أمير السكري يكتب: الارتباط ما بين فلسفة النصيب ورجعية معتقداتنا
لم أدرك في السابق مدى صعوبة إيجاد شريكة الحياة فبمرور الأيام أيقنت أن هذه المرحلة هي وعنق الزجاجة سواء وأن تلاقي الرغبات والطموح والأهداف بين الجنسين أمر ليس بالسهولة أبدا فلقد كنا في الماضي صغارا أو مراهقين نتوهم عكس ذلك تماما وأنه من السهولة الظفر بشريكة العمر.
عملية البحث معقدة نوعا ما، وتزداد تعقيدا كلما ارتفع سقف الطموح والرغبات، فمواصفات كل إنسان واتجاهاته وقبوله للآخر من عدمه هي من صنع الله ولا تتدخل أبدا إرادة الأفراد لتحديد القبول من عدمه وهذا هو القدر وما يمليه علينا فالطموح والاتجاه والرغبة ما هم إلا قدر بل وعناصر أساسية تدخل ضمن تكوين وبنيان شخصية الفرد منا فهي شأن رباني خالص.
المصيبة أن هناك من لا يعتد بذلك ودائما ما يحاصر الشخص الباحث عن شريكة حياته بضغوطات ومبررات واهية لا تمت للمنطق والعقل بصلة ومن هذه الحجج عندما يقال له (الشكل والجمال مش كل حاجة) ( أهم حاجة العيلة والنسب)(افرض إنها عملت حادثة ووشها اتشوه هتعمل إيه)!!(الحلاوة حلاوة الروح) وأقول لهؤلاء العابثين أن خطابكم هذا مردود عليه فالارتباط منظومة كاملة قوامها الأساسي هو الأخلاق والاحترام ولا يصح أن نضع الأخلاقيات والقيم في مقارنة مع الشكل أو الجمال من الأساس فكيف لشخص أن يطوع نفسه لقبول فتاة وهو غير راض عن شكلها؟!! كيف سيقضي معها عمره ؟؟! وهنا يدخل النصيب عاملا رئيسيا لإتمام العملية من عدمه فلا حديثا بعده فكل محاولات تطويع الأفراد وممارسة الضغوط عليها ستبوء بالفشل فلقد تجلت إرادة الله في الأمر والذي عنده كل شيء مكتوب ومقدر. فلنسأل أنفسنا ما الذي يمنع الشخص أن يختار الجمال؟ ما العيب إذن في ذلك؟ مع ضرورة الاعتراف بأنه سيصبح لعنة تطارد صاحبها طيلة حياته إذا لم يتوج الجمال بمكارم الأخلاق والاختيار على أساس الجمال فقط أمر مرفوض تماما وهذا لا يعطي مبررا لقبول من لم ترتضوهن شكلا.
ومن أسباب العبث بهذه المنظومة طغيان فلسفة المصالح عليها بشكل كبير، وكذلك كبر أعمار الأفراد ودخولهم في مرحلة تقلص فرص الاختيار ونجد هؤلاء دوما ضمن دائرة ضغوط الآخرين ضعفاء الإيمان والذين يؤمنون بالقدر والنصيب حسبما تهوى أنفسهم وتقرر أمزجتهم، فالمبدأ في هذا الأمر راسخ وهو أن الزواج أمر يخضع فقط لقدر المولى (عز وجل) وهو وحده من يضع مسببات النصيب كمعايير القبول وتنوع الأذواق لدى الأفراد.