رئيس التحرير
عصام كامل

الجامعة المصرية.. للكبار فقط!


في وقت سابق كنت في زيارة لمدينة بالسويد عندما اقترحت مرافقتي أن أزور الجامعة، للوهلة الأولى تخوفت ألا يسمحون بدخولي كوني زائرًا أو تكون إجراءات الدخول صعبة ومزعجة.. كنا في الطريق للجامعة قبل أن نتوقف وندخل كافيتريا ملحقة بأحد المبانى لأسألها عن سبب توقفنا وعدم استكمال طريقنا للجامعة، لكنها فاجأتني بأننا بالفعل داخل مباني الجامعة منذ وقت طويل لكننا فقط سنستريح قليلًا قبل استكمال الجولة!


ما صدمني هو تخيلي المسبق أن الجامعة أو أي مباني تعليمية أخرى لا بد أن تكون محاطة بالأسوار وهي ثقافة انتقلت لنا من السجون، بينما الأصل أن يختلط الجمهور بالمنظومة التعليمية والبحثية اختلاط الماء ببعضه فلا تستطيع التفرقة بينهما.

ما جعلني أتذكر هذه الواقعة هو انتشار أخبار تتهم أستاذ علاقات عامة في كلية الإعلام بالابتزاز الجنسي للطالبات.. ولأنني أعمل في مجال العلاقات العامة منذ سنوات فقد انتبهت أن الرجل، إذا ثبت اتهامه، يكون قد وضع منهجًا جديدًا للعلاقات العامة يفصل فيه بين الكلمتين، فيقيم "العلاقات" دون اهتمام بحقوق "العامة".

وقائع التحرش والاعتداء الجنسي تتكرر كثيرًا داخل الحرم الجامعي حتى بدأت أشك أن يكون الحرم الجامعي قد تمت تسميته "حرم" لأنه تزوج عرفيًا من بعض الأساتذة، خاصة وقد تحولت الحوادث من كونها فردية إلى أزمات مزمنة تحتاج إلى تدخل جراحي سريع من المختصين.

كما أن الإعلان عن حالة تحرش واحدة في الإعلام يعني أن هناك عشرات أو مئات الحالات الأخرى التي اختفى بكاء ضحاياها بين أبواب المكاتب المغلقة، ولم تجد طريقها للوصول للإعلام ويجعلنا نستفسر: هل وضع الأسوار حول الجامعات جاء عفويًا ودون ترتيب مسبق أم لمنع بعض الأساتذة من التحرش الجنسي بالمارة؟!

الأمر لا يقتصر على الاعتداءات الجنسية فحسب لكن المنظومة بأكملها تتسم في بعض جوانبها بالخلل في العدالة وغياب الإنصاف، وبالتالي تحتاج لإعادة مراجعة بهدف ترتيب علاقة الطالب بأستاذه وبيان حقوق وواجبات الجميع بما يضمن سير العملية التعليمية بشكل محترم ودون استغلال للسلطات حتى يتحقق هذا سنحتاج لتقييم دور المجلس الأعلى للجامعات صاحب الصلاحيات الحقيقية على الجامعات.

يا وزير التعليم العالي أرجوك اتحذ إجراءات صارمة ضد المتحرشين والمستغلين لسلطاتهم لحماية المنظومة من الانهيار التام، وحتى لا يأتي وقت يُكتب فيه على أسوار الجامعات عبارة (للكبار فقط!).
الجريدة الرسمية