رئيس التحرير
عصام كامل

الحرب.. وسيمفونية الحب والكراهية


خاب أمل السوريين الذين جلسوا للاستماع إلى لقاء الرئيس بشار الأسد بمناسبة عيد الجلاء، فهو لم يقدم لهم دراما من الدم والعرق والدموع، لم يقدم سوى المزيد من الحرب، مؤكداً أنه سينتصر في هذه الحرب وأنه يخوض حرباً غير طائفية، وأن ما تناقلته وسائل الإعلام الأجنبية عن أنه "رئيس متمسك بالكرسي ويقاتل شعباً يريد منه الرحيل" هو محض كذب وافتراء.


ولكن هذا ليس صحيحاً، الأمر هو أن الدول الغربية تريد من العرب الخضوع لها، حيث قال الأسد "رأينا تدخلهم الإنساني في العراق وفي ليبيا، واليوم نراه في سوريا".

ولكن، لدى الأسد وجهة نظر، لندن وباريس وواشنطن هي عواصم تحب المنفيين، في العراق، حاولنا إقحام أحمد الجلبي، المنفي المخيف والثري، وجميعنا نعلم كم كان الاعتماد عليه مثميراً، نحاول اليوم أن نتوهم أن مقاتلي الحرية في ليبيا هم مقاتلون ملحميون، وهاهم اليوم يحكمون ممالكهم الصغيرة في بنغازي وطرابلس بعد أن تخلصوا من السفير الأمريكي، ولم يكن ذلك ممكناً بالطبع دون مساعدة ضربات الناتو الجوية ضد القذافي.

ونصل إلى "المعارضة السورية"، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار كل مهاتراتها الصبيانية وخلافاتها الحمقاء، يحق لنا أن نسأل قائدها السيد معاذ الخطيب عما يفعله بحق السماء.. هل استقال أم لم يستقل؟، وماذا عن تحالف المعارضة مع مجموعات القاعدة التي هي نفسها تلك التي تشكل مركز الجهاد في مالي؟، هل تذكرون مالي؟، لقد كانت هذه البقعة من العالم مركز الإرهاب العالمي في يناير الماضي، واليوم، يقبع مركز الإرهاب العالمي في شمال سوريا، إنهم يقاتلون "في صفوفنا" ضد الأسد الذي نكرهه، أما نحن، الغربيين الشجعان، فنحن قلقون على ما يبدو، من وقوع أسلحة بشار الكيميائية في "الأيدي الخطأ".

ولكننا ما زلنا بعيدين كل البعد عن فهم سير الأمور في الشرق الأوسط، نحن لا نفهم أولئك الذين نحبهم، أي قطر والسعودية وغيرهما من الديمقراطيات المحبة للحرية وأمريكا، كما لا نفهم أولئك الذين نكرههم، مثل سوريا وإيران، وربما العراق في المستقبل القريب في حال عدم انصياعه لأوامرنا، وربما مصر أيضاً، إلا في حال تولي الجيش أمور البلاد وإعادتها إلى أيدٍ شبيهة بيدي مبارك.

لن أنس أبداً الرائع دانيل بايبس الذي قال إن العراق الآن بحاجة إلى رجل قوي بعقلية ديمقراطية، ربما يعتبر بشار الأسد نفسه متوافقاً مع هذا الوصف.

لدينا في لندن وباريس وواشنطن عادة قديمة، نحن نعتقد أن الرؤساء الديكتاتوريين الذين لا نحبهم سيرحلون فعلاً، أو يتنحون، أو سيخسرون الحرب، عبارات متعددة نحب استخدامها، وذلك سيحدث لأننا نحن نريد لهم الرحيل، ألم يتم تدمير صدام؟، ألم تتم تصفية القذافي؟، ألم يذهب ميلوسوفيتش إلى لاهاي؟، كل هذا صحيح.. ولكن ستالين بقي في مكانه، كيم جونج أون لا يعاني من شيء أيضاً، ولكن هذا قد يعود إلى امتلاكه لأسلحة نووية، بينما إيران تسعى، أو قد لا تسعى، إلى امتلاك أسلحة شبيهة، ولذلك تبقى دوماً على قائمة المستهدفين من قبل أمريكا وإسرائيل.

هذه الحرب قد تستمر لسنة أو اثتنين أو ثلاث، ولكن انتبهوا، لن يكون النصر حليف أحد، فالقوة التي تصح المراهنة عليها هي جيش بشار الأسد، وإلى أن يتعب هذا الجيش من ضرب أعدائه، سيكون على كل رجالات الغرب ودبلوماسييها ومحلليها ومفكريها التافهين أن يبحثوا عن كرة كريستالية تتنبأ لهم بالمستقبل.

• نقلاً عن الإندبندنت...
الجريدة الرسمية