رئيس التحرير
عصام كامل

استفتاء كردستان.. إيران وتركيا في ورطة والعرب ينتظرون «تقرير»

فيتو

تزامنا مع مضي قادة إقليم كردستان في مشروعهم نحو الاستفتاء على الاستقلال من العراق في 25 سبتمبر المقبل، يدخل الشرق الأوسط مرحلة جديد بوجود دولة "الفيتو" في المنطقة وتتمثل في دولة الأكراد الأولى التي تضم أجزاء من إيران وتركيا وسوريا إلى جانب العراق.


ويعني ذلك أن هناك 4 دول بالشرق الأوسط مهددة بالتقسيم، ما ينهي خريطة "سايكس بيكو" وتضع المنطقة في واقع جدد.

حلم 100 عام
يسعى الأكراد في الاستفتاء المزمع عقده يوم 25 سبتمبر المقبل، إلى تحقيق حلم يراودهم منذ أكثر من 100 عام، منذ اتفاقية سايكس بيكو عام 1916.

وتعمل حكومة إقليم كردستان العراق، على ثلاثة مستويات لتحقيق حلم الدولة الذي يراود الأكراد، ولأجله خاضوا ثورات مسلّحة عديدة في العراق وإيران وتركيا، بوجود العامل الدولي والإقليمي الذي طالما أسهم في تمرد الأكراد على دولهم.

المستوى الأول، محاولة إقناع القوى الدولية الفاعلة بالخطوة، والثاني التواصل مع دول الإقليم، خصوصًا تركيا وإيران، التي سيكون لها القول الفصل في أي خطوة من هذا القبيل، والمستوى الثالث تحقيق الاستقلال الاقتصادي والاكتفاء الذاتي بما يؤهّل الإقليم للتحوّل إلى دولة.

ولاقت خطوة إقليم كردستان العراق معارضة كبيرة من حكومة بغداد المركزية، معتبرة أن الاستفتاء أمر "غير دستوري"، ويخلّ بالعقد الاجتماعي الذي تم التوافق عليه عام 2005، من خلال الدستور الذي تم الاستفتاء عليه في كل أنحاء العراق.

العراق
تحقيق إقليم كردستان الاستقلال عن العراق، يدخل بلاد الرافدين مرحلة جديدة من التقسيم، فلن تقف الأمور عند استقلال كردستان، بل ستؤدي إلى دولة سنية في العراق بالانبار ودولة شيعية في إقليم البصرة التاريخي، مما يشكل خطرا على إيران المهددة بالتقسيم لأكثر من دولة.

وترى حكومة إقليم كردستان أن العلاقة مع بغداد وصلت إلى مرحلة انسداد الأفق على واقع تراكم الخلافات التي بدأت بإشكاليات تصدير الإقليم للنفط عبر تركيا دون الرجوع إلى الحكومة المركزية في بغداد أو تقسيم العائد معها وفقًا للاتفاقات في هذا الشأن، مما دفع الأخيرة إلى اقتطاع رواتب الموظفين الأكراد ردًا على هذه الخطوة، ومرورًا باستمرار النزاع حول المناطق المتنازع عليها بين الطرفين والتي تتواجد فيها أغلبية كردية، وانتهاءً بمشكلات الموازنة الاتحادية وحصة الإقليم منها.

إيران
إيران أكبر الخاسرين من استقلال إقليم كردستان، صاحبة الموقف الأكثر تشددا في رفض أي استفتاءات في المنطقة حول مستقبل الأكراد.

واعتبرت طهران "أن العراق الموحد يضمن مصالح جميع أبناء الشعب العراقي من القوميات والمذاهب كافة، وأن إقليم كردستان جزءًا لا يتجزأ من الجمهورية العراقية، لكن هذا ليس خوفًا على الدولة العراقية بل تخوفا من امتداد فيروس الاستقلال إلى القوميات العرقية في إيران وفي مقدمتهم القومية الكردية.

