رئيس التحرير
عصام كامل

حافظ أبو سعدة: أطالب بإنشاء وزارة لحقوق الإنسان في مصر

فيتو



حافظ أبو سعدة:
  • الدستور يكفل حق التعويض عن الحبس الإحتياطى 
  • يجب تفعيل الإفراج الصحى عن السجناء المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة 
  • أتحفظ على بندين من القانون الجديد المنظم لحقوق الإنسان 

صلاح سلام:
  • لا نمانع في مراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات لـ "قومى حقوق الإنسان"
  • داعش تستغل مواقع التواصل الاجتماعي في تجنيد الشباب

أدارت الندوة: إيمان مأمون – منى عبيد
أعدها للنشر: محمود محمدى
تصوير: ريمون وجيه

ملفات شائكة وأزمات وتحديات تواجهها الدولة المصرية ولاسيما أنها تخوض حربا غير متكافئة في مواجهة قوى الظلام، تؤثر إلى حد كبير على سجل حقوق الإنسان في مصر، أوقات عصيبة تعيشها الدولة في محاربة الإرهاب تتراجع معها الحريات ويتعاظم دور الأمن، ويصبح الحديث عن حقوق الإنسان شيئا من الرفاهية حينها يصبح الأمر معقدا، فتحقيق المعادلة بين تحقيق الأمن والأمان وتمتع المواطنين بقدر معقول من الحريات هو ما تعكف المجالس الوطنية لحقوق الإنسان على تحقيقه، داخل الإطار المؤسسي التي تحدده الدولة المصرية.

في هذا الصدد كشف كل من الدكتور حافظ أبوسعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان والدكتور صلاح سلام، رئيس لجنة الحقوق الصحية والإنجابية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، لصالون «فيتو» عن عدد من القضايا والملفات الحساسة المتعلقة بالحلول المجتمعية لمكافحة الإرهاب، والأوضاع داخل السجون، والقانون المنظم لعمل قومي لحقوق الإنسان، وصورة الدولة المصرية في الخارج، الحوار على النحو التالي.

* في مصر محبوسون احتياطيا بدون أي محاكمة منذ 3 و4 سنوات.. لماذا لم تتدخلوا كمجلس حقوق إنسان للمطالبة بتقديمهم للمحاكمة أو إخراجهم؟
حافظ أبو سعدة : لا بد من وضع إستراتيجية جديدة حيال الحبس الاحتياطي، كذلك لابد من استخدام بدائل للحبس الاحتياطي، وهو ما نص عليه القانون، لتقليل الضغط على أقسام الشرطة، فبدلا من بناء أقسام وسجون جديدة، من الممكن استبدال الحبس الاحتياطي بغرامات، والتي من شأنها تقليل الأعداد داخل مقار الاحتجاز كذلك يمكن أن يتواجد وكيل نيابة في أماكن الاحتجاز ليسهل أمر عرض المتهم على النيابة وتسريع وتيرة التحقيقات فهناك من ينتظر أسابيع في أماكن الاحتجاز مما يؤدى إلى التكدس الرهيب بداخلها وهناك مئات من سجناء الرأى محبوسون احتياطيا منذ سنوات دون أسباب موضوعية وهذا أمر خطير لابد من إيجاد بدائل له.

* طالبتم بصرف تعويضات للمتضررين من الإرهاب.. في حين إن هناك من تعرض للحبس مدة 5 سنوات ما يعني تجاوزهم مدة الحبس الاحتياطي وفي حالة حصولهم على براءة من المحكمة لا يتم تعويضهم عن سنوات السجن؟

المجلس القومي قبل التعديل الأخير للدستور كان لديه مقترح محدد بالتعويض للمواطنين عن الأخطاء القضائية، وكان الدستور القديم يمنع هذا الأمر، أما "الدستور الحالي فيشمل حق التعويض عن الحبس الاحتياطي"، وهناك نص دستوري صريح بهذا الحق للمواطنين، وأي شخص يحبس احتياطيًا بدون أن يكون هناك توجيه اتهام له أو يتم محاكمته أو تجاوز مدة الحبس الاحتياطي يحق له رفع دعوى في المحاكم المدنية، وهذا القانون غير مفعل حاليًا؛ لأن الحكومة لم تدشن القانون الذي يسمح بتنفيذ النص الدستوري وأرى أنه على أي شخص حبس احتياطيًا بدون سبب أو بأسباب ثبت عدم صحتها، يستطيع أن يرفع دعوة مباشرة أمام محكمة مدنية ويطالب بالتعويض استنادًا للنص الدستوري، ويجب التوضيح أن هناك نوعين من المواد في الدستور، النوع الأول وهي مواد قابلة للتطبيق المباشر منها هذه المادة، وهناك مواد غير قابلة للتطبيق المباشر مثل مادة "حق إنشاء الجمعيات وفقًا للقانون"، والقانون المدني ينظم مسألة حقوق المواطنين في حالة وقوع ضرر عليهم من الدولة.

