رئيس التحرير
عصام كامل

الإمام الأكبر يكرم أوائل الثانوية الأزهرية.. الطيب لـ«الطلاب»: مشاركة رئيس البرلمان في الحفل تكريم لكم.. افتخروا بانتسابكم لمؤسسة عريقة.. العلم لا ينحصر في مناهج الدين واللغة.. وأنصحكم بتعلم

الدكتور أحمد الطيب،
الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف

كرم الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف أوائل الشهادات الأزهرية للعام الدراسي 2016-2017، اليوم الثلاثاء، وذلك بحضور الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، وعدد من قيادات الأزهر ونواب البرلمان، وذلك بقاعة الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر.


ويأتي ذلك في إطار حرص شيخ الأزهر على تكريم أبنائه المتفوقين، تقديرًا لهم على التفوق المشرف الذي حققوه، متمنيًا لهم مزيدًا من التفوق والنجاح.

وألقى الدكتور أحمد الطيب خلال حفل التكريم كلمة تقدم فيها بالشُّكْرِ والتقديرِ للدكتور على عبد العال، لمشاركته في الاحتفال.

وقال الطيب:"إنَّ مشاركتكم لنا اليَوْم معالي الدكتور هي– في الواقعِ- تكريمٌ لأكثرَ من مليوني طالبٍ وطالبة من طُلَّاب الأزهر الشَّريف في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي، ولقرابة أربعمائة ألف طالب وطالبة في جامعة الأزهر، منهم ثلاثون ألف طالب وطالبة وافدون ووافدات من أكثر من 100 دولة.. فَشُكْرًا مَرَّةً أُخرى سيادة رئيس مجلس النواب، وَشُكْرًا لشعب مصر الخلوق على هذه اللمسة المقدورة والمشكورة، وهذا الوفاء الحنوِّ على أبنائه وبناته من طلبة الأزهر الشريف".

وأضاف :"أَمَّا أنْتُم أيُّهَا الطُّلاب الأذكياء النجباء فإنِّي –ومعي قيادات الأزهر-نُهنِّئكُم من كل قلوبنا على هذا الفوز العظيم الذي وفَّقكم الله إليه بفضلِ اجتهادكم وصبركم على مُكابدة تحصيلِ العِلْم النَّافِع من عُلُومِ الدِّينِ والدُّنيا".

وتابع :" كما أُهَنِّئ أُسَركُم الكَريمة الَّتي وقَفَتْ مِن خَلفكُم تَدْعمُكُم وتُشَجِّعُكُم وتحثكُم على الجدِّ والتعب وتحمُّل المشقَّة والمُعاناة، وزرع الثِّقَة في الله والتعوُّد على الاعتماد على النَّفس.. فلهذه الأُسَر المصريَّة الأصيلة المسئولة الجادَّة كلُّ التقدير وكلُّ التحيَّة وكل الإجلال والاعتزاز والافتخار".

تحقيق التفوق
وقال :"إنِّي إذ أُهَنِّئكُم بناتي وأبنائي بما حقَّقتمُوه من تفوُّقٍ فإني لأُهَنِّئكُم مَرَّتين: مَرَّة لأنكم حققتم هذا التفوق، ومَرَّة ثانية لأنكم تفوَّقْتُم في منهجٍ دراسيٍّ مثقل مُزدَوَج إذا ما قيس بالمناهج الدراسيَّة في التعليم غير الأزهري، لقد تفوقتم في كُل المواد التي تفوق فيها أقرانكم، في القسم الأدبيِّ أو العلميِّ، ثم انفردتم بتفوق آخر في مناهجكم الأزهرية في أصول الدِّين والشَّريعة واللُّغة العَربيَّة".

وأضاف :"وهذه بطولة بكل المقاييس، وهي أجدر بأن يفرد لها تقدير خاص، نرجو أن نكون قد وُفِّقْنا اليَوْم في القيام ببعضِ حَقِّه.. ولتذكرتكم معالي الأستاذ الدكتور، وتذكرة شعب مصر من ورائكم نبيِّن لكم أنَّ طالب الثانويَّة الأزهرية يدرس منهجًا مزدوجًا، يجمع فيه بين منهج وزارة التربية والتعليم كاملًا وبين منهج الأزهر".

وأكد أنَّ الكُتُبَ المُقرَّرَة في القِسْمِ العِلميِّ والأدبيِّ في التربيةِ والتعليم هي بعينها الكُتُب المُقَرَّرة بالقسمين: العلميِّ والأدبيِّ بالأزهر، وقال :" إنَّ هؤلاء المُـــكرَّمين الَّذين يَجلسون أمامَكم الآن، قد امتحنوا في أربعةَ عشر مُقرَّرًا في الصف الثالث الثانوي بينما امتحن أقرانهم في التربيةِ والتعليم في سبع مواد فقط".

وأشار إلى أنه ونتيجة لهذا التفاوت الكبير في المقررات استمر امتحان الثانوية الأزهريَّة شهرًا كاملًا يُمتحَن فيه الطالب في ثلاثة مواد في كلِّ أسبوع، بينما استغرق امتحان الثانويَّة العامَّة ثلاثة أسابيع يُمتحن الطالب فيها في مادتين فقط كل أسبوع – ولعل المقارنة المُنْصِفة تغني في صمتها الوقور عن كل ردِّ على الهازئين والسَّاخرين.

