تاجر البندقية
هل تعرفون "شيلوك"؟ كتب لنا عنه شكسبير في مسرحيته "تاجر البندقية"، وملخص القصة أن شيلوك كان مرابيًا كريها، وكان هذا المُرابي يُقرض الناس بالربا الباهظ، ويضع في خزائنه الأكداس المكدسة من المال والذهب، وكان شيلوك يكره تاجرا شريفا يمارس تجارته بشرف، وإذ وقع التاجر الشريف "أنطونيو" في ضائقة مالية فاضطر إلى اللجوء لشيلوك الكريه حتى يقترض منه، وحين مد يده إلى شيلوك قال له: أنا أكرهك وأعرف أنك خبيث لا ترعوي عن إيذاء الناس، فلك أيها المرابي أن تفرض ما تشاء من فوائد ربوية على القرض مهما كانت قيمتها، ولكنني لا آبه لذلك فهناك بعض السفن ستأتي في المساء محملة ببضائع لي، ساعتئذ سأسدد لك القرض بفائدته..
ولكن شيلوك فكر في الانتقام، إنه الآن لا يريد المال، لكنه يريد التمثيل بالشريف وكأنه يمثل بالشرف كله ويمزقه تمزيقا، فكان أن أقرض التاجر الشريف "أنطونيو" بلا فائدة! لكنه اشترط عليه أن يوقع عقدا معه عند المحامي، يسمح فيه بأن يقتطع "شيلوك" من جسد "أنطونيو" رطلا من اللحم من المكان الذي يختاره ذلك المرابي الشيطان إذا لم يقم بالسداد في الميعاد المتفق عليه، ووقَّع أنطونيو البائس على العقد وهو مجبر، وكان من سوء حظه أنه لم يستطع سداد الدين في الموعد، فقد جاءته الأنباء الحزينة تخبره أن سُفنه غرقت، يالها من نكبة، أيقتطع "شيلوك" رطلا من لحم "أنطونيو" ترى هل يوافق القاضي على ذلك؟ فلنرى ما حدث فالأيام تنبئك بكل عجيبة.
جاء وقت القصاص يا أنطونيو، إذ ليس معك ما تسدد به دينك، ورفع شيلوك الشيطان قضيته أمام "الدوق" وبشيطانية لم تُجبل عليها النفس الإنسانية طلب شيلوك اقتطاع رطل اللحم ـ محل الاتفاق ـ من جسد أنطونيو، ما الذي حدث؟ عندما تأزمت القصة، وصار أمرا مقضيا أن يهلك التاجر الطيب أنطونيو لا محالة، ظهرت زوجة صديق "أنطونيو" الوفي وتنكرت في ثياب الرجال، وارتدت روب المحاماة، وترافعت عن أنطونيو، واستطاعت إنقاذه، هل تعلم ماذا فعلت؟ استفادت من ثغرة في العقد دلفت منها إلى حكم البراءة..
حيث إن العقد نص على حق شيلوك في قطع رطل اللحم، لكن لم يرد فيه حق شيلوك في إراقة دم أنطونيو، فقالت له وهي متخفية في زي المحامي: خذ رطلًا من لحمه دون أن تريق دمه وإلا عوقبت وفقا لقوانين مدينة البندقية، وستكون عقوبتك القتل ومصادرة أموالك، نظر القاضي في العقد ووجد أن الكلام الذي قالته المحامية المتنكرة صحيح، من حق شيلوك رطل اللحم، يقتطعه من جسد أنطونيو، لكنه يجب أن يقتطع اللحم دون أن يريق قطرة دم واحدة، وإلا فالعقاب الأليم ينتظره، فأسقط في يد شيلوك، ونجا أنطونيو من المؤامرة.