الاحتياطي 36 مليار دولار.. وأريد سندويتش فول وحجر معسل
*أعترف أنني سعدت أيما سعادة عندما قرأت خبر وصول الاحتياطي النقدي إلى 36 مليار دولار، بيد أنني حينما تابعت ردود الأفعال واحتفاء مقدمي برامج التوك شو بالفضائيات المصرية بالخبر على طريقة "يا ساتر استر من دخول الحارة يا حارة وحشة والنسوان قَرَّارة"، راودني هاجس غير مريح اقتطع من فرحتي مساحة كبيرة، وتسلل الفأر إلى صدري وبدأ العبث على راحته، بينما أنا في حيرة شديدة بعد أن قرأت واستمعت لخبراء مصريين في الاقتصاد يشار لهم بالبنان وهم يتناولون بالشرح والتحليل مكونات رقم الاحتياطي الدولاري، إذ أجمعوا على أن المكون هو من الاقتراض من عدة جهات مثل صندوق النقد والبنك الدولي وسندات دولارية ومبالغ من بعض الأشقاء العرب الله يسترها معاهم..
أسمع الآن من يواجهني بقرف شديد، قائلا: وأنت مالك يا بارد يا حقود.. ديون غير ديون المهم أن الـ36 مليار دولار منورة في البنك المركزي.. حسنا يا عزيزي أنا أحترم وجهة نظرك بالتأكيد.. غير أن توجسي مبني على أن الاحتياطي الدولاري الكبير ليس من عوائد إنتاج حقيقية أو استثمارات على الأرض وفي هذه الحالة لنا أن نكون في منتهى السعادة لأن المبلغ من عرق جبينك وجبيني وجبين كل المصريين ومن ثم لن نتعرض لأخطار المطالبة بالسداد بجانب فوائد الديون التراكمية التي ربما تفضي إلى الحجز على عفش البلد!.. أضف إلى ذلك أن المصري لا يهمه قراءة الأرقام بقدر ما يهمه أن ينعكس ذلك بالإيجاب على سندويتش الفول وكوب الشاي وحجر المعسل ودواء سعره في المتناول.
على أي حال أبادر بالإعلان عن فرحتي بارتفاع الاحتياطي الدولاري على الأقل بما يسمح بضبط سوق العملة وكبح جماح الدولار عند اللزوم.
والآن دعوني أدعوكم إلى زيارة لخزينة البنك المركزي على سبيل رفع المعنويات بالفرجة.. وإن كنت أقترح تخصيص أيام والسماح للسادة نواب الشعب بالنيابة عن الشعب الذين يمثلونه أن يخصصوا أياما للطواف حول خزنة البنك المركزي والتماس البركة بلمسها ولا بأس من لحسها لرفع الإحساس بالشبَع منها.
الآن أضحك لأن الذاكرة المشاغبة استدعت ما كتبته ذات مرة عن الطبيب الأمريكي "بلاك آرثر" الذي توصل إلى علاج السمنة وخفض الوزن عن طريق "شَم الطعام".. إذ توصل إلى حقيقة علمية مفادها أن شم الطعام يحفز الغدد المسئولة عن إفراز ما يجعل الإنسان يشعر بالشبع، فيعيش إحساسا من أكل وشبع بالفعل.
أي إن شَم اللحمة يشعرك ببلوغ غايتك منها بعد أن تشعر بالشبع من رائحتها.. وهكذا الحال بالنسبة لشَم الفراخ والسمك والرومي والهوت دوج.. أي بمقدورك الاستمتاع مجانا بما لذ وطاب من الطعام الذي طالما غنيت له رأيت خياله في المنام محلاه يا وعدي.
وقياسا على نظرية المقدِّس آرثر فإن الجائزة الكبرى التي سوف تحصدها الحكومة.. هي أنها ستوفر للميزانية مليارات الجنيهات التي يتقاضاها الموظفون والعمال.. إذ يكفي أن يتوجه الموظف كل أول شهر إلى الصراف.. يشم الخزنة ويروَّح.
وبناءً عليه أطالب الحكومة بأن توفر للمواطنين سبل الطواف حول البنك المركزي ومن يستطيع لحس جدرانه فليفعل.. عندها سيشعر الشعب بالـ36 مليار دولار ويشبع منها.