عمارة الكون وخلق الإنسان
أكاد أجزم كل الجزم أن علاقة الإنسان بربه علاقة شخصية خالصة، ومن ثم فإننا لا يجب أن نسأل عن هذه العلاقة، بل يجب أن يكون السؤال ماذا قدمت لحياتك بمعناها الشامل الدنيوي والأخروي.. فكلنا يعلم أننا ضيوف هنا على هذه الأرض وأننا سنحاسب على ما فعلنا بها في الحياة الأخرى وأن أعمالنا ستكون سبب سعادتنا أو شقائنا -والعياذ بالله- وأن مدى تكليف الإنسان كان حمل الأمانة التي أبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا..
والسؤال هنا يكاد يكون خالصًا بشأن حياتنا الدنيا التي نحياها الآن فما من شك أن الحكمة الأولى لخلق الإنسان هي إرضاء الخالق سبحانه وتعالى، إضافة إلى عمارة الكون، ولذلك عندما قالت الملائكة لرب العزة جل في علاه: "قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء" كان رده في علاه" "إني أعلم مالا تعلمون" ومن ثم امتثلت الملائكة لأمر الله تعالى متيقنة أنه أعلم بشئون خلقه، ومن ثم فإن عمارة الأرض سبب من أسباب خلق الإنسان لا يمكن تجاهله، وعندما طغت الحياة البشرية وسعت النفوس البشرية بحكم خلقتها وغرائزها إلى الماديات جاء العالم الروحاني المتمثل في إرسال الرسل "رسلا مبشرين ومنذرين" لهداية هذه النفوس الحائرة المتعلقة بحكم بشريتها بهذا التراب الذي هو مادة..
وبهذا العالم الروحاني الخاص بروح الله التي نفخها في آدم، وهي تلك الروح التي تحمل حب الخير والحق والعدل والجمال وهي تلك العناصر المجتمعة التي جاءت بها كل الأديان السماوية التي مهما اختلفت وتشعبت فإنها من عند الله، ومن ثم فلا ينقص الإنسان بعد الإيمان بالله وعبادته إلا عمارة الكون التي أمرنا بالتنافس فيها "قل كل يعمل على شاكلته".