* ما العراقيل أمام تفعيل الإفراج الصحي للسجناء خاصة المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة؟
حافظ أبوسعدة: لدينا مطلب وحيد في هذا الصدد وهو السماح للسجناء المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة للعلاج خارج السجن وهذا المطلب في صالح الدولة حتى لا تتحمل تكلفة علاجهم، وهذا ما طالبنا به كمجلس قومي لحقوق الإنسان في حالة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وهو ينطبق الآن أيضا على محمد مهدي عاكف، المرشد السابق لجماعة الإخوان، والمستشار محمود الخضيري، ومن الممكن أن يتم علاجهم في مستشفى خاص، أو يظلوا في منازلهم تحت الإقامة الجبرية، وهذا يتطلب تعديل قرار من النائب العام، لأن تنفيذ العقوبة تحت إشرافه أما تفعيل الإفراج الصحي، فيستلزم قرار من النائب العام الذي يتم عقب تقرير مقدم من طاقم طبي،يتبع قواعد طبية بحتة، يجعل من الصعوبة إصدار قرار بالإفراج الطبي عن سجين، ولكن أود أن أشير على ضرورة التعامل بمرونة مع السجناء، وأن تتعامل الدولة بأخلاق مع خصومها، ولاسيما أن الدولة تطبق القانون ولا تقع في خصومة مع أشخاص، فربما لا يعرض بالفعل السجين لتعذيب ولكن ربما يموت لعدم تلقيه العلاج.

* قصص كثيرة عن اختفاء قسري للعشرات وقصص أخرى عن قتل مختفين قسريا.. أين المجلس؟ هل حققتم في هذه القضايا والشكاوى؟
حافظ أبو سعدة: عدد المختفين قسريا حتى الآن 340 حالة تم الإبلاغ عن اختفائها وبعد التواصل مع وزارة الداخلية تم الكشف عن مصير 240 حالة واتضح وجودهم داخل السجون مقبوض عليهم ومحبوسين وتتم محاكمتهم دون معرفة ذويهم، بجانب الكشف على عدد آخر سافروا خارج البلاد كالسودان وبعضهم انضم لداعش وآخرين لم يعرف مصيرهم بعد.

*هل يمكن القول إن هناك فجوة بينكم وبين مجلس النواب وأن المجلس لا يهتم بتقاريركم أو لا يقرأها من الأصل وإلى أين وصل الخلاف حول القانون الجديد لحقوق الإنسان؟
حافظ أبو سعدة: لا يوجد فجوة أو خلاف بالمعنى المفهوم ولكن لدينا مادتين خلافيتين في القانون وأبقى عليهما البرلمان، أولهما السماح لأعضاء المجلس بزيارة السجون بالإخطار وهو ما رفضه البرلمان، والثانية موافقة ثلثي البرلمان على المنح المقدمة من جهات خارجية للمجلس، وهذه المادة ربما تؤثر على التعاون الدولي المصري، وربما يستغلها البعض أيضا، لتخفيض تصنيف المجلس دوليا، ولا سيما أنه مجلس مستقل عن السلطات الثلاث في الدولة المصرية، ولا يتبع البرلمان إلا في الأمور الإدارية المتعلقة بتعيين الأعضاء، كبديل لمجلس الشورى، ورغم ذلك القانون مُرضٍ بنسبة ٩٥٪ وعلى المجلس في تشكيله الجديد، أن يناضل مع اللجنة التنسيقية بتعديل هاتين المادتين.

صلاح سلام: القانون مناسب ولكن كان من الأفضل، أن يقتصر موافقة البرلمان على المنح الخارجية، على اللجنة العامة وهيئة المكتب، وليس ثلثي البرلمان تسهيلا لعمل المجلس ولا سيما أنه يقوم بتوعية لأهمية حقوق الإنسان.

* وماذا عن مراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات على ميزانية قومي حقوق الإنسان؟
حافظ أبوسعدة: لا نجد تعارضا بين إشراف الجهاز المركزي للمحاسبات على ميزانية قومي حقوق الإنسان واستقلاليته، ولاسيما أنه أصبح كيانا مستقلا عن الحكومة بموجب دستور ٢٠١٤، والجهاز هو الجهة المنوطة لتدقيق النفقات الخاصة بالدولة، وأي نفقات تخرج من موازنة العامة للدولة من حق الجهاز المراقبة عليها قولا واحدًا.

