رئيس التحرير
عصام كامل

خبراء يضعون روشتة لمواجهة مافيا «تهريب المساجين».. 15 سجينا يهربون من قوات تأمين السجون والترحيلات.. الداخلية: حوادث فردية ونتصدى لها بعقوبات رادعة.. حفظى: أصحاب النفوس الضعيفة وراء الهروب

وزارة الداخلية
وزارة الداخلية

جاءت وقائع هروب ٥ سجناء من بنى سويف و٤ من قسم شرطة أجا بالدقهلية، ومتهمين في قضية «ولاية داعش الصعيد» وغيرها من الوقائع لتؤكد إصرار العناصر الإجرامية على الهروب من السجون وأماكن الاحتجاز من خلال ابتكار طرق جديدة للهرب أو من خلال تلقى مساعدة من آخرين، واستغلالا لبعض الثغرات البسيطة في إجراءات التأمين.


محقق «فيتو» في السطور التالية يكشف أبرز طرق الهروب، وأهم إجراءات تأمين السجون ورؤية خبراء الأمن في التعامل مع هذا الأمر، مع إلغاء الضوء على أبرز وقائع الهروب وأشهر الهاربين.


جسدت السينما المصرية عشرات الطرق للهروب من السجون، فهى جزء من حقائق لا يعرفها الكثيرون عن ثغرات تأمين ترحيلات السجناء أو أماكن الاحتجاز بالأقسام أو السجون العمومية، فمعرفة المسجون الأخطاء الأمنية واستخدامها في الهروب ليس صعبا إلا على أصحاب الجرائم لأول مرة، فهناك كتب تباع عن حيل الهروب من السجون، أو بضغطة زر على شبكة الإنترنت تحصل على طرق كثيرة، وكذلك متابعة الأفلام المصرية والأجنبية تكشف طرقا كثيرة من بينها الفيلم الأمريكى الأشهر “Escape Plan” خطة هروب”، للنجم سيلفستر ستالون، وسار على نهجها بعض المجرمين في البلاد، وتمكنوا من الهروب دون ضبطهم، واتخاذ الجبال والبؤر الإجرامية مأوى لهم.


الطريقة الثانية: أيضا استخدام سيارة نقل الخضراوات الطريق المضمون للهروب، حيث يقوم بعض المتعهدين من التجار بنقل البضائع والخضراوات إلى السجون عن طريق الأبواب الخلفية، فيتفق أحد أقارب السجين مع سائق السيارة النقل أو المتعهد بالسماح بتسهيل هروب متهم داخل السيارة وتخبئته مثلما فعل سجين برج العرب 28 مايو 2016، وذلك على طريقة “فيلم اللى بالى بالك” بطولة الفنان محمد سعد أثناء الهروب من السجن.


الطريقة الثالثة: طلب متهم أثناء تواجده داخل محكمة من حارسه، دخول الحمام في مكان جيد مقابل 50 جنيها ثم يقوم بمغافلة الحارس أو وضع مخدر داخل علبة عصير يقدمها أحد أقارب المتهم للحراس الذي بحوزته الأصفاد لتقييد اليدين، ثم يهرب مثل واقعة هروب متهمة من أمين شرطة وخفير خلال العرض على محكمة بالإسماعيلية 20 أبريل 2016.


الطريقة الرابعة: الهروب من المستشفى، عن طريق الادعاء بالمرض، ثم الذهاب إلى مستشفى، وهناك يجرى البحث عن بالطو أبيض يخص طبيبا ويتم ارتداؤه ثم وضع اليدين داخل الملابس لإخفاء الأصفاد الحديدية والخروج من المستشفى، والذهاب إلى أي مكان يريد، دون أن تدرك قوة التأمين حراسته، مثل هروب أحمد الصعيدى، عضو كتائب حلوان الإرهابية من مستشفى المنيل، أو طريق آخر بادعاء سيدة قيام حارس الشرطة بالتحرش بها ليجتمع المواطنون وتحدث مشاجرة تنتهى بهروب السجين.


الطريقة الخامسة: إنقاص الوزن، بالامتناع عن الطعام لمدة طويلة حتى يصل جسم الإنسان إلى أصغر حجم ممكن، ليتمكن من وضع نفسه داخل حقيبة ويغلقها عليه أصدقاؤه في السجن، ثم يقومون بإلقائه داخل مقلب القمامة لتقوم السيارة المخخصة بحمله خارج السجن مثلما فعل “خُط بنها”، أحد المسجونين بسجن طوخ المركزى الذي هرب داخل حقيبة بمساعدة اثنين من أصدقائه في 14 أبريل 2014.


