رئيس التحرير
عصام كامل

رسالة إلى محمد هنيدي.. «الماضي غير قابل للاستنساخ»


الماضي جميل لأنه ماضي، لأنه غير قابل للاستنساخ، هو هكذا، ينحت ذكرياته دون أي جهد، تفاصيله الصغيرة تظل معك، أنت نفسك تكون مستعد لتلك النقوش، وبعد سنوات لا الماضي سيعود ولا أنت سيكون لديك هذا الاستعداد.


فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية جزء من ذلك الماضي، وجداننا الحي، شريط الفيديو الذي كنا نستأجره لمدة 24 ساعة بثلاثة جنيهات من محال الفيديو لنضحك ساعات من قلبنا، تفاصيل اللمة والجلسة، الأحباب الذين تواجدوا بجوارنا، طفولتنا الضاحكة كلها جزء من تلك الحالة التي جعلت الفيلم يحظى بتلك المكانة، حتى إن رؤيته الآن لجيل التسعينيات هي نوع من الحنين.

يريد الفنان محمد هنيدي كتابة جزء ثاني له، يعلن ذلك ويطالبه الكثيرون، «هنيدي» يمتلك لدي مكانة خاصة، فهو فنان أحبه ولا أسأم أبدًا من إفيهاته حتى لو تكررت، تلك مشكلة أخرى ليس هذا وقتها، لكن منذ إعلان هذا الخبر «الحزين» وأنا أفكر لماذا يريد «خلف الدهشوري» إفساد ما فعله، لماذا يريد تحطيم تاريخه بفيلم سيكون سخيفًا في أحسن الأحوال، تجربة ليالي الحلمية بدون سليم البدري وسليمان غانم لم يسمع بها أحد، حُسبت فقط على أحد روائع التليفزيون المصري وحسب.

أعرف أن هنيدي ربما يريد استغلال نجاحه في عمل يعيد له رونقه رغم أن رونقه موجود لولا أنه لا يؤمن بنظرية التطور، وأن هناك أوقات يمكن فيها أن يغيب وأن لديه مهارات كثيرة تمكنه من صنع تاريخه وليستلهم من تجربة فريد شوقي الذي لم يجد مشكلة في تجسيد دور الأب لسمير غانم وأحمد راتب.

يسرح خيالي أكثر في شخصيات الفيلم الذي أحفظها، هل سيكون فتحي عبد الوهاب مناضلًا أيضًا، هل سيحرق علم إسرائيل في باحة الجامعة، ولكن كيف، سيُحبس بالتأكيد لا لأنه أحرق علم العدو بل لأن هناك قانون التظاهر، ربما يستغل الإخوان الفرصة في تلك الوقفة، ربما ستلاحق تلك التهمة فتحي عبد الوهاب.

هل سيكون دور هاني رمزي نفس الدور، وهل سنلوم «سراج» على اعتزازه بالجنسية الأمريكية حتى ولو على حساب المصرية، كيف سنلومه ونحن نتمناها، بالأمس كرهناه وتعاطفنا مع الطلبة حين غادرت محاضراته، اليوم سنؤيده، فهو وحده يملك وجهة نظر صحيحة، ورؤية أثبتت نجاحها، كيف سنلومه وكيف سيخرج «هنيدي» من هذا المأزق.

خلف الدهشوري نفسه كيف سيكون مصيره، هل سيظل على أصالته الممتزجة بالسذاجة، يؤمن أن كل شيء غربي هو نقمة من الشيطان، يريد فقط أن يحب ويتزوج ويصبح «هوبا هاي» مع صديقه «هاشم» الذي تحدث عن شرم الشيخ كأنها «باريس» في زمن ما قبل الزحف المصري للمدينة المصرية بعد ضرب السياحة.

رسالة الفيلم من أن الغرب ليس بتلك القوة والمثالية هل ستجدي بعد أن رأينا في الوطن العربي ما جعلنا نؤمن بمقولة أتحدى أن يفعل إسرائيل بنا ما نفعله بأنفسنا ونحن نرى حروب «عربية – عربية » تدمر الأخضر واليابس.

وقبل تلك المشكلات التي ستقابل «هنيدي» إلى من يكتب الفيلم، هل إلى جيل التسعينيات ليذكرنا كم كانت مصر جميلة وكيف أصبحت، وهل سنردد مقولة «ولا بنخاف من الدنيا بحالها» رغم خوفنا من «الدنيا بحالها»!
الجريدة الرسمية