رئيس التحرير
عصام كامل

الجيش المصري بعيد عن التأخون!!


تنسى بل تنكر النُخبة المصرية التي أثبتت خواءها، القريب من تاريخ مصر، وتفتقد لقراءة القديم منه. تنسى ما فعله الجيش المصري العظيم من تجنيب مصر للتقاتل بين مواطنيها في بداية أحداث 25 يناير 2011.


وهو حدث لو يعلمون عظيم، ويدل على الحكمة وعمق ارتباط الجيش بتراب وطنه، على عكس الكثير جداً من أعضاء تلك النخبة التي تردد أفكاراً لمفكرين أجانب، لم يولدوا على أرض التجربة المصرية العريقة، ربما لأنهم يريدون إظهار ما يمتلكون من قراءات ونظريات، ولكنها ليست ذي صلة بالتجربة الوطنية!!

لقد استقرت ثقافة وجود الجيش بالقرب من الحاكم، في الوجدان المصري، منذ 7000 عام، وهو ما تبرزه المعابد المصرية بنقوشها، لأن مصر لمن نسى، كانت دوماً محط أطماع البلدان، من الشرق والغرب، لما تملكه من موقع إستراتيجي وسحر استقر في الوجدان العالمي.

ولكل دولة في العالم ثوابت إسترتيجية تحكم منطلقاتها السياسية وفقاً لموقعها الجغرافي وتاريخها الذاتي، وبين الثوابت المصرية العميقة، تواجد الجيش بمقرُبة شديدة من الحاكم في مصر.

وهو ثابت لا يمكن أن يتغير إلا في حال الرغبة في تأجيج الفوضى في مصر، وضرب دعائم الدولة لقرون قادمة، وليس مجرد لعقود، وهو أمر أُدرك تماماً، أن هناك من يريد إحداثه عن عمد، وليس عن جهل، لأن بعض الثقافة اليوم، أصبحت للمرتزقة ممن يردد مُصطلحات مجلوبة من بلاد بعيدة، ظناً منه أن ما يطبق في الصقيع يمكن تطبيقه في القيظ، فيتضح أنه لم يتطلع على علوم "الحضارات والثقافات المقارنة"، وظن أن السياسة من "علوم الأحياء" المشتركة بين البشر!!

ومنذ أن تولى المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة، (الذي لا ينفصل جسدياً، عن الجيش نفسه) أمر البلاد، أصر قادته على مدنية الدولة في مصر، وعبر عن ذلك الفريق سامي عنان (حيث الجيش مؤسسة وليس أفراداً) وقال: "مدنية الدولة خط أحمر، والجيش حارس الديمقراطية"!! وعندما تنطق المؤسسات، خاصةً لو أنها بقوة المؤسسة العسكرية المصرية، فإنها تعني كلماتها، ولا تتراجع عنها أبداً!!

والجيش المصري، ليس مسئولاً عن "داء الشك" الذي أُصيبت به النخبة، أو ربما هي مُصابة به منذ أزمان مضت. وقد قدم في العام 2011، وثيقة تدعم "مدنية الدولة"، هي "وثيقة السلمي"، وقد دفع الإخوان المدنيين للاعتراض عليها، بزعم أنها تحوي مواد "تمنح الجيش قوة إضافية"، فنزل المدنيين، ضد الجيش في مليونية حاشدة، وما إن ظنوا أنهم نجحوا في وأد الوثيقة - بينما كان الإخوان يشاهدون ما صنعوا من دفع المدنيين للاعتراض عليها - حتى نزل الإخوان الملعب، وأقروا الجيش على المواد المؤكدة لإمتيازاته (التي إن حُذفت، تسقط مصر في بئر سحيق، والإخوان يتمنون حذفها، ولكنهم يدركون توازن القوى)، على أن تُحذف كلمة "دولة مدنية"، ويحل محلها "دولة ديمقراطية" في الوثيقة، فكان أن حارب المدنيين معركة الإخوان "ضد أنفسهم"، ومنحوهم المُكافأة، ونهايةً أعلن الإخوان عن السبب الرئيس، الذي جعلهم يعترضون على الوثيقة بدايةً، .. ولكن ماذا نحن صانعون مع "هواة" المدنيين، في بحر السياسة!!

وها هو الجيش بينما سلم السلطة وفقاً لرغبة المدنيين، ولا أحد سواهم (وبعد أن حض الأزهر على تعويض وثيقة السلمي بوثيقته) يرسل إشارات تلو الأخرى، بأنه مع مدنية الدولة ويقف إلى جانب الشعب المصري، الذي كان دائم المدنية على مر العصور، فتشكك فيه النخبة الجاهلة، مرات أخرى، وتتكلم عنه، بما لا تعلمه، بل تقول بأن قادته من الإخوان، مجرد لأنها تُصدق الإيحاء الإخواني والحروب النفسية للمتأسلمين، لأنها تقرأ السطحي وتنسى في الأغلب الأعم، العميق من الثوابت المصرية!!

ولقد كان رد فعل بعض من النخبة على دعوة الفريق السيسي للحوار الوطني، بالرفض والتسفيه من دور الجيش، لدال على أن أفضل ما يمكن لتلك النخبة أن تفعله، هو الجلوس في الغُرف المغلقة في أبراجها العاجية، لتقرأ كُتب بالية وتكتب نظريات بعيدة عن هذا الشعب وتلك الأرض!!

إن جيش مصر مع الشعب ضد أي صبغة سياسية به، إلا لمن يظنون ذلك، من السطحيين والهواة، في قراءة الأحداث الراهنة والتاريخ!!
تحية واجبة إلى كل ضابط وجندي بالجيش المصري العظيم، وتبقى مصر أولاً دولة مدنية.
الجريدة الرسمية