رئيس التحرير
عصام كامل

رحلة جبال أسيوط من ملجأ «المطاريد» إلى وكر «الإرهابيين».. المجرمون يفضلون الكهوف للهروب من قوات الأمن.. خفافيش الظلام يلجأون إليه لتنفيذ العمليات الإرهابية.. وخبراء أمن يوضحون طرق

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

«الجبل هيوحشكم»، جملة قد تبدوا غريبة نطقها الفنان أحمد السقا في فيلمه الجزيرة، لكنه تعبير دقيق عن الألفة التي تقام بين الأحجار والمجرمين، الشمس الحارقة التي أحرقت وجوههم، الطرق الملتوية التي حفظوها عن ظهر قلب للهروب من أي خطر باتت جزء منهم، حياة العزلة والليل هو الحياة الطبيعية بالنسبة إليهم.


وعلى مدار عقود طويلة كانت الجبال هي الملاذ الآمن لكل المجرمين، وباتت ظاهرة «المطاريد» جزء من الثقافة المصرية التي تناولتها في الأعمال السينمائية والتليفزيونية.

وكان أبرز الجبال التي لجأ إليها المطاريد خلال العقود الماضية هي جبال «أسيوط» التي تتميز بطبعيتها الوعرة، ما جعلها بيئة خصبة للمجرمين والقتلة.


تاريخ حافل
وتعود علاقة البلطجة والمطاريد بجبال أسيوط إلى عشرات السنوات، فهم يقومون بزراعة البانجو به، ثم يعرضوه البيع والتسويق، كما أن المطاريد لا يعملون إلا في تجارة البانجو فقط، وتعتمد التجارة فيه بشكل أساسى على الكمية التي يقومون بزرعها في الأرض التي يتواجدون فيها، والتي يشرفون عليها بأنفسهم وسط الجبال وأسفلها.

الإرهاب
ومن مأوى للمطاريد إلى مأوى للإرهابيين، هكذا تحول الجبل في عام 2015 بعد أن شنت مديرية أمن أسيوط حملات أمنية على تلك الجبال، لضبط المجرمين والهاربين من تنفيذ الأحكام القضائية والذين يستغلون الطبيعة الوعرة لجبال المحافظة للاختباء بها.

وأكد اللواء عبد العظيم نصر مساعد وزير الداخلية مدير أمن أسيوط، في تصريحات صحفية حينها أن الحملة كانت على جبل دير القصير بمركز القوصية، وتمكنت من ضبط أكثر من 25 هاربا وقتل شخصين وإصابة اثنين آخرين وضبط 60 فدانا بانجو كانت تستغل من قبل هذه العناصر، مشددا على أنه لا هوادة أو تسامح مع المجرمين.

وأضاف عبد العظيم، أن بعض هؤلاء الجناة ليسوا أميين ولا جهلاء، بل منهم مثقفون وخريجو كليات قمة، حاصلون على بكالوريوس الهندسة والتجارة، وخلال التحقيقات ذكر البعض منهم أن فترة محمد مرسي كانت أزهى الفترات بالنسبة إليهم نظرا لاستيرادهم كمية كبيرة من الأسلحة والاتجار بها، كما تمكنوا من بيع كمية كبيرة من المخدرات.

ولكن بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية، كثرت الهجمات الأمنية عليهم وأصبحت الشرطة تطاردهم أينما وجدوا، ما جعلهم يتفرقون في أكثر من مكان.

وفي أكتوبر 2016 شنت قوات الشرطة حملة مداهمات ضبطت فيها مجموعة من الإرهابيين يمتلكون أسلحة ثقيلة ورشاشات ومدافع مضادة للطيران، وظل الاشتباك أكثر من ساعة ونصف الساعة مع المسجلين.

تابع: ضبط عبوات متفجرة في اشتباكات بين الشرطة وعناصر إرهابية بأسيوط

خلايا إرهابية
وفي حملات أخرى شنتها وزارة الداخلية استطاعت اكتشاف أكثر من خلية إرهابية وتصفية 25 إرهابيا وآخرين كانوا يستقرون بجبال أسيوط كان أهمها جماعات إرهابية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية « داعش » التي اتخذت من جبال مركز البداري مكانا لها بالتنسيق مع أخطر الهاربين من قضايا جنائية.

و في ديسمبر 2016، تورط هذا التنظيم الإرهابي المكون من إرهابيين وجنائيين في اختطاف دكتور صيدلي من قرية تاسا بمركز ساحل سليم يدعى «أمير موريس» تحت تهديد السلاح، داخل المدينة وباستخدام إحدى سيارات الدفع الرباعي وبعدها استقبلت أسرة الطبيب اتصالا هاتفيا من الخاطفين، حيث طلبوا فدية قدرها ٥ ملايين جنيه.

اقرأ: كشف خلية إرهابية خططت لتنفيذ تفجيرات في رأس السنة بأسيوط

دراسة
ووفقا لدراسة أعدها الدكتور عادل معتمد، الأستاذ بقسم الجغرافيا بكلية الآداب بجامعة أسيوط، بعنوان «الخلفية البيئية للجريمة بأسيوط» عام 2010، فإن معدل جرائم القتل في المحافظة خلال السنوات الماضية ارتفع بشكل هائل، وسجل وقوع 784 جريمة قتل في عام واحد.

وأكدت الدراسة أن الطبيعة الجغرافية لأسيوط من حيث وقوعها بين هضبتين جيريتين وانتشار نحو 186 كهفا في الهضبتين، ساعد على دعم الأنشطة الإجرامية، والتي لم يحد منها التعليم.

المغارات
وحول المزايا الأمنية التي تتسم بها تلك الجبال وتجعلها وكرا للإرهاب، يقول اللواء مجدي البسيوني، أن تلك الجبال بطبيعتها ملجأ لاحتوائها على مغارات في حد ذاتها مأوى للإرهابين.

وأضاف «البسيوني» في تصريحات خاصة لـ«فيتو» أن تلك الجبال تقع في منطقة تتسم بالعلو ما يجعل أي موقع مكشوف بالنسبة لهم، وبالتالي يمكنهم الهروب سريعًا، مشيرا إلى أن القوات المسلحة حاليا لديها أجهزة حديثة تمكنهم من السيطرة عليها مثل الطائرات والأسلحة التي تعمل عن بعد.

العزلة
ومن جهته أوضح اللواء محمد زكي الخبير الأمني، أن جبال أسيوط لها تخطيط متميز عن غيرها، فكان لعزلتها دور هام في عن السيطرة الإدارية على المنطقة، ويتاح للجميع السكن والاختباء فيها.

وأوضح في تصريحات خاصة لـ«فيتو» أن طبيعة الجبال الوعرة تكسبها صفات مميزة حتى لا تتمكن قوات الأمن من القبض عليهم، بجانب انتشار ما يقرب من 186 كهفا بها.
الجريدة الرسمية
عاجل