رئيس التحرير
عصام كامل

السياحة تتعافى.. «يا مسهل»


كم أسعدني ذلك الخبر الذي قرأته صباح الخميس، والذي جاء به أن مصر قد حققت مفاجأة في النمو السياحي في عام 2017 بحسب تقرير نشرته صحيفة "تليجراف" البريطانية، واحتلت المرتبة الثانية بنسبة ارتفاع في معدل السياح الوافدين بلغت 51% لهذا العام.


وكشف التقرير الجديد الذي أعدته منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة عن أهم الوجهات السياحية نموا في العالم لعام 2017.. وأفاد التقرير أن بلدان مثل مصر وتونس احتلت المراتب العشرة الأوائل، ما يشير إلى قدرتها على تخطي التحديات مثل الارتداد بعد سلسلة من الهجمات الإرهابية، بالإضافة إلى المرونة في إعادة الثقة لدى السائح.. ويتوقع التقرير أن تستقبل مصر نحو 8 ملايين سائح العام الجاري مقارنة بـ 5.2 ملايين في العام الماضي.

فهذا الخبر مصدر إسعاده لي هو أن صناعة السياحة في مصر ليست شيئا ثانويا لكنها أصل جوهري في الدخل القومي فيمثل الدخل السياحي نحو 25% من إجمالي النقد الأجنبي للدخل القومي، وقد أدى انهيار ذلك القطاع عقب أحداث 25 يناير إلى تردي الأوضاع الاقتصادية في مصر بصورة غير مسبوقة فبعد أن كان مخططا للسياحة في مصر قبل أحداث يناير أن تصل إلى أن تستقبل مصر 16.5 مليون سائح، يعودن عليها بدخل لا يقل عن 14 مليار دولار.. وقد حققت صناعة السياحة في مصر معدلات نمو سنوية غير مسبوقة منذ عام 1993 وحتى عام 2000 بلغ متوسطها 12.50%، وتمثل أكثر من ضعف معدل نمو إجمالي الناتج القومي.. ولذلك كانت السياحة المصرية قاطرة التنمية الاقتصادية باعتبارها من أهم صادرات مصر.. وبلغ عدد السياح الزائرين لمصر أكثر من 9.79 ملايين سائح في 2007.

وفي سنة 2008 زار مصر 12.8 سائحا مما أدخل أكثر من 11 مليار دولار للدخل القومي وأسهم في توظيف أكثر من 12% من حجم القوة العاملة.. لكن كل ذلك توقف تماما وانهار بعد أحداث 25 يناير والاضطرابات الأمنية والهجمات الإرهابية، مما سبب خسائر فادحة لهذا القطاع ولأكثر من 2.5 مليون عامل منهم 500 ألف مثبتة ومليونان بعقود مؤقتة وعمالة موسمية، يتحملون مسئولية أكثر من 9 ملايين مواطن.. وسبب خسائر فادحة لأصحاب الفنادق والقرى السياحية والعاملين بها.

كما سبب خسائر ضخمة للمجتمع كله، حيث إن صناعة السياحة تؤثر تأثيرا مباشرا وغير مباشر على أكثر من 72 صناعة وخدمة تروج برواجها وتكسد بكسادها فبدءا من شركات الطيران والليموزين والتاكسي ومرورا بشركات الأغذية والصناعات القطنية التي تقوم بتوريد منتجاتها للفنادق وهي لا تقل عن 50 صناعة ما بين مفروشات ومأكولات ومشروبات وأثاث وصولا إلى اللحوم والخبز الذي يستهلكه السائحون خلال وجودهم في مصر، وحتى رسوم الخدمة التي يستفيد منها العاملون بالقطاعات السياحية المختلفة إضافة إلى التحف والبازارات والأسواق العادية، فالسياحة تمثل لهم مصدر رزق بصورة أو بأخرى بما يشمل نحو 30 مليونا من المواطنين.

وتعتبر صناعة السياحة من أهم الأنشطة الاقتصادية وأسرعها نموًا على مستوى العالم، فهي تمثل ما يربو على ثلث حجم تجارة الخدمات العالمية التي تعد عماد الاقتصاد الحديث في الألفية الجديدة وذلك بما توفره من مساهمات كبيرة في شتي المجالات ومناحي الحياة في عالمنا المعاصر، فضلًا عن أن السياحة العالمية قد توسعت بضعف معدل نمو الإنتاج العالمي.. لذا فإن الاهتمام بهذا القطاع الحيوي وحده يستطيع أن ينتشل مصر من أزمتها الاقتصادية ويضعها في مصاف أغنى دول العالم نظرا لتنوع أشكال السياحة في مصر من سياحة علاجية إلى دينية وترفيهية وخدمية إلخ.

ويجب في هذا المقام، من باب الاعتراف بالعمل الجاد وتشجيعه وتنميته، فنحن نكتب وهدفنا رقي الدولة، ولذلك نبصِّر المسئولين بأخطائهم حتى يتداركوها، لم نفقد الأمل ولن نفقده في ظل وجود رجال محترمين جاهدين من أجل مصر التي ستحيا دائما عزيزة قوية، والحقيقة أن الشعب يعرف مصلحته جيدا، ومن يعمل لها، ومن كان يريد ولا يزال هدم الدولة التي ستظل شامخة إن شاء الله، وسيظل واقفا حائطا صلبا خلف الرئيس السيسي والمخلصين، متحملا ضريبة الإصلاح الاقتصادي، وسترتفع مكانة هذه الدولة في السنوات القادمة بإذن الله، وإن غدا لناظره قريب.
الجريدة الرسمية