وزير «مش عايش في الدنيا»!
قرأت قرار وزارة التموين والتجارة الداخلية رقم (178) لعام 2017 الذي نشر بالجريدة الرسمية بشأن تنظيم قواعد استخراج البطاقات التموينية للفئات الأولى بالرعاية، وحددت المادة الأولى من القرار الفئات المستحقة للدعم. وشملت قائمة المستحقين لاستخراج بطاقات التموين الأرامل والمطلقات والمرأة المعيلة، وأصحاب الأمراض المزمنة، وذوي الاحتياجات الخاصة، ومستحقي معاشات الضمان الاجتماعي والسادات ومبارك، وتكافل وكرامة، والقصر الذين ليس لديهم عائل أو دخل ثابت لوفاة الوالدين، كما شملت العمالة الموسمية المؤقتة والعاملون بالزراعة والباعة الجائلين وعمال التراحيل والسائقين والمهنيون والحرفيون من ذوي الأعمال الحرة أصحاب الدخول الضئيلة، والمتعطلون ومن في حكمهم، والحاصلين على مؤهلات دراسية ومازالوا بدون عمل بموجب بحث اجتماعي، ودخل شهري بحد أقصى 800 جنيه شهري.
وتضمنت القائمة أيضا أرباب معاشات العاملين بالحكومة أو قطاع الأعمال العام أو القطاع الخاص المؤمن عليه بحد أقصى عن 1200 جنيه شهريا. كما حدد القرار العاملون بالحكومة أو قطاع الأعمال العام أو القطاع الخاص المؤمن عليه بحد أقصى 1500 جنيه شهريا، وأصحاب الأمراض المزمنة وذوي الاحتياجات الخاصة دون التقيد بالحد الأقصى للدخل.
وذكر القرار، في المادة الثانية، تستخرج بطاقات تموينية لأصحاب الأمراض المزمنة والحرجة وذوي الاحتياجات الخاصة دون التقيد بالحد الأقصى للدخل، ووفقا للمادة الثالثة، أنه في جميع الأحوال يتم استخراج بطاقات تموينية للفئات المذكورة بالمادة الأولى والثانية بحد أقصى أربعة أفراد للأسرة، وعدم إضافة أي أفراد أخرى للبطاقة بعد الاستخراج.
إذا يرى السيد وزير التموين –الذي يصيب أحيانا فنشكره ويخطئ فننتقده– أن الدخل الشهري للمستحق للتموين من العمالة الحرة يكون بحد أقصى 800 جنيه، وبالنسبة لصاحب المعاش فحده الأقصى 1200 جنيه، و1500 جنيه للعاملين بالحكومة والقطاع الخاص. ونحن نسأل سيادته : هل سيادتك تعيش معنا على أرض مصر أم أنكم اتخذتم هذا القرار وكنتم في بلاد الواق الواق الخيالية، حيث الرخاء، وقيمة الجنيه الواق واقي 20 دولارا، والكل ينعم بانخفاض الأسعار، ولا يحتاج أحد للتموين؟
يا سيادة الوزير مبلغ 1500 جنيه لم يعد يكفي إيجار مسكن من المساكن ذات العقد المتجدد سنويا. يا سيادة الوزير مبلغ 1500 جنيه الذي تراه سعادتكم يخرج المواطن من دعم التموين لا يكفي لشراء زجاجة دواء لعالج الكبد أو الأمعاء، ولا يكفي مطلقا لدفع مصروفات المدارس الابتدائية الحكومية، ولا حتى يكفي لتحمل تكلفة المواصلات شهريا التي زادت أجرتها بطريقة بشعة، كما لا يكفي لسداد فاتورة الكهرباء والمياه اللتين اشتعلتا بصورة مبالغ فيها، ولا يكفي لسد رمق فرد من أفراد الأسرة، ولن أقول علاجه أو كسوته إلخ.
سيادة الوزير هل تظن أن من كان دخله 1500 جنيه شهريا يعيش في بحبوحة من العيش؟ ولا يستحق الدعم فهو بهذا المبلغ الضخم! يستطيع أن يعيش مع أفراد أسرته الأربعة في سعادة تامة، حيث يسدد الإيجار والكهرباء والمياه والطعام والكساء والدواء، ويصطحب أسرته للمصيف، كما يصطحب أسرته كل أسبوع للسينما، ويقوم بدعوة بعض رفاقه مع زوجاتهم على الغداء أو العشاء، ويستطيع تحمل نفقات المواصلات والتدخين إن كان من المدخنين، ثم يتبقى له مبلغ كبير يتبرع بجزء منه لمستشفى السرطان والجزء الآخر لصندوق تحيا مصر! ويجعله عامر.
يا سيادة الوزير إن كنت تدري فتلك مصيبة، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم، إن الدخل الذي يوجب لصاحبه بطاقتكم الميمونة لا يمكن بحال من الأحوال أن يقل عن 4000 جنيه للأسرة، وهذا أضعف الإيمان، وتكون الأسرة صاحبة هذا الدخل من المستحقين لزكاة المال والشحاذة على أبواب المساجد والكنائس! ولذا هم أحوج لبطاقة التموين التي تضمن لهم حدا أدنى من الحياة شبه الآدمية، لكن أن تذكر أن الحد الأقصى للمستحق ويعمل بالحكومة يكون هو 1500 جنيه فهذا ما يدخل سعادتك لموسوعة جينز للأرقام القياسية في درجة الخيال الواسع وعدم معايشة الواقع. وأظنكم تأثرتم بمسرحية الجوكر لمحمد صبحي عندما كان عم أيوب يعيش وقت التعامل بالسحتوت ويظن أن ذلك الزمن ما زال قائما.