يسرا: نعيش فى غابة ومصر على أبواب حرب أهلية
هى نجمة فوق العادة.. فنانة لا تعرف سوى النجاح، ومن عمل فنى إلى آخر تثبت أنها على قدر التحدى والمنافسة.. إنها يسرا التى تدخل سباق دراما رمضان المقبل بمسلسلها الجديد «إنهم لا يأكلون الخرشوف»، الذى يتحدث عن الحب والعطاء من خلال شخصية مريم التى تجسدها هذا العام.
يسرا أكدت أن اختيارها لتلك النوعية من الأعمال جاءت لحاجتنا الشديدة لها فى ظل الظروف الصعبة التى نعيشها، عن المسلسل والفن والسياسة، كان لنا معها هذا الحوار...
حدثينا عن دورك فى مسلسل «إنهم لا يأكلون الخرشوف»
- هذا الاسم ليس هو النهائى للمسلسل، فقد اختار المؤلف تامر حبيب فى البداية اسم "ملكية عامة"، وهو مناسب جدا للشخصية التى أجسدها فى العمل، ثم فكرنا فى اسم آخر، فكان «إنهم لا يأكلون الخرشوف»، وحتى الآن لم نستقر على الاسم النهائى، و"مريم" هى سيدة مطلقة تمتلك مطعما، وكل حياتها تنحصر داخل دائرة واحدة تضم أولادها الثلاثة وأصدقاءها والعاملين معها فى المطعم، ويدخل فى نفس الدائرة أيضا صديقتها المقربة، التى تجسد شخصيتها الممثلة اللبنانية "ورد الخال"، وهما صديقتان، برغم اختلافهما التام، فمريم شخصية شديدة العطاء إلى درجة أنها تنسى نفسها تماما حتى أصبحت ملكية عامة لكل من حولها، تستمع إلى مشاكلهم وتستغرق وقتا فى حلها، وبمرور الوقت تحولت إلى كتلة من العطاء الذى لا يعرف الأخذ فى المقابل بل أصبحت تشحذ حب الآخرين، أما الصديقة فهى على العكس تماما، تؤمن بأن العطاء لا بد أن يكون له مقابل، كما أنها مؤمنة إيمانا قويا بحريتها الشخصية وتحب الحياة بكل تناقضاتها، ثم يحدث شىء ما يقلب حياة مريم رأسا على عقب، ويؤدى إلى تغيير شخصيتها تماما،
◄ ما الذى جذبك لشخصية مريم؟
► التحول الذى حدث للشخصية خلال أحداث العمل، خصوصا بعد أن تعرضت لحدث ما، لتتعلم أنه لزاما عليها أن تحب نفسها أكثر وأن يكون العطاء متبادلا بينها وبين الآخرين.
◄ وما الذى تجدينه مميزا فى العمل مع السيناريست تامر حبيب؟
► تامر مؤلف متميز يهتم بكل تفاصيل العمل، إضافة إلى اهتمامه بالحوار، والذى تشعرين أنه حوار سلس ويدخل القلب بسهولة، لأنه يتحدث عن البشر، ولغة الحوار بين الناس لا بد أن تتسم بالحب والرحمة والعذوبة والسهولة.
◄ ترددت شائعات كثيرة حول المسلسل ومنها أنك اختارت المخرجة غادة سليم للعمل بدلا من المخرج سميح النقاش؟
► غير صحيح، لأن سميح اعتذر عن المسلسل بسبب ارتباطه بمسلسل آخر هو "فى غمضة عين"، ولم يكن قد انتهى وقتها من تصويره أو مونتاجه، وظل المسلسل معه لمدة شهرين، وتأخرنا فى بدء التصوير بسببه، ولو أنه وافق على العمل لتشتت بين العملين، والحقيقة أن سميح النقاش من المخرجين المتميزين المخلصين لعملهم، ويهتم بإعطاء كل عمل حقه من الوقت والاهتمام، وبعد اعتذار سميح طرحنا اسم غادة سليم التى كانت تحضر فعليا لمسلسل غادة عادل، وعندما تم تأجيله وافقت أن تعمل معنا.
◄يقال أن عملك فى المسلسل الجديد مع نفس فريق عمل مسلسل "شربات لوز" هو محاولة لاستثمار نجاحه أو تعصب لفريق عمل بعينه؟
►لم يكن عندى "شللية" طوال حياتى الفنية، وبنظرة سريعة على فريق عمل المسلسل سيعلم الجميع أننى أعمل لأول مرة مع الفنانين اللبنانيين "ورد الخال" و"رفيق على أحمد"، ويجب أن أوضح أن أى شخص يحب أن يعمل مع أناس يرتاح معهم، وأنا أتمنى مثلا العمل دائما مع الفنان حسن حسنى، ولو كان الراحل علاء ولى الدين ما زال موجودا بيننا لتمنيت مواصلة العمل معه.
◄ من المعروف أنك حريصة فى كل عمل جديد على تقديم الشباب، وهذا يحسب لك، فما الذى يدفعك إلى ذلك؟
► الفن يحتاج دوما إلى تغيير دمائه، والاستعانة بالشباب لأنهم يمثلون القوة الضاربة فى المجتمع، وأيضا النسبة الأكبر فى المشاهدة، وهناك مجموعة كبيرة من الموهوبين يحتاجون إلى فرصة حقيقية لتقديمهم للجمهور، وهذا ما أحرص عليه دائما.
