رئيس التحرير
عصام كامل

سريحة المحروسة.. الرزق يحب الخفية «تقرير مصور»

فيتو

على باب الله راضين بكل حال.. على بابه ينطلقون منذ اللحظة التي تتعالى فيها "زقزقة" العصافير وتتسلل أشعة الشمس الذهبية في الأرجاء.. وفي قلوبهم يقين بأن "رزقهم على الرزاق".. فلا يعلمون علم اليقين حجم مكسبهم في آخر اليوم.. ولا يدركون إن كانت بضائعهم ستُباع.. فقط ينتشرون في الشوارع راضين بما سيأتي.. قانعين بما سيرزقهم به الله من حيث لا يحتسبون.. آملين أن يجعل الله لهم مخرجًا ويمنحهم من لدنه فضلًا.. وأن يحنو القدر عليهم وعلى أجسادهم التي وهنت من التعب بحفنة من الجنيهات تكفي قوت يومهم هم وذويهم.. ولسان حالهم يردد أن "الرزق يحب الخفية" و"الإيد الشغالة" على قدر تعبها "ضروري يبات صاحبها شبعان".

  

  

"الشغل مش عيب".. هكذا يؤمن "السريحة" والباعة الذين يتخذون من الشارع منفذًا لبيع بضائعهم.. فالحياة صعبة ومتطلباتها لا تنتهي.. والمسئوليات تتزايد حتى كادت أن تفوق طاقاتهم.. فيفعلون كل ما في وسعهم لضمان دخل يومي يكفي لسد حاجة من الحاجات التي لا تنتهي.. وهم يؤمنون بمبدأ "اسع يا عبد".. لذا فلا يخجلون من "أكل عيشهم" ومصدر قوتهم.

  

 

يهيمون في الشوارع يمينًا ويسارًا لساعات وساعات بحثًا عن مأوى لعرض بضاعتهم حتى وإن تورمت أقدامهم من السير على أسفلت الطرق والشوارع.. يواجهون يوميًا وعلى مدار السنة تقلبات الطقس.. فيتحملون غضب الشتاء وأمطاره وأصوات سمائه التي تبث في النفوس رعبًا.. وفي الصيف يواجهون في جلد الشمس التي تلقي بشرر أشعتها الحارقة على أجسادهم الواهنة.. وبين هذا وذاك.. لا يتوقفون يومًا عن السعي.. فـ"لقمة العيش مرة".

  

 

مناطق التجمعات عادة ما تكون وجهاتهم ومقصدهم.. والمواسم لهم "عيد".. فمزيد من الناس يعني احتمالات أكبر لزيادة في المكسب والرزق.. و"كله على الله".. وبضاعتهم متغيرة تمامًا كأماكن عرضها.. فموسم يبيع بعضهم الذرة وآخر يبيعون البطيخ وموسم آخر من نصيب التين الشوكي وغيره وغيره.. و"كله برزقه".

 

  

أعمارهم وطاقات جسدهم لم تُمثل للحظة عائقًا أمام سعيهم في سبيل أكل "لقمة العيش" بالحلال.. فالعمل في نظر بعضهم أكثر شرفًا من التسول.. وتحمل مشقة السعي في الشوارع أملًا في أن يحنو المارة عليهم، وأن تجذب بضاعتهم الأعين خير لهم من "مد الإيد".

   

 
الجريدة الرسمية