أمين «البحوث الإسلامية»: «مكاتب الفتوى المتنقلة» ليست مأكولات أو مشروبات لنطلق عليها «كشكا»
- التحام الأزهر بالناس أزعج البعض.. وإذا أغلقت مكاتب الفتوى الساحة واسعة
- نحن مع الدولة المدنية وضد الدولة الدينية
- ليس من الواقع أن نفكر مثل تفكير القدماء ولكن أرفض التجديد في أصول الدين
- الأزهر لا يفرض نفسه على أحد.. ولا مانع أن يكون للكنيسة مراكز مماثلة لـ "مكاتب الفتوى"
- وسائل التواصل الاجتماعي لها دور كبير في انتشار الإلحاد بين الشباب
- المجمع معنيٌ بتصحيح المفاهيم المغلوطة والرد على الشبهات وتقديم صحيح الدين
- على استعداد تام أن نغلق مكاتب الفتوى إذا قال أي مواطن ذلك
- دعم جهود الدولة لمحاربة الإرهاب الهدف الرئيسى من مكاتب الفتوى
- الأزهر لم يفرض نفسه على أحد.. ونحظى بكل الدعم من جانب الدولة
- نريد سد الباب أمام الجماعات المتطرفة التي تستغل عقول الشباب
- ليس لدينا أجندات خاصة نعمل لها ولا نمانع أن يكون للكنيسة مكاتب مماثلة
- نحترم كل وجهات النظر حتى المختلفة معنا.. ونرفض التسفيه والإساءة
- الأزهر لم يغير سياسته في التعامل مع الوافدين ولم يتراجع عن تجديد الخطاب الديني
حوار- مصطفى جمال ومصطفى عمر
عدسة- هشام عادل
كثرت في الآونة الأخيرة الموضوعات التي ارتبط اسمها بمؤسسة الأزهر الشريف، وتباينت ردود الأفعال حولها بالإيجاب والسلب، سواء فيما يتعلق بمكاتب الفتوى المتنقلة بمحطات المترو والمعروفة إعلاميا بـ«أكشاك الفتوى» التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، التابع لمؤسسة الأزهر، أو موقف الأزهر تجاه الانتهاكات الأخيرة بحق المسجد الأقصى، أو موقف المؤسسة من الطلاب الوافدين بعد أزمة طلاب «تركستان الشرقية» الأخيرة والتابعة لدولة الصين الشعبية، أو موقف الأزهر من الطلاب الوافدين.
«فيتو» بدورها التقت الدكتور محيي الدين عفيفى، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، والذي أكد أن مكاتب الفتوى المتنقلة التابعة للمجمع كان الهدف الرئيسى منها هو دعم جهود الدولة في حربها ضد الإرهاب، والالتحام أكثر بالمواطنين، مشيرًا إلى أن الأزهر لم يفرض نفسه على أحد وأنه ليس لدية موانع من غلق تلك المكاتب، لافتًا إلى أن الأزهر أدان بشدة الانتهاكات الأخيرة بحق المسجد الأقصى، وسيتم عقد مؤتمر عالمى في شهر سبتمبر القادم للحديث عن الأقصى، مشددًا على أن الأزهر لم يغير سياسته في التعامل الطلاب الوافدين، وأنه لم يتخل أيضًا عن ملف تجديد الخطاب الدينى.. وإلى نص الحوار:
فيما يتعلق بـ«أكشاك الفتوى» ما الهدف من إنشائها؟
في البداية لديَّ تحفظ على إطلاق لفظ أكشاك هذا، لأن لفظ الكشك يناسب المأكولات والمشروبات، لكن حينما نتحدث عن أمر يتعلق بأمور الدين والأمور الشرعية، فإنه ينبغى أن تختار الألفاظ المناسبة التي تتناسب معها، والمسمى الصحيح لها هي «مكاتب الفتوى المتنقلة».
وهذا الموضوع أخذ مساحة أكبر من اللازم ولا أدرى السبب في ذلك، لكن ببساطة شديدة أحب أن أوضح أننا لم نفرض أنفسنا على أحد، الأزهر مؤسسة خدمية، تحظى بدعم الدولة، سواء الدعم المادى أو المعنوى، وتحظى بتقدير الدولة.
هل هذه المكاتب خاصة بالمسلمين فقط؟
نحن نعمل على خدمة المواطن المصرى، وأؤكد المواطن المصرى وليس المواطن المسلم فقط، وإنما نخدم المسيحى قبل المسلم، وذلك من خلال تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تحاول جماعات العنف والإرهاب، أن تنشرها في أوساط المجتمع لبث الكراهية، ومن هنا كان علينا من خلال مكتب الفتوى في محطة مترو الأنفاق تلبية احتياجات الناس، نحن نعمل على تقديم خدمة تحمي المواطن من أن يأتى إنسان غير مؤهل أو متطرف ويبث فيه الأفكار المتطرفة.
