الأغنياء يشكون أكثر من الفقراء !
رغم أن الفقراء هم الأحق بالشكوى من الأوضاع المعيشية الصعبة، بعد أن بلغ معدل التضخم نحو 34%، وهو معدل كبير جدا، فإن الأعلى صوتا بالشكوى هم الأغنياء الذين رغم الغلاء لم يتخلوا عن استهلاكهم الترفى، ويدفعون الكثير الآن من الأموال للحصول على سيارات فاخرة أو فيلا في منتجع جديد، أو حلي من الذهب والماس، وينظمون أفراح أبنائهم وبناتهم في الخارج متحملين نفقات نقل المعازيم بالطائرات الخاصة.
وهذه ظاهرة اجتماعية تستحق التوقف عندها بالفحص والدراسة من قبل علماء السياسة والاجتماع أساسا.. صحيح أن هؤلاء الأغنياء تحملوا بسبب التضخم والغلاء وأيضا تخفيض دعم المحروقات والطاقة أعباء إضافية لكنهم في ذات الوقت لديهم من الدخول والمدخرات ما يكفيهم ويزيد ليس فقط للاحتفاظ بمستوى معيشتهم المرتفع، وإنما لزيادة هذا المستوى أكثر.. أي لديهم ما يكفى للاحتفاظ بإنفاقهم الترفى وزيادته أيضا.. فلماذا الشكوى إذن أصلا؟!
بل إن بعض هؤلاء الأغنياء استفادوا من هذا الغلاء الذي فاق في معدلاته بعد تعويم الجنيه تقدير من يديرون اقتصادنا، وخبراء صندوق النقد الدولى.. فهم راكموا ثروات وحققوا أرباحا إضافية كبيرة وضخمة.. أي أن دخولهم وثرواتهم زادت بما يفوق ما تحملوه من أعباء نتيجة الغلاء.. ومع ذلك يجاهرون بالشكوى وبصوت عال.
وهكذا.. ثمة احتمال يفسر لنا هذه الظاهرة ويتمثل في أن شكاوى الأغنياء تشبه قنابل الدخان التي تطلق لتجعل الرؤية صعبة.. أي لإخفاء إنفاقهم الترفى المستفز.. وأيضًا حتى لا يطالبهم أحد بأن يقوموا بمسئوليتهم الاجتماعية الوطنية ضد الفقراء.. إنهم يشكون ليتهربوا من تقديم يد العون للفقراء.