كيف تزور فلسطين بدون أختام إسرائيلية؟
"مطبع.. خائن" هي التهم التي تركض وراء أي شخص حاول زيارة فلسطين في الآونة الأخيرة، فجميع السياسيين والمثقفين والفنانين طالتهم التهم نفسها عقب زيارة الأراضي المقدسة، نظرًا لما يعتقده العامة حول ضرورة طبع الكيان الإسرائيلي لختمه على جوازات سفرهم في حالة الدخول لفلسطين.
الأمر على أرض الواقع مختلف تمامًا.. فيمكنك زيارة فلسطين دون الحصول على أي أختام إسرائيلية، فقط تمر على حواجزهم الأمنية للمثول للتفتيش والتدقيق الأمني فحسب، إلا في حالة واحدة، تتمثل في زيارة الأراضي المحتلة، والتي تقبع تحت سلطة الاحتلال بشكل كامل.
كُثرٌ هم من يتمنون زيارة فلسطين، إلا أنهم يتراجعون خوفًا من الملاحقة واتهامهم بالخيانة، إلا أن حقيقة زيارة فلسطين بالنسبة للجنسية المصرية لا تتطلب سوى سبب للزيارة، دون الحصول على تأشيرة دخول.. أي فقط سبب رسمي يخولك بالمرور من على الحواجز الإسرائيلية المنتشرة في المدن الفلسطينية والحدود الرئيسية.
"كيف يمكنك زيارة فلسطين دون أختام إسرائيلية!".. هو السؤال الرئيسي الذي وجبت الإجابة عليه وإيضاحه، حتى لا نتضمغ بمصطلحات التطبيع والعمالة.. فأرض الواقع في فلسطين الآن تقول: إن إسرائيل قسمت الأراضي الفلسطينية إلى ثلاثة أماكن رئيسية ومنطقة رابعة ما زال التنازع عليها مستمرا، وتتمثل تلك المناطق في "قطاع غزة، الضفة الغربية، الأراضي المحتلة ٤٨"، أما المنطقة المتنازع عليها فهي مدينة القدس.. وراعت في ذلك أن تكون كل منطقة بعيدة جغرافيًا عن الأخرى، حتى تتحول كل مدينة إلى سجن كبير لا يمكن دخوله أو الخروج منه إلا تحت نظرها.
قطاع غزة
تعتبر غزة من أكبر المحافظات الفلسطينية على الإطلاق من حيث المساحة، وتمتلك معبرين حدوديين، وهما "معبر رفح مع مصر، معبر بيت حانون مع الأراضي المحتلة"، ويقبع القطاع منذ عام ٢٠٠٦ تحت حصار حدودي، حيث تغلق إسرائيل معبر بيت حانون بشكل شبه دائم، ولا تفتحه إلا على حسب أهوائها، ويتم من خلاله تحويل بعض المرضى من القطاع للعلاج في القدس ومدن الاحتلال، فيما تغلق مصر معبر رفح وتفتحه بشكل دوري لدخول وخروج أصحاب الإقامات المصرية والفلسطينية، والطلاب والمرضى أصحاب الحالات الحرجة.
وبالنسبة لدخول القطاع للمصريين، لايمكن تنفيذه إلا من خلال معبر رفح البري، وهو ما يلزم باستخراج سبب منطقي للزيارة.. ولا يمر الداخل إلى القطاع عبر رفح بأي حواجز أو تفتيش إسرائيلي.
"أرض 48"
وهي أرض فلسطين التاريخية التي احتلتها إسرائيل، وأقامت عليها دولتها المزعومة، وطريقة دخولها تكون إما عن طريق مطار بن جوريون، أو المعابر الحدودية من الداخل الفلسطيني.. ويلزم لدخول تلك المنطقة استخراج تصريح رسمي من دولة الكيان أو تأشيرة دخول بختم إسرائيلي، وتتكون تلك المنطقة من مجموعة محافظات، أبرزها: "يافا، حيفا، عكا، الناصرة، بئر السبع، بيسان، صفد، طبرية، تل أبيب، أم الفحم".
وهي المنطقة الوحيدة التي يلزم ختم إسرائيلي على جواز السفر لدخولها، نظرًا لمرور الزائر على أراض ذات سيادة إسرائيلية على أرض الواقع.. وتلزم إسرائيل معظم المصريين المسافرين لفلسطين لأداء مناسك الحج بكنيسة القيامة في مدينة بيت لحم، بتلك الطريقة لدخول فلسطين تحت مسمى "السياحة الدينية"، حيث تمتلك مصر خط طيران واحد مع إسرائيل، تتمثل في شركة "إير سيناي" للطيران، بواقع رحلتي طيران أسبوعيًا، أيام الإثنين والخميس.. وتقلع الطائرات من القاهرة إلى مطار بن غوريون في (تل أبيب- تل الربيع) مباشرة.
الضفة الغربية
أما المنطقة الثالثة فهي "الضفة الغربية" والتي تتبع أراضي السلطة الفلسطينية وتحت سيادتها، وتتمثل طريقة دخولها عبر معبر (الكرامة - الجسر) البري في الأردن، ويلزم زيارتها موافقة من السلطة الفلسطينية وليس إسرائيل كما يشاع، وتتكون الضفة من عدة محافظات أبرزها "رام الله، بيت لحم، الخليل، نابلس، البيرة، قلقيلية، طولكرم".
وزائر مدن الضفة الغربية من القاهرة يتوجب عليه الحصول على سبب رسمي للزيارة، ثم التوجه عبر خطوط الطيران إلى مدينة عمان الأردنية، ومنها يستقل سيارة تتوجه به إلى معبر الجسر، حيث تقابله هناك أولى الحواجز الإسرائيلية التي تمعن في تفتيش وفحص هويات المارة، والتأكد من مدى صحتها وقانونيتها، ولكنها لا تضع أي أختام لها على جوازات السفر.. ومن ثم يدخل المسافر إلى أولى مدن الضفة الغربية التي ستقابله وهي مدينة "أريحا".
وطريقة السفر عبر المرور على المملكة الأردنية، هي الأكثر شيوعًا واستخداما بين زوار فلسطين من جميع الدول، خاصة الفنانين والمثقفين الذين يحاولون دائمًا الابتعاد عن شبهات "الختم الإسرائيلي".
مدينة القدس
وهي المدينة التي لا يزال التنازع عليها قائمًا، حيث قسمها الاحتلال إلى غربية وشرقية، ويتحكمون في جميع مداخلها، ويمنعون الفلسطينيين من دخولها إلا بموجب تصريح تمنحه دولة الكيان على مدى فترات طويلة، ويظن العامة أنه يجب على الزائر لمدينة القدس، أن يحصل على ختم إسرائيلي رسمي، إلا أن هذا الأمر غير صحيح، فلو أنك دخلت فلسطين عن طريق معبر الأردن الحدودي، يمكنك استخراج تصريح يأذن لك بدخول المدينة المقدسة بدون أختام إسرائيلية، إلا أن ذلك التصريح لا يتم منحه سوى بموافقة إسرائيل، ولكن بدون أختام.