وكيف ترد على من يقول إن هذا تقليل من شأن عالم الدين؟
دور عالم الدين ليس الجلوس في مكتب أو الغرف المكيفة وأهم شى الاحتكاك والنزول إلى الناس، فعقول الشباب تم سرقتها من خلال انتشار الجماعات المتطرفة في الأماكن والمساحات التي كان من المفترض أن يشغلها الأزهر، وهذه الجماعات تستغل المنابر الإعلامية وتنتشر حتى في البيوت وفى القرى والنجوع، ونحن حينما نوجد في الشارع وبين الناس، فهذا يسد الباب على تلك الأفكار.
وما ردكم على منتقدي تلك المكاتب؟
أحب أن نطمئن الناس، نحن لا نفرض أنفسنا على أحد وندع المواطن هو الذي يحكم وإذا قال المواطن إنه ليس في حاجة لتلك الخدمة فسننزل على رغبة المواطن، ونحن على استعداد الآن أن ننهي تلك الخدمة إذا قال المواطن إنه لا يريد تلك الخدمة، والمواطن لم يوكل أحدا للحديث عنه ونحن في الأزهر كذلك لسنا وكلاء على أحد والشعب إذا لم يكن يحتاج إلى الخدمة، ونحن ندعم جهود الدولة في مواجهة الإرهاب ونؤكد أن مواجهة الإرهاب لا تنحصر في المواجهة الأمنية فقط، بل المهم أن تكون هناك مواجهة فكرية لأن الإرهاب يقوم على خلفية فكرية.
هل كان في تصوركم عند إنشاء تلك المكاتب أن تقابل بهذا الهجوم الشديد؟
ليس بهذه الطريقة، وهذا الهجوم أعطانا قراءات ودلائل كثيرة جدًا، والتحام الأزهر بالناس يبدو أنه أزعج البعض، لكن ما نؤكده للجميع أنه ليس لدينا أجندات ونحن عملنا ميدانى في الأساس وليست نهاية المطاف وإذا أغلق هذا المكتب، ليست مشكلة بالنسبة لنا ونحن لدينا رؤى كثيرة والساحة واسعة، وأكثر أن نصنع معركة فيها، ونحن لدينا مهام والوطن يحتاج إلى خدمتنا، ولا نملك الرفاهية في الوقت.
هل ترى أن بعض الجهات تحارب وجود تلك المكاتب؟
نحن نحترم كل وجهات النظر حتى المختلفة معنا ولكني أطالب بأخلاقيات الحوار، وباللغة الراقية للحوار وعدم الإسفاف وإذا اختلفنا نختلف بأخلاقيات الباحثين والعلماء، وبالخلق المسلم، لكن سياسة التجريح تعطى مؤشرات سلبية أن فيه انحدار في مستوى الحوار.
هل مفهوم تجديد الخطاب الدينى مقتصر على الفتوى فقط؟
أؤكد أننا نحترم رأى المواطن وهو الأساس والبعض لديه هاجس عما إذا كانت ستستمر تلك المكاتب أم ستغلق وأقول إن الرأى للمواطن المصرى وهو لم يخضع للمؤثرات ونحن نحمى المواطن وندعم جهود الدولة لمحاربة الإرهاب، ونحن مع الدولة المدنية وضد الدولة الدينية، وليس من السهل انتزاع فطرة الدين من الناس، والعالم كله يواجه الإرهاب، متسائلا: «ماذا لو انسحب الأزهر من الشارع وترك المواطن للجماعات المتطرفة؟».
وما رأيك في الأقوال التي تنادى بأن يكون هناك مكاتب مشابهة تابعة للكنيسة؟
ليس هناك ما يمنع ذلك والكنيسة لها مطلق الحرية أن تمارس نشاطها، ولكن الإرهاب الذي يمارس الآن يمارس باسم الإسلام، فالمعني بتصحيح المفاهيم المغلوطة هو الأزهر وليس الكنيسة وتصحيح المفاهيم حماية للمسلمين والمسيحيين في آن واحد، ويعتبر حماية للمسيحى قبل المسلم وذلك لأن استهداف الكنائس تم على خلفيات فتاوى متطرفة وفكر دينى متشددة، وبتصحيح المفاهيم المغلوطة فنحن إذا نحافظ على المواطن المصرى.
ما رأيك في موقف الأزهر من الانتهاكات الأخيرة بحق الأقصى؟
الأزهر الشريف يحمل الهم الإسلامي، وأعلن أكثر من مرة رفضه كل الانتهاكات بحق الأقصى، وما حدث في الأقصى هو إجراءات تعسفية والأزهر دعا كل مؤسسات المجتمع الدولى للتدخل لوقف هذه الانتهاكات، والتي تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار العام.
