رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. حكايات شباب للهروب من مستنقع المخدرات

فيتو

الإحصائيات التي تتحدث عن المخدرات في مصر – رغم عدم دقتها- مرعبة، فالوضع يزداد سوءًا كل يوم، أصبحت المخدرات المادة التي يهرب بها الشباب من الواقع، ليهدموا مستقبلهم، فلا حاضر أو مستقبل لمن يعيش على الغياب.


ازداد الوضع سوءًا بالترويج لهذه السموم، وإن كان الترويج غير مباشر، فقلما أو ندر أن تجد عملًا دراميًا يخلو من مروج المخدرات خفيف الظل الذي ربما كان بطلًا من نجوم الصفف الأول.

حب الاستطلاع يجرف الشباب لهذا المستنقع، الذي يعد الخروج منه بمثابة المعجزة، ولكن من قال إن زمن المعجزات انتهى، فما زالت الفرصة قائمة أمام كل من دخل هذا المستنقع، فقد تعافى الكثير من هذه السموم بإرادتهم أولًا ثم بما تقدمه لهم الأجهزة المعنية.

أنشئ صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى عام 1991 بناءً على قرار رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1991 تطبيقًا لما نص عليه القانون 122 لسنة 1989 وتنطلق رسالة الصندوق وخطة العمل به من الخطة الرسمية للدولة للقضاء على مشكلة تعاطي وإدمان المخدرات في مصر، وقدم الصندوق يد العون للعديد من المتعاطين، وساعدهم في النهوض من جديد، ولم تقتصر جهوده في مساعدة مدمني المخدرات عن الإقلاع فحسب، بل يساعدهم ويديم التواصل معهم ليدمجهم في المجتمع ويجعلهم مواطنين طبيعيين من جديد.

وفي جولة لـ"فيتو" على فعاليات صندوق مكافحة وعلاج الإدمان كان لنا لقاءات مع بعض المتعافين الذين فضلوا الحياة النظيفة على مستنقع المخدرات، واستمروا في متابعة الفعاليات التي ينظمها الصندوق، وكان آخرها بطولة "أنت أقوى من المخدرات" التي شارك فيها الفنان محمد رمضان والمطرب أحمد جمال، وعلق عليها الكابتن أحمد شوبير، وسلمت غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعى، الكأس للفائز.. وحكى لنا بعض المتعافين قصصهم مع الإدمان وكذلك رسالتهم إلى كل متعاطي.

"اتعرفت على ناس مية مية، ناس احسن من اللي كنت اعرفها أيام الإدمان" صاحب هذه الكلمات هو "يوسف محمد" صعيدي في ريعان الشباب، من محافظة المنيا، تسببت المخدرات في فقده دراسته، بعدما كان في الصف الثالث من الثانوية العامة، فالصحبة الفاسدة جعلت منه فأر تجارب للسموم وتطور به الأمر إلى إدمانها 3 سنوات كاملة.

وأضاف يوسف: "لما كان بيبقى معايا عشرة جنيه كنت بفكر هجيب المخدرات ازاي" فقد كان كل همه كيف يوفر ثمن المواد المخدرة ومن أين يأتي بها، وتبدل به الحال بعدما ساعدته أسرته على الإقلاع واتصلت الأسرة بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان ليبدأ يوسف رحلته مع العلاج ويتعافى , قائلا: "قدرت اغير من سلوكي ومن اخلاقي بعد ما اتعافيت الحمد لله اصبحت إنسان كويس والناس بتشجعني".

ووجه يوسف رسالة لمتعاطين المخدرات قائلا فيها: "أنا المخدرات بهدلت حياتي، يا ريت تتعافوا وتبقوا معانا في الأماكن المحترمة دي ومع ناس محترمة أحسن من صحبة المخدرات.. طول ما انا مدمن وانا بخسر نفسي وفلوسي وناسي".

أما عن حياته بعد الإقلاع عن التدخين فيقول " أنا دلوقتي شغال في مشروع مع اخويا وحياتي اترتبت عن الأول، وبطلت حتى السجاير وبجيب فاكهة وأنا مروح"، فيوسف لازال شابًا في مقتبل العمر استطاع أن ينقذ ما تبقى من حياته في بيئة آمنة وبعيدة عن المخدرات.

"أنا متعافي من سنتين و35 يوم" هذا هو "أحمد مؤمن" 33 عاما، من متعافيّ مستشفى الخانكة، يعدّ أيام شفائه باليوم، ويفخر بها ويعتبرها البداية الحقيقية لحياته النظيفة، وفي روايته لنا عن كيفية دخول هذا العالم الملوث، قال أحمد:"بدايتي مع المخدرات بدأت بالبيئة اللي أنا كنت موجود فيها، كانت المدرسة بتاعتي حواليها زراعة، وطبعا المستخبي دا بيتعمل فيه اللي انت عاوزه، فكنت بشرب في المدرسة وأروح البيت عادي" هكذا برر تعاطيه، بأن البيئة كانت ملائمة وبالطبع الأصدقاء أعانوه، والأهل كانوا في غفلة، ذلك السيناريو الذي يتكرر يوميًا وقلما تلتفت إليه الأسر، فأسرة أحمد تأخرت كثيرًا في معالجة الوضع، وطال هذا التأخر ليصل إلى 13 عاما من تعاطي المخدرات، ثم جاء القرار الذي عدّ الأيام من بعده باليوم، إذ يقول: "قررت أن انا لازم أبطل لما مبقاش في أمل في الحياة، الحياة بقت مخدرات وخلاص ومفيش أي اهتمام بالبيت ولا بأولادي ولا بأي شيء".

فقد كان أولاده "محمد ورنا" هما الدافع الأقوى لأحمد كي يُقلع عن المخدرات، أما المساعد والمحفز فقد كانت والدته. وعن الفرق الذي شعر به في حياته الجديدة الخالية من المخدرات كانت الصحبة هي الفرق الأكثر تأثيرًا، إذ يقول: "في فرق كبير بين الناس النضيفة اللي أعرفها دلوقتي، والناس بتاعة مخدرات، كانت قعدتي كلها مع ناس بتوع مخدرات، لكن دلوقتي بقعد مع أخصائي ودكتور وناس نضيفة وناس متعلمة، بقى عندي لباقة في الكلام، أنا الأول مكنتش بعرف أتكلم كدا، كنت بتكلم كلام شوارع".

أحمد الآن يحيا حياة كريمة، ويعمل لحاما ويتعامل مع أشخاص أكثر رقيًا وتعلمًا، يعمل على جعل أولاده يفتخرون بأبيهم، ويوجه آخر رسالة له لمتعاطيّ المخدرات يقول فيها عن تجربته المريرة التي دامت ثلاث عشرة سنة، وعن حياة نظيفة يعدها باليوم دامت سنتين و35 يومًا: "آخرة المخدرات يا السجن يا الموت يا الجنان ومتجربوش".
الجريدة الرسمية