الطريقة السادسة: النقاب.. وتتلخص في قيام 3 سيدات بزيارة السجين ويحضرن معهن نقابا كاملا، ويقوم المحبوس بارتدائه بعد أن يحطن به لتأمينه وحتى لا يراه الحراس، ثم عندما يعلن موعد انتهاء الزيارة وعودة السجناء إلى العنابر، يغادر معهم ويخرج من أبواب السجن، وذلك مثلما فعل أخطر العناصر الإرهابية في سجن بلبيس بمحاولة الهروب مرتديا النقاب، إلا أن حظه العاثر اصطدم بمأمور السجن أثناء الخروج، فكشف هويته، وذلك في 18 فبراير 2016.


أشهر الهاربين
كانت واقعة هروب محمد الأسوانى، القيادى بحركة الجهاد عام 1988، بالاشتراك مع زملائه على طريقة الفيلم الأمريكى “الهروب الكبير”، واحدة من أذكى طرق الهروب من داخل السجون.


أيضا هرب سجناء سجن وادى النطرون إبان ثورة 25 يناير 2011 من بينهم الرئيس المعزول محمد مرسي و50 من قيادات جماعة الإخوان، وهروب 1500 سجين من أبو زعبل في ذلك الوقت، وهروب 5 سجناء من سجن المستقبل، من بينهم عنصر تكفيرى شديد الخطورة، وقد تم إحباط باقى عمليات الهروب الجماعى، مما أسفر عن استشهاد ضابط وإصابة آخرين.


كما أحبطت محاولة هروب أخطر إرهابى، وهو عادل حبارة، منفذ مذبحة رفح الثانية، ومحاولة هروب ياسر الحمبولي، “خط الصعيد” من داخل سجن قنا العمومى بعدما افتعل مشاجرة وتحريض السجناء على الهرب أثناء فترة التريض التي يخرج فيها السجناء من عنابر السجن.


تقرير رقابى
وكشف تقرير رقابى عن تورط بعض رجال الشرطة في تهريب بعض السجناء مقابل مبالغ مالية، وكذا هروب محبوسين نتيجة الإهمال والتقصير في المهام الوظيفية الموكلة إليهم.


وطالب التقرير الذي تم عرضه على وزير الداخلية اللواء مجدى عبد الغفار، بإحالة كل العناصر المقصرة والفاسدة إلى جهات التحقيق المختصة بالوزارة، تزامنًا مع التحقيقات التي تجريها النيابة العامة لاتخاذ اللازم ومعاقبة المقصر.


من جانبه، أمر اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية، بفتح تحقيقات في أي واقعة إخلال بالواجبات الوظيفية أو الإضرار بجهة العمل من قبل أي شرطى، وشدد وزير الداخلية على مساعديه والقيادات الأمنية، على أنه لا تستر على أي عنصر يضر بالمؤسسة الأمنية.


الجدير بالذكر، أن قطاع التفتيش والرقابة يجرى تحقيقات مع بعض رجال الشرطة في وقائع تقاضى رشاوى وإهمال تسبب في هروب متهمين، وثبت من التحقيقات صحة الوقائع وتورط فاسدين في هروب المحبوسين، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية تجاههم وإيقافهم عن العمل، وإحالتهم إلى النيابة العامة، فيما تم إعادة بعض الضباط إلى أعمالهم بعدما أثبتت التحقيقات عدم ارتكابهم أي مخالفة.


خبراء أمن
من جانبه، قال اللواء محسن السرساوي، مدير المنطقة المركزية للسجون بطرة الأسبق: لابد من رفع كفاءة تدريب الأفراد والضباط القائمين على عمليات التأمين داخل السجون وخارجها، والمسئولين بالدوريات الأمنية المرافقة لسيارات الترحيلات على دورات تدربيبة عالية، عن طرق التأمين وكيفية التعامل مع أي حالة طارئة، مضيفًا أن طرق تأمين السجناء داخل السجون وطرق ترحيلهم لابد أن تتم بشكل فعال وفقا للخطط الأمنية، دون ثغرات تساعد في هروب المحبوسين.


وأشار إلى ضرورة تقنين أوضاع السجناء داخل السجون وإعادة الهيكلة من جديد، عبر تفعيل سجن الاستقبال بطرة الذي أنشئ عام 1981م، والذي كان الغرض من إنشائه استقبال المحكوم عليهم عامة من الجهات القضائية وإجراء الأبحاث الصحية والاجتماعية والنفسية لهم، ومنها يتم وضع البرنامج العقابى بهدف إصلاحه وتقويمه، وبناء عليه يتم توجيه المسجون للسجن المناسب، ومنع وضع العناصر الأشقياء مع بعضهم لإفشال تفكير الهروب.


