وزير الآثار.. والفضيحة!
لا شك أن الإعلان مؤخرا عن اختفاء أكثر من 32 ألف قطعة أثرية من مخازن الآثار هو فضيحة بكل المقاييس، تستوجب إخضاع هذا القطاع المهم للفحص وإعادة التقييم من قبل الدولة وأجهزتها المعنية، فهناك حالة من الإهمال لتاريخنا وآثارنا امتدت لعدة عقود، وحان الوقت للتصدي لها بحسم.
واللافت أن عمليات جرد الآثار لا تتم بصورة دورية، بل إن تحقيقا صحفيا تنشره "فيتو" هذا العدد يكشف عن حقيقة مخجلة، وهي أن أول جرد لمخازن الآثار تم عام 1995 أثناء رئاسة الدكتور عبد الحليم نور الدين لهيئة الآثار، ولم يحدث جرد جديد إلا بعدها بنحو 12 عاما أيام الدكتور زاهي حواس، أما قبل هذين التاريخين وعلى مدار عقود فإن عمليات الجرد كانت تتم على الورق فقط!
إن هذه المفاجأة الصادمة تعكس مدى غياب الرقابة على هذه الآثار في بلد يمتلك ثلث آثار العالم وربما أكثر، كما تكشف عن عمليات النهب والسرقة لتاريخ مصر تحت سمع وبصر الحكومات المتعاقبة.
وهنا لا بد من التأكيد أنه لم يعد مقبولا في عصر الثورة التكنولوجية أن يستمر تسجيل الآثار يدويا في دفاتر تأكلها الأتربة والحشرات في مخازن الوزارة المنتشرة في ربوع مصر، وبالتالي من المهم الآن أن يسارع وزير الآثار خالد العناني إلى تطبيق مشروع قاعدة البيانات الرقمية لتسجيل الآثار إلكترونيا، الذي تم إطلاقه مؤخرا بعد توقيع بروتوكول تعاون مع المهندس ياسر القاضي، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بهدف تفعيل استخدامات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الحفاظ على آثار مصر والترويج لها في الخارج.
وأتصور أن الحكومة لا بد أن تتبنى مشروعا قوميا من أجل الحفاظ على التراث المصري عموما، وفي مقدمته الآثار؛ سواء الفرعونية أو القبطية أو الإسلامية، وأن يتم تسجيل هذه الآثار إلكترونيا وعرضها للعالم مع معلومات وافية عنها من أجل إطلاع العالم على المجهول من آثارنا، الذي يمكن أن يشكل حملة ترويجية للآثار والسياحة في مصر.
وبالإمكان أن تستخدم الحكومة أموال المنح التي تأتي من عدة دول إلى وزارة الآثار من أجل إطلاق هذا المشروع، وبالطبع لا بد أن يسبق هذا الأمر تطوير العمل في القطاع الأثري، فلم يعد مقبولا أن نترك آثارنا مرتعا للإهمال والتسيب والضمائر الفاسدة.