البعض يرى أن هناك تغييرا في سياسة الأزهر في التعامل مع الطلاب الوافدين.. فهل هذا صحيح؟
هذا الكلام غير صحيح والأزهر له دور كبير وتاريخى مع الطلاب الوافدين، وخاصة في عهد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وهو معنى تماما بكل ما يخص الطلاب ويعمل على تسخير جهود كل هيئات الأزهر لخدمة الطلاب الوافدين، ودائما يوجه بتحسين مستوى الخدمات والمتابعة الدقيقة لكل مطالب الوافدين، وهناك برلمان الطلاب الوافدين والذي يعنى بكل مشكلات الطلاب الوافدين والإمام الأكبر يجتمع بهم في الشهر الواحد عدة مرات، وهناك حراك كبير في ملف الوافدين، وبالتالي فالأزهر الشريف لا يمكن أن يتخلى عن دورة مع الطلاب الوافدين.
وفى موقف طلاب الأتراك الأخير، فإن الأزهر لم يغير سياسته في التعامل مع الطلاب، ولكنه مؤسسة مصرية تحترم النظام وهناك شروط وضوابط لمن يأتي للدراسة في الأزهر وعليه أن يحترمها، ومن هذا المنطلق فإن خدمات الأزهر لم تتأثر تجاه الطلاب الوافدين، وهذه الشائعات يراد بها النيل من الأزهر والنيل من مصر.
في رأيك ما أسباب انتشار ظاهرة الإلحاد بكثر في الفترة الأخيرة؟
أبرز أسباب انتشار ظاهرة الإلحاد هو انتشار الإرهاب باسم الدين خاصة فيما قدمته جماعات العنف والتطرف للإسلام من تقديم دموى فيقتل الإرهابى بنصوص ويحرق ويذبح وينتهك الأعراض بنصوص، هذه صورة فاشلة ومنفرة، نرى بعض الأبواق ممن ينتسبون للدين ويتحدثون باسمه بشكل يدل على أن هؤلاء لا يعرفون نطاق الزمان والمكان، وفشل هؤلاء فشلا ذريعا، بحيث إنهم لم يستطيعوا تلبية احتياجات الشباب ولم يعيشوا هموم الشباب وأيضًا لم يتحدث بلغة الشباب، ووسائل التواصل الاجتماعى كان لها دور أيضًا في انتشار ظاهرة الإلحاد، وذلك من خلال استغلال بعض الجماعات المتطرفة والتي تعمل على التأثير فى عقول الشباب.
وفى رأيك كيف نعالج هذه الظاهرة؟
نعالج ظاهرة الإلحاد من خلال عدد من الخطوات منها تغيير لغة الخطاب الدينى، طرح قضايا واقعية بشكل عصرى، التركيز على منهج العقل والمنهج الحسي في مخاطبة الآخر، عدم التركيز على منهج النصوص، فهناك شرائح لا تعترف بالنصوص أصلا، وتفعيل دور الأسرة فهو مهم جدا، حيث إن غياب دور الأسرة أدى إلى كوارث فيما يتعلق بالإرهاب فعندما يتم تجنيد أحد أفراد الأسرة فهذا لا يدل على أن الأسرة كانت متابعة لهؤلاء، انخراط الأبناء مع درب الإلحاد مؤشر سلبى للأسرة فعندما يكون هناك ترابط ومتابعة في الأسرة لأبنائهم، ويكون هناك حوار الأمور سوف تكون واضحة لديهم، ومن ضمن خطوات القضاء على الظاهرة تفعيل المراكز الثقافية وقصور الثقافة ومهرجانات القراءة، غياب هذه الأدوار أدى إلى ما نحن فيه الآن.
هل تراجع الأزهر عن ملف تجديد الخطاب الدينى؟
الأزهر ماض في طريقه ويؤمن بدوره، وملف التجديد كبير جدا ليس موقوتا بفترة زمنية نظرا للتغيرات الكثيرة والتحديات فلا بد أن يكون التجديد، ولا يمكن أن يتصور أحد أن تجديد الخطاب الدينى يستغرق شهرا أو شهرين أو سنة أو سنتين.
وما أهم أنواع التجديد؟
تجديد في الوسائل والأساليب وفى إحداث قضايا معاصرة وليس التجديد في أصول الدين مثل القرآن والسنة لكنه يحتاج إلى قراءات مختلفة وعصرية تعتمد على واقع ومشكلات الإنسان نسبة إلى الزمان فليس من الواقع أن نفكر مثل تفكير القدماء، الأزهر يعمل في مسارات متعددة من خلال مرصد الأزهر ومناهج التعليم ومراجعتها واستحداث مقررات جديدة في مراحل تعليمية مختلفة.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..