وأوضح أن عمليات الهروب المتكررة من السجون العمومية يمكن التصدى لها من خلال ترحيل جميع السجناء الذين يصدر ضدهم أحكام نهائية للسجون المركزية؛ مما يساعد على تخفيف العبء داخل السجون الفرعية، ويجعل سيطرة قوات التأمين محكمة، بالإضافة إلى ضرورة وضع خطط احترازية، بجانب الخطط المتبعة عند نقل المساجين من أماكن محاكمتهم لحين عودتهم للسجون عبر سيارات الترحيلات، حتى تتمكن قوات التأمين من ملاحقة سيارات الترحيلات.


مع ضرورة إنشاء غرفة عمليات متطورة تربط بين قوات تأمين السجناء وقوات الانتشار السريع والخدمات المرورية المتواجدة على الطرق التي تسلكها سيارت الترحيلات.


وقال اللواء محمود يسري، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن سابقًا: إن عمليات هروب السجناء من الأقسام الشرطية يمكن معالجتها من خلال ترحيل كل السجناء المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا للسجون العمومية، ولا يترك بالأقسام إلا المرحلين للنيابة العامة من المتهمين في قضايا مشاجرات أو مرتكبى المخالفات الاعتيادية من المحكوم عليهم بغرامات بسيطة.


وأكد مساعد أول وزير الداخلية لـ”فيتو”، أن زيادة أعداد المحبوسين داخل أماكن الاحتجاز الشرطية أمر مزعج للغاية، مضيفًا أن البنية الأساسية الهشة لبعض المواقع الشرطية وخاصة بمحافظات الصعيد تسهل هروب المحبوسين عبر كسر النوافذ والحوائط.


التدقيق في عمليات التفتيش
وأشار اللواء محمود يسرى إلى أن الإهمال في عمليات التفتيش الدوري، وتشديد الإجراءات في فحص الزيارات للسجناء يفتح الثغرات أمام المحبوسين لمحاولة الهروب، مثل نقل أداة حادة أو مادة تساعد على الاشتعال داخل الحجز للهروب، مدللًا بواقعة إشعال السجناء لحريق داخل حجز قسمى البدرشين ومصر القديمة، للهروب ولكن القوات أحبطت المحاولتين.


من جانبه، ألمح اللواء محسن حفظي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إلى وجود أصحاب النفوس الضعيفة بين صفوف قوات تأمين السجون ومنهم من يساعد في تهريب المتهم مقابل مبالغ مالية داخل السجن، أو طرق أخرى مثل محاولة أسر المتهمين إثارة الفوضى فور مشاهدتهم لسيارة الترحيلات تقوم بإنزال المتهمين أمام مقر محاكمتهم، ليسهل فرار متهم أو أكثر.


وكشف “حفظى” عن عدم توافر الإمكانيات من السلاح والسيارات المجهزة للقوات للقيام بمهام دورها في تأمين السجناء أثناء ترحيلهم إلى المحاكمة أو داخل محبسهم، وإحباط عملية الهروب، كذا عدم الإفصاح عن مدى خطورة المتهم المرحل لمقر محاكمته لجميع القوة المرافقة له.


ونصح الخبير الأمني بالفصل من الخدمة والسجن لكل من يتورط في تهريب متهم، حتى لا يكون هناك عنصر فاسد بين رجال الشرطة، أو محاولة تفكير في التقصير الأمني، مشيرًا إلى ضرورة انتقاء أفضل العناصر المكلفة بتأمين السجون، ونقل المتهمين إلى مقر المحاكمة، حتى لا يصبحوا لقمة سائغة في أي أيد خفية تساعد هذه العناصر الفاسدة من بعض الشرطيين في عمليات الهروب والتي لابد من بترها.


وقدم اللواء محسن حفظى، روشتة علاج لمنع تكرار عمليات التهريب من السجون العمومية وحجوزات الأقسام، وسيارات الترحيلات أثناء نقلهم لأماكن محاكمتهم، مؤكدا أهمية تشديد الحراسة وسرية المأموريات وخاصة المرتبطة بنقل عناصر جنائية شديدة الخطورة، وكذا توعية عناصر التأمين بخطورة المتهمين الذين بحوزتهم لاتخاذ الحيطة والحذر، وأيضا إعادة تقييم خطط التأمين باستخدام أحدث التقنيات سواء داخل مستشفيات السجون أو سيارات ترحيلات حديثة، لإحباط أي مخطط تهريب.


