رئيس التحرير
عصام كامل

دواعش الداخل أخطر من دواعش الخارج!!


لقد انتشر استخدام مصطلح داعش في الآونة الأخيرة بين جموع المواطنين في مصر والوطن العربي بل والعالم أجمع، والمصطلح في أصله يشير إلى ذلك التنظيم الإرهابي الذي يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، والذي حل في السنوات الأخيرة محل تنظيم القاعدة الذي كان يتصدر المشهد الإرهابي العالمى، قبل بداية انطلاق الربيع العربي المزعوم أو الربيع العبرى، الذي جاءت نتائجه كلها في صالح انصراف العرب عن القضية الفلسطينية وانفراد العدو الصهيونى بأهالينا في فلسطين، يفعل بهم ما يشاء ويعبث بمقدساتنا الإسلامية والمسيحية، ويدمر التراث المملوك في الأصل للإنسانية جمعاء.


وعلى الرغم من وجود العديد من التنظيمات الإرهابية التي اكتسبت شهرة دولية بين كل سكان كوكب الأرض، إلا أن تنظيم داعش يعد هو الأكثر شراسة ووحشية ودموية على مدار تاريخ البشرية، فالعمليات الإرهابية التي أقدم عليها هذا التنظيم لم يرتكبها غيره من قبل، خاصة القتل والتمثيل بجثث الأطفال والنساء والشيوخ وعلانية وأمام الكاميرات، في عالم تطورت فيه وسائل الإعلام بشكل مذهل، حيث أصبح كل مواطن إعلاميا يحمل وسيلته الإعلامية وهى هاتفه المحمول المتصل بشبكة الإنترنت التي تمكنه من التواصل والتفاعل مع الأحداث في كل بقاع المعمورة، وعبر مواقع تبث عليها ملايين الأخبار والصور والفيديوهات في الدقيقة الواحدة مثل فيس بوك وتويتر واليوتيوب وغيرها.

لذلك أصبح مصطلح داعش يستخدم للإشارة إلى كل ما هو غير إنسانى ومضاد للإنسانية, فتداول المصطلح من خلال الحياة اليومية للمواطنين يشير إلى السلوكيات الإنسانية السلبي، لذلك لا عجب أن يصف مواطن سلوك مواطن آخر قام باستغلاله أو ظلمه أو قهره بأنه داعشي, ولم يعد استخدام المصطلح يدعو للغرابة عند استخدامه في حياتنا اليومية كمؤشر على الشراسة والوحشية والدموية في معاملاتنا اليومية مع بعضنا البعض.

وبالطبع الجميع يعلم دور الولايات المتحدة الأمريكية في رعاية التنظيمات الإرهابية حول العالم على أقل تقدير في النصف قرن الأخير، ذلك لأن هذه التنظيمات تلعب دورا وظيفيا لتحقيق المصالح الأمريكية سواء في منطقتنا العربية أو حول العالم، وعندما ظهر تنظيم داعش في السنوات الأخيرة تحت رعاية السيد الأمريكى في العراق ثم انتقل إلى سورية وبعدها بدأ يتمدد ليشكل خطرا داهما على مصر، حيث تسلل عبر الحدود الشرقية المتاخمة لفلسطين المحتلة، بمساعدة العدو الصهيونى وبدأ الجيش المصري العظيم معركته مع الدواعش في سيناء، وهى المعركة المستمرة منذ ما يزيد على الأربعة سنوات حتى الآن، ثم تسلله إلى ليبيا وهو ما شكل خطرا على الحدود الغربية لمصر، دفع الجيش المصري للقيام بعدة عمليات هجومية داخل الأراضى الليبية بالتنسيق مع الجيش الليبي الوطنى لإيقاف تمدده حتى لا يصل للأراضى المصرية، هذا بالطبع إلى جانب تحركات الجيش المصري على الحدود الجنوبية مع السودان حتى لا يتسلل عبرها.

وإذا كنا قد أدركنا حجم الخطر الذي يشكله تنظيم داعش باعتباره تنظيما خارجيا يمتلك أفكارا معادية للإنسانية، فإن نفس الأفكار الداعشية التي تحارب الإنسانية تمتلكها وتؤمن بها وتنفذها العديد من القوى الاجتماعية الموجودة داخل مجتمعاتنا العربية، وهى وإن لم تدخل فعليا ضمن هذا التنظيم الإرهابي الدولى لكنها تنفذ ضد مواطنيها أفكاره وممارساته الشرسة والوحشية والدموية، فالتجار والسماسرة الذين يطلقون على أنفسهم لقب رجال الأعمال والذين يتلاعبون بقوت الشعب ويسرقون وينهبون ثرواته أليسوا دواعش وأكثر شراسة ووحشية ودموية مع الفقراء والكادحين والمهمشين داخل مجتمعاتنا العربية، والموظفون الكبار والصغار الفاسدون والمرتشون والمزورون الذين يضربون بالقانون عرض الحائط ولا يطبقونه إلا على الغلابة أليسوا دواعش، والخلايا الإخوانية والسلفية النائمة التي تعمل على تدمير مؤسسات الدولة من الداخل، وتعلم عنها الأجهزة الأمنية والرقابية كل كبيرة وصغيرة، ورغم ذلك تتركها للعبث والتخريب أليسوا دواعش، والحكومات العاجزة عن حماية المواطنين من شراسة ووحشية ودموية التجار والسماسرة والموظفين الفاسدين أليسوا دواعش.

هؤلاء يا سادة بعض دواعش الداخل الذين يشكلون خطورة داهمة على مستقبل الوطن من دواعش الخارج، ولابد من مواجهتهم بشكل سريع، حتى نتمكن من الدخول في مرحلة إعادة بناء الوطن، فالأوطان لا يمكن أن تبنى في ظل وجود دواعش الداخل، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

الجريدة الرسمية