وتتألف إيران تتألف من عدة قوميات، فارسية وأذرية، وتركمان وبلوشية وكردية وعربية، ويشكّـل الفُـرس نحو 45%، فيما تشكّـل القوميات غير الفارسية من تُـرك وكرد وعرب وبلوش والتركمان، واللور والجيلان، نحو 55% من سكان إيران.

واستقلال كردستان العراق سيمتد إلى اكردان إيران في غرب إيران، وسط وجود أنباء عن نية الإدارة الأمريكية إنشاء معسكرات تدريب لـ10 آلاف كردي من شرق كردستان إيران، لإسقاط نظام الخميني.

كما أن هناك مساعي لعرب إيران لاحياء دولة "عربستان" التي احتلها الشاه الإيراني "رضا شاه" عام 1927‏، وبرزت في الآونة الأخيرة مواقف وتحركات سياسية من قبل الأحوازيين لإعادة الشرعية لدولة الأحواز على المستويين العربي والخليجي، وخاصة على طاولة جامعة الدول العربية.

وهناك مساعي للبلوش في شرق إيران والآذر في شمال إيران للاستقلال أو الحصول على حكم ذاتي ما يهدد وحدة وتماسك الدولة الإيرانية، لذلك يعد استفتاء كردستان العراق إشارة البدء لتقسيم إيران، وحلم بتاسيس جمهوريتان في مهاباد وأذربيجان.

تركيا
منذ 2013 تشهد أنقرة صراعا بين الجيش ومسلحي حزب "العمال الكردستاني"، ما أدي لإعلان إعلان حظر التجوال ومقاتلة المئات من القوات التركية وحزب العمال الكردستان، كما يفتح استقلال كردستان العراق الباب أمام القوميات الأخري بتركيا.

ووصف رئيس الوزراء التركي بن على يلدرم خطة أكراد العراق لإجراء استفتاء على الاستقلال بأنها "غير مسئولة" مضيفا أن "المنطقة بها ما يكفي من المشكلات".

سوريا
من الدول التي سوف تتأثر كثيرا باستفتاء كردستان، حيث يعد قيام دولة كردية في كردستان العراق، تشيعًا لاكراد سوريا للمضي في تأسيس حكم ذاتي أو الانضمام إلى الدولة الكردية الوليدة في العراق، في ظل وجود حكم ذاتي لاكراد سوريا حاليا حتى لو كان غير معترف به من قبل الحكومة السورية، ما يحقق "دولة كردية" تمتد من إقليم كردستان العراق إلى الساحل السوري.

واستفتاء كردستان العراق، يمكن أن يحيي مشروع تقسيم سوريا إلى عدة دويلات، دولة للعلويين في الساحل وأخري للسنة، وثالثة للاكراد ورابعة للدروز.

الخليج العربي
استفتاء إقليم كردستان وتأثيره على الخليج العربي، ربما يكون الأقل، مقارنة بتأثيره على إيران وتركيا وسوريا والعراق، فالاستفتاء في صورته يخدم دول الخليج في تهديد استقرار إيران وتحولها من دولة متماسكة وقوية إلى حالة دفاع للبقاء، لكن فيروس التقسيم محتمل أن يضرب بعض دول الخليج في ظل وجود صدامات داخلية بين أبناء الدولة الواحدة، وخاصة في المنطقة الشرقية بالسعودية.

عرب أفريقيا
الدول العربية في الشمال الأفريقي وخاصة الجزائر والمغرب وليبيا، ستتأثر بشكل أو بآخر باستفتاء كردستان، فهناك" الامازيغ" الساعون إلى تأسيس دول خاصة بهم في شمال أفريقيا وإحياء دولة "نوميديا" البربرية، وهي دعاوي ظهرت في الجزائر والمغرب.

إسرائيل
إسرائيل ستكون أكثر الدول استفادة من استقلال إقليم كردستان، حيث أن التقسيم سيمنح الفرصة للعديد من القوميات العرقية للمطالبة بالاستقلال وبالتالي تقوى شوكة تل أبيب في المنطقة.
الجريدة الرسمية