مواجهة الهروب
ووضع خبراء أمنيون مجموعة من المقترحات لمنع هروب السجناء، وإجهاض محاولاتهم التحريض على أعمال الهروب، وتضمنت المقترحات: إجراء حركة تنقلات دورية للقائمين على تأمين السجون أو المتعاملين مع السجناء لمنع الاختلاط، وتكوين صداقات مع الحرس.


وتفعيل دور قطاع التفتيش والرقابة وقطاع الأمن الوطنى في إجراء تحريات دقيقة عن القائمين على تأمين أماكن الاحتجاز لمنع تواجد عناصر فاسدة بينهم، ونقل المحبوسين داخل الأقسام أو سجون الاستقبال إلى السجون المركزية والعمومية، لما تتمتع به من تأمينات كثيرة، والإطاحة الفورية بكل العناصر الفاسدة أو تسببت في الإهمال والتقصير بهروب سجناء لاستئصال الورم من قلب الوزارة.


كما شملت المقترحات: الاعتماد على أحدث النظم التكنولوجية في تأمين السجون، وكذلك تخطيطها من الداخل لمنع اجتماعات السجناء والتخطيط لمحاولات الهروب الجماعى، والتوسع في إنشاءات السجون الجديدة لاستيعاب الأعداد الكبيرة من السجناء، وإعادة تقييم ودراسة أماكن الاحتجاز بالأقسام والسجون لبيان مدى سلامتها وصلاحيتها.


كما ألمح الخبراء إلى ضرورة تخصيص خط ساخن للتحرك السريع في حالة هروب من السجون أو سيارات الترحيلات بخاصية الربط المباشر مع قطاع العمليات المشتركة، فضلا عن تخصيص مجموعات قتالية وسرية تتابع عن كثب تحركات المأموريات الأمنية والسجون للتصدى لأى محاولة هروب إذا فشلت قوات التأمين.


وهناك مقترح آخر لتبادل الخبرات مع الدول الصديقة والشقيقة في منظمة التأمينات السجون وأماكن الاحتجاز، وإيفاد بعثات تدربيبة في التعامل لنقل الخبرات بين الجانبين، فضلا عن قيام الأجهزة المختصة بالوزارة بالدفع بعناصر سرية لاكتشاف أماكن الخلل والثغرات الهروب والعمل على إصلاحها لإجهاض أي محاولة مستقبليا. بالإضافة إلى إعادة تأهيل العناصر الشرطية وتدعيمهم بسيارات حديثة للاحتجاز ونقل المتهمين لمنع الهروب.


وفى سياق متصل، أكد مصدر أمني بوزارة الداخلية أن تأمين السجون لا يقل أهمية عن أمن المواطن، موضحا أن الوزارة أعدت خطة أمنية محكمة لتأمين السجون المركزية والفرعية لمنع تكرار عملية اقتحام السحون من قبل العناصر المتطرفة وتهريب السجناء.


وتضمنت الخطة تشديد قوات الحراسات على السجون وتزويدهم بأسلحة ثقيلة مع انتشار مكثف لقوات الانتشار السريع بمحيط السجون وتدعيمهم بخبراء من المفرقعات ورجال البحث الجنائى لضبط أي مشتبه يتجول في محيط السجون، فضلا عن منع اختلاط السجناء وإعادة توزيع مستمرة للسجناء وخاصة العناصر الإرهابية، مع وضع خطط احترازية بشكل دوري للسجون، ووضع طرق بديلة عن تغيير مسار نقل السجناء من مقرات محاكمتهم حتى إعادتهم لمحبسهم.


وأشار المصدر إلى أن اللواء مجدى عبد الغفار، وزير الداخلية، يتابع بنفسه التحقيقات مع كل العناصر التي تورطت في هروب سجناء، وجميعها حوادث فردية لايمكن تعميهما، وسيتم محاكمة المتورطين، وإعادة الهاربين للسجون مرة أخرى.


وذكر المصدر أن السجون المركزية والفرعية مؤمنة تأمينا تامًا، حيث يبلغ تأمين السجون المركزية قرابة 1500 ضابط من مختلف الرتب و10 آلاف مجند و7 آلاف فرد وأمناء، وجميعهم مسلحون بينها أسلحة ثقيلة، مسموح لهم باستخدام الرصاص الحى ضد كل من تسول له نفسه اقتحام سجن أو أماكن الاحتجاز، بالتعاون مع القوات المسلحة وقوات قطاع الأمن المركزى.

"نقلا عن العدد الورقي.."...
الجريدة الرسمية