يقع صدام روسي إسرائيلي على الأراضي السورية.
الجريدة الرسمية