◄ هل يحمل المسلسل إسقاطات سياسية على الواقع الذى نعيشه؟
► لا توجد أى إسقاطات سياسية بالعمل، ويكفينا كل ما نشاهده فى وسائل الإعلام، كما أن الوقت ليس مناسبا لطرح أى موضوعات سياسية فى الدراما، لأننا نحتاج أن نعيش كبشر عاديين فى ظل الظروف الصعبة التى نمر بها، نحتاج إلى أن نستعيد مشاعرنا وحبنا لبعضنا البعض بعد أن افتقدنا الكثير من قيمنا الإنسانية وأصبحنا نعيش فى غابة يأكل القوى فيها الضعيف.
◄ وهل هذا سبب صمتك إعلاميا وتجنبك الدخول فى أى حوار سياسى؟
► لقد اخترت هذا الصمت لأنه أهم لغة فى العالم فى بعض الأحيان، فالصمت يجعلنى أرى الأشياء من وجهات نظر مختلفة، خاصة أن الحديث دائما يجعلنا مشغولين بوجهات نظرنا والدفاع عنها، بغض النظر عن آراء الآخرين، إلى درجة أننا أحيانا لا نستمع إلا إلى أصواتنا نحن فقط، وأنا بطبيعتى ضد كل أشكال التطرف فى الآراء، لذا يصبح الصمت فيها أبلغ من الكلام، لأننا إذا تكلمنا وسط كل هذا الصخب لن يكون حكمنا صحيحا على ما نراه، فالجميع غير راض عما يحدث للوطن الذى لا يستحق ما نفعله به حتى من ألد أعدائه، علينا أن ننتظر ونراقب ونحلل ما يحدث تحليلا منطقيا قبل أن نقول رأينا.
◄ ولكن كان لك آراء صرحت بها؟
► فلنقل إنه كان لى رؤيتى التى قدمتها عندما قلت: "يا جماعة ما ينفعش نقف ضد بعض.. إحنا على شفا حرب أهلية وفتنة، ولدينا العديد من المشاكل منها التعليم والوعى وفقدان الثقة فى المستقبل، ووقتها تحدثت من منطلق أنى أحب بلدى بدون أن أزايد على أحد.
◄هل يعنى هذا أن ثورة 25 يناير لم تمتلك استراتيجية واضحة؟
► كان لا بد أن تكون هناك استراتيجية واضحة ورؤية للمستقبل حتى تكتمل الآمال، لكن ما حدث هو مجرد إطلاق شعارات رنانة فقط دون أى علامات استفهام حول هذا المستقبل، وعلى سبيل المثال: لماذا يستشهد هؤلاء الشباب وكلهم فى أعمار متقاربة وكلهم أيضا من النشطاء السياسيين، ولماذا لم يستشهد غيرهم.. هذا سؤال مهم لم نجد له أى إجابة واضحة، وقياسا على ذلك هناك العديد من علامات الاستفهام لم تطرح أبدا حول مستقبل مصر ومشاكلها الكثيرة التى لم تجد حلا حتى الآن، وغير هذا من الموضوعات المهمة التى كان يجب أن تطرح للنقاش، لذا لا بد لنا من تأمل ما يحدث حتى نستطيع أن نرتقى بمصر، وهذا ما كنت أقوله منذ عام 2011 يجب أن نعيد حساباتنا وأن نتحد بعيدا عن التناحر والبحث عن المصالح الشخصية.
◄ ما هى رؤيتك لما يحدث؟
► ليس لدى رؤية محددة، فأنا متفائلة أحيانا ومتشائمة أحيانا أخرى، وهذا غير كاف لتكوين رؤية محددة، خاصة أننا تخيلنا أننا وصلنا إلى مرحلة الانتصار عقب الـ18 يوما، لكن لم نفكر ماذا نفعل بعد تلك اللحظة.
◄ هل أنت مع الرؤية المطروحة حاليا بتصدر الجيش للمشهد السياسى وعودته للحكم؟
► لماذا نحمل الجيش أكثر من طاقته كمواطنين، فمرة نقول إننا نريد الجيش، وتارة أخرى نهتف "يسقط حكم العسكر"، يجب علينا كشعب أن نتحمل نتيجة تصرفاتنا ونتائج الديمقراطية، ويجب علينا جميعا أن نعى أن للجيش مهام ومسئوليات، أهمها حماية حدود وأمن الوطن، ولا أتصور نزول الجيش مرة أخرى إلا عند حدوث كارثة كبرى، وكل ما أتمناه أن نحافظ على جيشنا وكرامته لأنهم أهلنا وأن نتحمل مسئولياتنا كمواطنين.
◄ وهل يمثل سوء العلاقات بين مصر وعدد من دول الخليج أزمة لتسويق أعمالنا؟
► طبعا يمثل مشكلة كبيرة، لأن دولة الإمارات – على سبيل المثال - هى الوحيدة التى تشترى أعمالنا، ومن خلالها تشترى دول الخليج المختلفة، وللأسف لا توجد دول أخرى نستطيع أن نسوق لها فى العالم، وللأسف أيضا نحن نقضى على أغلب علاقاتنا بالعالم العربى بدون أن ندرك أهمية أن نتحد ونتكاتف ونقوى فى مواجهة الغزو الثقافى القادم إلينا من دول كثيرة أخرى، والتى تحاول القضاء على وحدتنا لإحكام السيطرة علينا.