خنجر عمال غزل المحلة!
يواصل ما يقرب من 17 ألف عامل (للدقة عدد العمال 17 ألفًا و815 عاملا) بشركة غزل المحلة إضرابهم عن العمل، احتجاجًا – كما يزعم العمال - على تجاهل مجلس الوزراء، وأعضاء اللجنة الوزارية المشكلة من وزارة قطاع الأعمال، ووزارات القوى العاملة، والصناعة، والمالية، لمطالبهم التي تتلخص في صرف علاوة بدل الغلاء 10%، تزامنا مع الالتزام بصرف العلاوة السنوية 10%، والبدء في وضع آليات عاجلة لصرف حوافز 6 أشهر ونصف، وزيادة بدل الغذاء.
ومن المعروف تكرار اعتصام وإضراب عمال غزل المحلة بمعدل مرة أو اثنين كل عام، لكن داخل الشركة، وكانت تحل بالتراضي بين العمال والمسئولين، وفي هذه المرة كان الإضراب بنظام "اضرب في ورديتك وروَّح ارتاح في بيتك" بمعنى أن الوردية التي تعمل تضرب ثم تعود لتأتي الوردية التي خلفها فتضرب وهكذا في كافة مصانع الشركة التي تشمل ثمانية مصانع غزل، وسبعة مصانع ملابس، وأحد عشر مصنع نسيج، ومصنع صوف، وورش مصبغة، ومطبعة، بالإضافة إلى الجراج وعمال الكهرباء والمياه في الشركة، وبطريقة مرتبة وسيناريو محكم ليؤتي ثماره لمن وضع هذا السيناريو.
وفي تطور محسوب بدقة ومرسوم بعناية وغريب أيضا نقل المئات من هؤلاء العمال اعتصامهم من العنابر إلى ميدان طلعت حرب أمام مبنى مجلس إدارة الشركة، بمعنى للخروج وتهييج الشارع، وتصعيد الأزمة وعدم الرضا بأي حل ممكن، وأعلن العمال رفضهم للمنشور الرسمي الذي أعلنه المهندس حمزة أبو الفتح، المفوض العام لشركة غزل المحلة، الذي تم عرضه عقب تفاوض أعضاء مجلس النواب مع مجلس إدارة الشركة حيال أزمة الإضراب، ووضع جدولا زمنيا لتلبية مطالبهم والبدء في تدشين لجنة لتسوية الترقيات، والبدء في صرف علاوة السنوية 10%، ففي هذه المرة يرفض العمال – أو من يتحدث باسمهم – أي ترضية حتى لو أتى المسئولون لهم بلبن العصفور، مُصرين على التصعيد والتهييج، وإشراك الشارع والدخول في صدام مع الشرطة، بما يدل على خطوات السيناريو المخطط له بعناية هذه المرة وبكل دقة، مستغلين عدد العمال الضخم وأسرهم بالمحلة؛ بما يمكن من زعزعة الأمن وبدأ الشرارة التي يحلم بها الإخوان ومموليهم من المحلة.
وعند النظر في حال الشركة بعين الإنصاف نفاجأ بحقائق غريبة، فالأجور الأساسية لعمال غزل المحلة، بعيدا عن الحوافز والأجر الإضافي وبدل التغذية وبدل الانتقال وغيرها، يتراوح بين 1350 و8000 جنيه، وهو متوسط أجور أعلى من المتوسط العام الشائع في الجهاز الإداري للدولة، الذي يضم أكثر من 6 ملايين موظف، والكثير من عمال الشركة عمالة زائدة يمكن الاستغناء عنها، لكن الدولة ترفض ذلك حفاظا على الأسر والحالة الاجتماعية، ويحصل كل عامل على 45 ألفا و982 جنيهًا سنويا كمتوسط رواتب، ما يعني أن هذا الرقم يرتفع مع بعض العمال ذوي الأقدمية الطويلة ليتجاوز 100 ألف جنيه سنويا، إضافة إلى 6 شهور ونصف الشهر أرباحا سنوية لكل عامل بالشركة، بإجمالي أجور ومزايا سنوية للعمال يتجاوز 773 مليون جنيه.
والشركة مدينة بسبب الإضرابات وعدم الجدية في العمل والعمالة الزائدة... إلخ، بما بلغ 568 مليون جنيه في العام المالي الأخير وحده، وبدلا من أن يتكاتف العمال للعمل والارتقاء بالشركة لتحويلها للربح يتجهون للتخريب وإيقاف العمل والإنصات لبعض الأبواق المندسة بينهم، التي لها مصالحها الخاصة، وتحققها على حساب الإنتاج والدولة وأمنها، فالعمال يريدون رفع الأجور ومكافآت وأرباح والشركة تحقق بهم ومنهم الخسائر الضخمة ولا تريد أن تستغني عن أكثرهم وهم عمالة زائدة، وقد صاروا خنجرا في ظهر الوطن، ولا يريدون الإنصات لصوت العقل ولا حتى يريدون حل الأزمة وتنفيذ المقترحات بالزيادة المتدرجة، فأغلقوا الماكينات وأبواب العنابر، وفصلوا التيار الكهربائي ولوحات الطاقة وكل مصادرها، بما يدل على أسلوب البلطجة ولي الذراع وتحقيق رغبات من يحركونهم.
وهنا نود أن نشير إلى أن الأمر ينبغي أن يوضع في نصابه، فالشركة شركة قطاع أعمال ينبغي أن تدار بمفهوم القطاع الخاص، بمعنى أن تفرض القوانين الرادعة الملزمة للعامل بالإنتاج المحدد، ومن لا يلتزم يتم فصله فورا، ومن يلتزم ويسهم في العمل وتحقيق الربح يصرف له ما يوازي جهده وعمله، وبذلك يتحقق النجاح والتطوير للشركة والربح الناتج عن العمل الفعلي للعمال، مع النظرة الأمنية للأبواق المندسة من الإخوان والإرهابيين والفوضويين.. إلخ بين العمال.