دماء رخيصة!
عادت مشاهد الدماء والأشلاء على القضبان من جديد لتفتح ملف الدم المصري الذي يبدو أنه صار رخيصًا بعد أن عصف إهمال وخطايا المسئولين في هيئة السكك الحديدية بحياة المواطنين.
عشرات الضحايا والمصابين الأبرياء في حادث قطاري الإسكندرية منهم من أزهقت روحه ومنهم من جرح وأصيب، بينما تشير التقارير إلى نفس الأسباب والمبررات في معظم حوادث وكوارث القطارات السابقة ثم تصدر التعليمات بتعويض الضحايا ببضعة آلاف.. فما الحل؟
لماذا يأتى وزير ويرحل وزير وتبقى الأمور على ما هي عليه ؟! كيف يتغير رئيس هيئة السكك الحديدية مرارا وتكرارا ومع هذا تعود الحوادث المأساوية لتحصد أرواح المواطنين الأبرياء؟! وما سر تأخر أي خطة للتطوير رغم رصد مليارات الجنيهات من الموازنة العامة للدولة فضلا عن المنح الخارجية؟!
تبدو الأسئلة عاجزة، بلا معنى، وبلا قيمة، طالما أن الإجابات مجرد كلمات للاستهلاك المحلي ترد بها الحكومة على آلام الناس، ويلوكها الخبراء على شاشات التلفزة، ثم ينفض السامر وتعود ريما إلى عادتها القديمة مع كل حادث جديد.
وبلغة الأرقام فإن إجمالي حوادث القطارات في مصر في آخر 5 سنوات بلغ 4777 حادثة، فيما تشير إحصائية أخرى إلى أن متوسط حوادث القطارات في مصر سنويا 1406 حوادث وهو رقم مروع يحتاج إلى خطة قومية حقيقية لمواجهته من أجل وقف نزيف الدماء على القضبان وبين قطع الحديد الصلبة القاتلة.
حتى الآن لا يبدو أن الدولة ستتصدى لهذا الأمر بجد وإصرار، وليس أدل على ذلك من التصريح "المستفز" لنائب وزير المالية الدكتور محمد معيط، والذي أكد فيه أن إصلاح السكك الحديدية يفوق قدرات الوزارة، في إشارة إلى أنه لا يمكن زيادة ميزانية هيئة السكك الحديدية، ما يعني أننا في انتظار كوارث جديدة طالما بقي هذا الفشل والعجز الحكومي رغم المنح والهبات التي لا أحد يعرف أين تذهب وما أوجه إنفاقها بدقة.
وإذا كانت الحكومة تؤكد أن إصلاح السكك الحديدية يحتاج إلى 45 مليار جنيه فإنه بالإمكان اعتمادها على مراحل وليس دفعة واحدة وبالإمكان تنفيذ برامج التطوير على مراحل وتوجيه العديد من المنح للتطوير وتدريب العنصر البشري وليس للمكافآت والمزايا والعطايا أو ما يطلق عليه "كشوف البركة في السكة الحديد"، فهل تبدأ الحكومة في الإصلاح والتطوير الآن أم تنتظر عشرات الحوادث السنوية المصحوبة بنفس التقارير المتكررة عن أسبابها؟ سنرى!