رئيس التحرير
عصام كامل

نجيب محفوظ يكتب: التقليد الأعمى

فيتو

في مجلة الإذاعة والتليفزيون عام 1990 كتب الأديب نجيب محفوظ يقول :

بالثقة بالنفس يمكن أن نصد أنفسنا عن الآداب والفنون الأجنبية التي لا تتناسب مع أبنائنا، يجب أن نربى أولادنا على الاستقلال الفكرى وعدم الانبهار بدون سبب، فإذا كانت هناك فكرة فليفكر فيها ويمتحنها وينظر إليها نظرة نقدية، وقد ينتهى به الأمر إلى رفضها أو تعديلها أو يتخذها كما هي إذا كانت جميلة، والمقياس الوحيد في الفن هو أيهما أجمل.. وفى الفكرة أيهما أصح؟ فليس هناك أقبح من التقليد الأعمى.


إن مصر ليست فقيرة في الثقافة، ولا هي ضائعة حتى تخشى الثقافات الأخرى.. فمنذ سبعة آلاف سنة وهى تنتج الثقافة والفنون بأرقى ما يكون.. ولها شخصيتها ولها ثقافتها رغم الأزمات الطارئة التي تعيشها، لذلك يجب ألا نخشى من أي فكر أجنبى... بل أهلا به.. أتريدنى أن أرفض الصحيح لا لشيء إلا أنه جاء من خصم؟ إننى بذلك إنما أعادى نفسى.

وأنا أعتقد أنه ليس هناك عادة لحضارة أجنبية تحل محل عادة من عاداتنا إلا لسبب أنها أفيد أو أجمل، إن لنا عادات للموت في التعازى والمآتم.. وقد بدأت تتغير فلم يعد المأتم ثلاثة أيام إنما يوم واحد..وقد اقتصر البعض على تشييع الجنازة فقط والتعازى بالتلغراف.

هذا التغيير كان لاختلاف ظروف الحياة وتأثرا بطرق أجنبية في التعامل مع الموت..فما الضرر من ذلك ؟.. إن بعض العادات لا ميزة فيها إلا أنها عادة الآباء والأجداد.. لكن الوافدة قد تكون أفيد وأجمل.

ما أريد أن أقوله هو أنه في الثقافة على الإنسان أولا أن يعتز بثقافته، ثانيا أنه في اختياره من الثقافات المختلفة لا يجب أن يكون معياره في الحكم أن تلك ثقافة أجنبية في مقابل ثقافة آبائى وأجدادى.. وإنما أي الثقافتين أجمل وأيهما أفيد وأيهما أجدى.


أنا شخصيا لا مانع لدى أن تتغير بعض عاداتنا لأننا وجدنا أجمل منها في الغرب أو في الشرق.
الجريدة الرسمية