صلاح سلام: لا غضاضة في مراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات طالما أصبح جهاز مستقل، إلى جانب مراجع الحسابات الخاص بالمجلس، فنحن لسنا لدينا ما نخشاه.

* هل توافقا على إنشاء وزارة لحقوق الإنسان وما مدى أهميتها؟
حافظ أبوسعدة: نعم، مصر بحاجة إلى جهة اختصاص في ملف حقوق الإنسان، يكون لها دور تنفيذي لمتابعة تقارير المجلس القومي لحقوق الإنسان، وكذلك التوصيات والمقترحات وشكاوى المرسلة إلى المجلس من خلال المواطنين، ومتابعة البت فيها، والرد خلال فترة محددة لتكون بمثابة همزة الوصل بين المجلس والحكومة، وحينها تخرج منظمات حقوق الإنسان من تحت عباءة وزارة التضامن الاجتماعي، لتتبع وزارة حقوق الإنسان.

* البرلمان الألماني شرع بوجود عقوبة وصلت لـ 50 مليون يورو للمحرضين على العنف على مواقع السوشيال ميديا.. هل من الممكن أن تنتقل تلك المسألة إلى مصر خاصة أن داعش تستغل وسائل التواصل الاجتماعي في تجنيد الشباب؟
صلاح سلام: داعش تستغل مواقع التواصل الاجتماعي في تجنيد الشباب، وبالفعل لها مقرات في سوريا والعراق وشمال أفريقيا والسودان أيضًا، وبعض المختفين قصريًا سافرو من مصر للسودان للانضمام لداعش، والمخابرات المصرية رصدتهم وصورتهم، وهناك شركات سياحية تنقلهم من السودان إلى ليبيا، وبعضهم يستقر هناك وآخرون ينتقلون من ليبيا إلى سيناء عن طريق البحر، والغريب في الأمر أنهم ضمن قائمة المختفين قسريًا.

* دكتور صلاح سلام بصفتك من أهل سيناء ما تقييمك لتعامل الدولة مع ملف سيناء؟
هناك شعرة معاوية بين الأمن وحقوق الإنسان، فمن أجل تحقيق الأمن يجب أن يكون هناك حقوق إنسان، وحقوق الإنسان لا تتحقق إلا بوجود الأمن، وسيناء كل يوم تشهد انفجارات، ولا نستطيع توفير حياة آمنة للمدنيين هناك، والجيش يضع كمائن ثابتة ومتحركة تعيق حركة التجارة ولكن بسبب وجود الإرهابيين،تم تجريف مزارع الزيتون لأنها تعطل حركة الجيش على الطرق الرئيسية والقوات المسلحة تحاول ضرب الإرهابيين، وقد تصيب الأبرياء أثناء المطاردة، والإرهابيون يضربون بشكل عشوائي فقد تصيب الطلقات والصواريخ المدنيين أيضًا، وبالقطع الناس متضررين ومصالحهم أغلقت ولكن بسبب وجود عمليات إرهابية في هذه المنطقة، وهؤلاء المواطنين ليس لهم ذنب أن تتواجد هذه العمليات بجوار منازلهم، فالإرهابيون هم الذين اختارو سيناء لتكون مأوى لهم وذلك بسبب تفريغ سيناء طوال السنوات الماضية، ولا يوجد فيها تنمية، وبعد اتفاقية كامب ديفيد كان الذي يحرس الحدود 214 كيلو مترا و700 جندي فقط وتسليحهم خفيف، وبعد ثورة 25 يناير حدثت السيولة الأمنية، مما سمح لكل المطاريد من مصر وخارج مصر أن يتجمعاو في سيناء لأنها أرض خالية.
* ما دور البدو في مواجهة الجيش للإرهابيين ؟
"سلام": مساحة شمال سيناء قرابة 61 ألف كيلو متر مربع، وعدد السكان في سيناء شمالًا وجنوبًا 480 ألف نسمة، فمن المستحيل أن يغطوا كل تلك المساحة، وأهالي سيناء قدمو 580 ضحية بسبب العمليات الإرهابية هناك، ودائمًا ما نتهم أهالي سيناء بالتخوين، وهذا الأمر منذ حرب 1967، وتلك الظاهرة ظهرت مرة أخرى بسبب العمليات الإرهابية في سيناء، وهناك دائمًا نظرة سيئة لأهالي سيناء بأنهم تجار مخدرات.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
الجريدة الرسمية