رئيس التحرير
عصام كامل

المياه الجوفية تهدد الآثار الإسلامية.. آثار الدرب الأحمر والجمالية وشارع المعز تعوم على نهر من الصرف الصحي.. مقابر كوم الشقافة وأبو مينا ومعبد أرمنت ضمن القائمة.. والآثار تستعين بالمعونة الأمريكية

فيتو

تهدد المياه الجوفية والصرف الصحي معظم الآثار والمناطق الأثرية الإسلامية لوجود أكثرها داخل الكتل السكنية الشعبية التي تفتقر إلى أي تخطيط أو نظام عمراني يوفر لسكان تلك المناطق جميع الخدمات، وما يوجد بها من خدمات بسيطة تهالكت عبر السنوات الكثيرة التي مرت عليها دون صيانة أو معالجة، الأمر الذي انعكس على الآثار الإسلامية وجعل معظمها مهدد بالانهيار.


الإهمال
تعانى مقابر كوم الشقافة بمحافظة الإسكندرية، من إهمال شديد وتغرق في المياه الجوفية، وذلك بسبب ارتفاع منسوب المياه بعد توقف إحدى طلمبات المياه الجوفية بشكل مفاجئ مما أدى إلى ارتفاع منسوب المياه بالمقابر.

وأكد غريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية للصيانة والترميم، أن المقابر تحتاج إلى خفض منسوب المياه الجوفية، مشيرا إلى أن هناك خطة لترميمها بعد خفض منسوب المياه من خلال مشروع ينفذه قطاع المشروعات بالوزارة.

وأضاف المهندس وعد أبو العلا، رئيس قطاع المشروعات، أنه جارٍ معالجة ورفع المياه الجوفية الزائدة، بمنطقة كوم الشقافة بالإسكندرية، بعد ارتفاع منسوب المياه، مؤكدا أن الوزارة وضعت من قبل الاحتياطات اللازمة لمقاومة مثل تلك الأحداث.

وأوضح أبو العلا، أنه لا يوجد خطورة الآن على المقابر الأثرية بمنطقة كوم الشقافة، وذلك لأنها من الصخر، وليست تربة، وإذا حدث وتوقفت إحدى الطلمبات هناك الكثير من الاحتياطات اللازمة لتفادي المشكلة.

وأشار أبو العلا، إلى أنه جار تنفيذ مشروع تطوير وترميم منطقة كوم الشقافة بمنحة أمريكية، تم اعتمادها من قبل لجنة مشكلة من وزارة الآثار واللجنة الدائمة ومجلس إدارة الآثار، وجار تنفيذ المشروع.

يذكر أن مقابر كوم الشقافة سميت بهذا الاسم لشهرتها بصناعة الأواني الفخارية، والتي كونت ما يشبه التل "الكوم"، وتعتبر المقابر من أكبر المقابر الرومانية العامة التي عثر عليها بالإسكندرية، حيث يرجع تاريخها إلى القرن الثاني الميلادي؛ لأنها نحتت في الصخر تحت الأرض وتتميز بالنقوش البارزة التي امتزج فيها الفن المصري باليوناني الروماني.

كما يعاني جامع الصالح طلائع في ميدان بوابة المتولي في باب زويلة بقسم الدرب الأحمر، من المياه الجوفية والقمامة والكثير من المشكلات.

ويعد جامع الصالح طلائع آخر الجوامع التي بنيت في العصر الفاطمي، ورغم أن الجامع فرغ من بنائه سنة 555 هـ (1160م) إلا أنه لم يصبح مسجدًا جامعًا إلا بعد بنائه بنحو مائة سنة، حين أقيمت فيه أول صلاة للجمعة أيام السلطان المملوكي عز الدين أيبك 1250- 1257م.

أمر بإنشاء الجامع الوزير الصالح طلائع بن رزيك سنة 555 (1160م)، وكان وزيرًا للخليفة الفاطمي الفائز ثم للخليفة العاضد من بعده، ليدفن فيه رأس الأمام الحسين، ولكن الخليفة الفاطمي الفائز لم يمكنه من ذلك، حيث أشار عليه خواصه بأن رأس الإمام الشهيد جد الفاطميين يجب أن تكون في القصر، فأعّد له الفائز مشهدا خاصا داخل باب الديلم أحد أبواب القصر الفاطمي، وهو المشهد القائم حاليًا.

جامع الصالح طلائع هو آخر الجوامع التي بنيت في العصر الفاطمي قبل سقوط الدولة الفاطمية بإحدى عشرة سنة، وهذا الجامع كائن حاليًا في ميدان بوابة المتولي في باب زويلة بقسم الدرب الأحمر بمحافظة القاهرة.

