سوء الإدارة وأثره على الاقتصاد
النظام الديكتاتوري المقبور، ترك آثارًا كارثية وعبئًا اقتصاديًا واجتماعيًا ثقيلًا على الشعب والمجتمع المصري قبل الحكومة الجديدة، وبالرغم من استمرار انهيار الاقتصاد المصري وتدهوره إلا أننا نرى أن الحلول موجودة وسهلة المنال ونتائجها مضمونة، شريطة حسن إدارة تلك المرحلة الحرجة - التي تمر بها مصر – وهذا مالم تحسنه الحكومة الحالية، وإننا نرى أن سوء الإدارة الحالية يرجع لأسباب عدة منها:
1- أزمَة الفِكر الاقتصادي التنموي الفعلي
هناك غياب في فن الإبداع والابتكار الفكري والعقلي في الاقتصاد وجمود تجاه الخيارات الاقتصادية ولا نجد أي تجديد أو فكر حقيقي للنهوض بالاقتصاد، بل نرى أن القيادة السياسية تحاول تبني المذهب الرأسمالي تارة والاشتراكي تارة أحرى، بالرغم من أن هذه المذاهب قد ثبت فشلها في موطنها بل وسببت الأزمات الاقتصادية العالمية ومن شديد العجب ان القيادة السياسية الحالية تصف نفسها بالطابع الإسلامي وتتبع هذه المناهج الاقتصادية الغربية، بما في ذلك النسق الربوي في التعاملات المصرفية، وما يرتبط بها من معاملات بيع وشراء أو بورصة، في ظل غياب تام لأي محاولة جادة لتطبيق الاقتصاد الإسلامي بالفهم الصحيح بالرغم من كثرة الخبراء في هذا المجال، وتستمر عملية تبديل الكراسي دون أدنى محاولة لزيادتها، ويسمون هذا بالنمو الاقتصادي، ولا ندري أى نمو هذا فلا أصول ثابتة دون أى زيادة بالرغم من اختلاف الأرقام.
2- سوء إدارة الموارد
لم أرَ مثل مصر دولة غنية فى مواردها وهي حقا متعددة، بل ومتجددة وبفضل ماتملكه مصر من موارد متعددة تمكن أى حكومة بقليل من المجهود وكثير من الفكر تنهض سريعًا وتنمو كالمارد، ولكن أيها السادة يرحمكم الله، فكروا كثيرًا، ولا تجعلوا تحركاتكم أكثر من تفكيركم، ويجب العمل على منهج وخطة واضحة لحسن استغلال تلك الموارد التى لم تنضب منذ أكثر من سبعة آلاف سنة.
النظام البائد فاق الخيال في معدلات الفساد مخلفًا وراءه نسبة كبيرة من الفقر بلغت أكثر من 40%، بل بلغت بها بعض التقديرات 70%، وبلغ عدد مَن هم تحت خط الفقر 20%، ولنا أن نتخيل ثبات تلك النسب أو زيادتها إذا لم تكن هناك خطة محكمة لحسن إدارة الاقتصاد المصري في تلك الفترة واستغلال ثروات مصر على الوجه الأكمل.. حيث لا يوجد فارق كبير بين الفساد وسوء الإدارة مهما كانت النوايا حسنة.
3- سوء توزيع الموارد
النظام السابق كان يحابي الطبقات العليا (ماديًا) بل ركز الجل الأكبر من موارد مصر في قبضة مايقرب من 5% فقط من المصريين، وتلك الطبقة كلما زادت لديهم الدخول تذهب مباشرة إلى الاكتناز في بنوك أوربا وأمريكا، ومن ثم فهي تضعِف الاقتصاد المصري، وتدعم الاقتصاد الأوروبي والأمريكي، ولا شكَّ أنَّ أهم الخُطوات اللازمة في هذا المجال هي سرعةُ وضع حدٍّ أدنى وأقصى للأجور بشكل عادِل ودون أدنى محاباة.
4- غياب المشروعات القومية
حتى الآن لا نجد أى خطة واضحة للبدء في مشروعات قومية حقيقية، بالرغم من توافر دراسات الجدوى لتلك المشروعات من عمالقة الاقتصاد والعلوم المصريين، ولا نعلم سببًا واحدًا منطقيًا لتأخير البدء في تلك المشاريع القومية، بل تستمر الحكومة فى حلقة تبديل الكراسي بمعنى سحب أراضٍ وإعادة بيعها أو رجوع بعض شركات القطاع العام مع استمرار حلقة سوء الإدارة بها كما كانت... إلخ
وهناك الكثير من الأمثلة على سوء الإدارة والإهدار لموارد البلاد، والإنفاق فيما لا يفيد مما لا يتسع المقام لذكرها.