وقال :"سِيروا على بركةِ الله، وواصلوا العزيمة والإصْرار والاحتفاظَ بهذا التفوق في كُلِّـيـَّاتكم التي ستختارُونها سَواء في الكُليَّات الأزهريَّة الأصيلة، أو الكُليات العمَليَّة والتقنيَّة.. ولا تظنُّوا أنَّ مفهومَ «العِلْم» مُنحصِرٌ في علومِ الدِّينِ واللُّغَة فقط، بل يتعدد مصداقه ليشمل كلِ عِلْمٍ ينفع الإنسانيَّة ويُسْعِد البشَريَّة ويُحقِّق لها المنافِع والمصالِح المُعتبرةَ عقلًا وشرعًا وأخلاقًا".

وأضاف :"سوف تقابلكم مزعجات كثيرة على جانبي الطَّريق، تُحاول أن تصرفكم عن أهدافكم الشَّريفة، فلا تلتفتوا إليها، وكونوا منها على حذر، وامضوا في طريقِ تحصيل العِلْم، فأنتُم الأُمَناء على دينِ الله وعلى يُسْرِه وإنسانيَّته: أظهروا رحمته بالناس وبالحيوان والجماد، وانشروا تعاليمه السَّمْحَة".

جَماليَّات القُرآن
وتابع :"بيِّنوا للنَّاسِ جَماليَّات القُرآن الكَريم والسُّنَّة المُطهَّرة، ودلوهم على سماحة شريعته الغراءة ولا تركنوا إلى المُنغَلِقين الذين أداروا ظهورهم لفهم دين الله فهمًا صحيحًا كما إرادة الله ورسوله، ورهنوا عقولهم لدعاة على أبواب جهنَّم من الأخسرين أعمالًا، الذين ضلَّ سعيهم في الحياةِ الدُّنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.. فأنتم أملُ الأُمَّة، ودُعاة الحق والعدل، وبدعوتكم ينتشر السَّلام بين النَّاس جميعًا، مهما اختلفت أديانهم وأعراقهم وعقائدهم".

وقال :"اعلموا أنكم تتفرَّدون من بين جامعات الدُّنيا كلها بأنكم تسندون ظهوركم إلى مُؤسَّسَةٍ عريقةٍ مضى عليها الآن أكثر من ألف عام وهي تنشُر العِلْم والأدب والأخلاق وتوجِّه سُلُوك النَّاس إلى ما فيه خَيْر الإنسانيَّة ومصلحته".

الانفتاح على ثقافة الغرب

وأضاف :"اعلموا أن شيوخكم الأجِلَّاء رغم تمسُّكهم بتراثهم الجليل العظيم فإنهم كانوا أوَّل مَن انفتح من مصر كلها على ثقافةِ الغرب ونهلَ من علومِه ومعارِفه بعد أنْ مَيَّزوا فيها بين ما يفيد وما لا يفيد، وإن كان لي من أملٍ أتطلعُ إليه وأتوسَّمَه في محياكم الواعد الجاد، فهو أن تجمعوا في مَسيرتكم العِلْميَّة بين التضلُّع من التُّراث والانفتاح على ثقافات الأُمَم وحكمتها وآدابها المُعاصِرة، وأن تُمَيِّزوا فيها كما مَيَّز أسلافكم بين نافع تنقلونه لأوطانكم وضار تَنْبذونه وتتركونه لأهله".

وأكد أن الأزْهرَ الشَّريف الذي أنجبَ الشَّيخ حسن العطَّار ورفاعة الطَّهطاوي وعيَّاد الطنطاوي ومحمد عبده ومصطفى عبد الرازق ومحمد عبد الله دراز وغلاب، ولفيفًا من شيوخ أُصُول الدِّين والشَّريعة واللُّغَة العَربيَّة الَّذين دَرَسُوا في جامعات الغرب، هذا الأزهرُ لَنْ يَعْقُم أنْ ينجبَ أمثالهم من بينكم ليَحْمِلوا مشاعل الثَّقافَة الإسلاميَّة الصَّحيحَة الَّتي تعتمد على النَّقل بكلِّ مُقدَّساته والعَقل في أرْحَب آفاقه وانطلاقاته.

وقال :"إذا كان لي من نصيحة أب وأستاذ فهي أنْ تحرصوا على تَعَلُّمِ لُغَة من اللُّغَات الأجنبيَّة تكون لكم نافذة على ما عند الآخرين.. ومن نِعَم الله عليكم أنْ يَسَّرَ لَكُم الآن سُبل تَعَلٌّمِ الإنجليزيَّة والفِرنسيَّة والألمانيَّة على أيدي أهليها، وفي مراكز لتعلم اللُّغات في قلبِ جَامِعَة الأزهر".

وأضاف :"أؤكِّدَ لَكُم تقدير السيِّد الرَّئيس عبد الفتاح السيسي لدَورِكم ودَور الأزْهر الشَّريف، وأنَّه يُعَوِّل عَلَيْـكُم كثيرًا في نَشْرِ العِلْم الصَّحيحِ والفِكْر السَّويِّ. واجتِثَاث جذور التطرُّف والإرهَاب والتصَدِّي للفِكْرِ المُنحَرِف.. وهو تقدير نبيل مشكور يُشجِّع كُل أزهري حُر مُخلِص لمعهده المعمور أنْ يُضاعِفَ الجهد والعَمَل، وأنْ يَمُدَّ في حبلِ الصَّبرِ على هؤلاء الذين لا يَعمَلُون ولا يُريدون للنَّاسِ أنْ يَعْمَلُوا".
الجريدة الرسمية