تدمير المعابد والمقابر
كما تهدد المياه الجوفية بتدمير المعابد والقصور والمتاحف الأثرية التي عاشت آلاف السنوات وظلت شاهدة على الحضارة المصرية.

وعلى الرغم من أن وزارة الآثار استنجدت بهيئة المعونة الأمريكية لدرء الخطر عن عدد من المواقع الأثرية المهددة بفعل ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وذلك بإدفو وكوم الشقافة والفسطاط وأبيدوس، إلا أن هذه المواقع ما زالت تعانى من الخطر.

وأغرقت المياه الجوفية أرجاء معبد "أرمنت" بالأقصر، بسبب زيادة منسوب مياه النيل، الأمر الذي تسبب في تلف المعبد غير المفتوح للزيارة والمهمل منذ بضعة عقود.

كما تحول معبد "الأوزريون" بمنطقة عرابة أبيدوس بمحافظة سوهاج، إلى مزرعة سمكية، بعد أن غمرت المياه الجوفية أجزاء كبيرة منه.

وتحول معبد الأوزريون إلى بحيرة ترتفع مياهها 3 أمتار فوق سطح الأرض، مما دفع الخفراء وبعض القائمين على المعبد إلى الاستفادة من تلك المياه وإلقاء "زريعة سمك" بها لتحويلها إلى مزرعة سمكية.

القاهرة التاريخية
وأكد مصدر مسئول بوزارة الآثار، أن جميع الآثار الإسلامية مهددة بخطر المياه الجوفية في القاهرة التاريخية، مشيرا إلى أن جميع مناطق الآثار الإسلامية في الدرب الأحمر والجمالية وغيرهما تسبح على بحر من المياه الجوفية التي تحتاج إلى مشاريع ضخمة للتخلص منها وهذا يتطلب ترميم المنطقة وتطويرها بالكامل بما فيها منازل السكان غير الأثرية.

وقال السعيد حلمي، عزت رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية في وزارة الآثار، إن الوزارة طلبت الاستعانة بخبرات أهل التخصص العلمي والبحثي، لحل المشكلات التي تعاني منها منطقة أبو مينا العجائبي الأثرية الواقعة في برج العرب غرب الإسكندرية والتي رصدتها منظمة اليونسكو والمتمثلة في تزايد الحشائش بشكل كبير، وتوقف أعمال الترميم وارتفاع منسوب المياه الجوفية خاصة في منطقة الدير وقبر القديس أبو مينا العجائبي.

وأكد رئيس قطاع الآثار الإسلامية، أن الوزارة أرسلت مخاطبات رسمية لـ 5 جهات بحثية وعلمية للاستعانة بخبرات علمائها في حل المشكلات التي تواجهها المنطقة الأثرية، وبحث إيجاد حلول نهائية وجذرية لمشكلة المياه الجوفية والحشائش والترميم في المنطقة وخاصة منطقة الدير وقبر القديس أبو مينا العجائبى الذي تغمره المياه منذ زمن بعيد.

الاستشعار عن بعد
وأضاف "عزت" أن لجنة ممثلة من جهات الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء والمعهد القومي للبحوث الفلكية والمركز القومي لبحوث المياه ومدينة برج العرب للأبحاث والتطبيقات التكنولوجية وكلية العلوم في جامعة الإسكندرية قسم النبات والتي شكلها الدكتور مصطفى أمين، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار قامت بمعاينة نهائية على الطبيعة للمنطقة في إطار الاهتمام البالغ من وزارة الآثار لمنطقة آثار أبو مينا بمنطقة آثار الإسكندرية والساحل الشمالي والمدرجة على قائمة التراث العالمي باليونسكو لبحث حلول غير تقليدية لخفض منسوب المياه الجوفية، خاصة في منطقة الدير وقبر القديس أبو مينا العجائبي.

وأوضح "حلمي" أنه لجنة من قطاع الآثار الإسلامية والقبطية زارت المنطقة منذ أسابيع ورصدت العديد من المشكلات بالمنطقة من بينها ارتفاع منسوب المياه الجوفية التي تهدد الموقع وخاصة قبر القديس أبو مينا العجائبى والتي تغمره المياه بمعدل ارتفاع 7 أمتار، بالإضافة لبحث تعطل طلمبات شفط المياه الموجودة بالموقع والتي تم تركيبها لشفط المياه الجوفية بهدف خفضها تدريجيًا حفاظًا على الآثار.
الجريدة الرسمية