هزار جاد جدا مع السادة الوزراء.. حكومة راكبها «عفريت»
خاطرة غريبة تلح عليَّ.. رأيت أن أطرحها في البداية وهي: عندما استمع إلى العديد من الوزراء وهم يتحدثون، أشعر أن الدستور اشترط أن يكون الوزير ساقط إعدادية.
أفتتح حفلة الهزار بأول اسم في الأخبار.. وبالمناسبة عندما تتصل به هاتفيا وتسأله هل هذا تليفون الدكتور على المصيلحي يرد بسرعة وذوق بطعم الرِّقَّة الفرنساوي قائلا: أنا باتكلم.. ولأننا غير معتادين هذا الرد.. تكرر السؤال فيأتيك نفس الرد أنا باتكلم.. ممكن ترتبك فتظن أنه السكرتير فتقول له من فضلك عايز أكلم الدكتور علي المصيلحي برضه يقول لك أنا أتكلم.
على أي حال الخبر الخاص بالدكتور على المصيلحي، وزير التموين، وشهرة سيادته على ياعلي يابتاع الزيت.. يقول: قام السيد وزير التموين بزيارة مفاجِئة للغرفة التجارية وتوجه إلى شعبة "البقالين"، حيث استُقبِلَ "بحفاوة" طحينية منقطعة النظير.
الحفلة الثانية خفيفة، بل خفيفة جدا عملا بالحكمة المصرية من خاف سلم، والقفا مش ناقص.. يقول الخبر إن معالي الباشا سيادة اللواء وزير الداخلية يدرس بعناية شديد تقريرا عن معاملات الأقسام مع المواطنين.. التقرير من بضع كلمات قليلة بدون رغي ويقول: نرجو من معاليكم إيجاد حل لتلك المشكلة التي تتلخص في انتشار خبر على صفحات التواصل يقول اثنان دخلا القسم، واحد طلع دينه والتاني طلع يجري.
من خبر الداخلية إلى تقرير إخباري يلقي الضوء على الحكومة التي ركبها العفريت ولا يعيش لها وزراء، إذ من الممكن أن يعين الوزير ليلا وفي الصباح تجده بيتمشى أفرنجي تاركا الوزارة.
يقول التقرير كان الوزير في العهود السابقة، يدخل الوزارة فيمضى بها من 15 إلى 20 سنة، فيحفر اسمه في نافوخك إلى الأبد.. اليوم يتغير الوزير كل بضعة أشهر أو أيام، فلا نكاد نعرفه، حتى يحصل على الصابونة ويفرَّجْنا على مشيته، الأمر الذي يشكل علينا نحن الصحفيين عبئًا كبيرًا، لذا قد نضطر إلى كتابة خبر عن وزير ونحن لا نتذكر اسمه، ثم نكتب في نهاية الخبر وسوف نوافيكم باسم السيد الوزير في العدد القادم بإذن الله!
من التقرير الإخباري إلى ذلك الخبر العاجل والسريع والمثير والساخن يقول: في أول اجتماع لمجلس الوزراء في أواخر يوليو الجاري تعطل التكييف، وفى عز الحر الولعة.. صمم وزير التجارة على أن تسعة أعشار الرزق من التجارة، وأن وزارة الصناعة ليس لها لازمة.. وقد حاول الوزراء إثناء وزير التجارة عن موقفه بعد أن أعرب وزير الصناعة عن غضبه الشديد، إلا أنهم فشلوا أمام تصميمه، فاضطر وزير الصناعة إلى ضربه بالدماغ!
وقد كان للسيد وزير الاقتصاد حظ في مهرجان الهزار.. حيث قرر سيادته عودة العمل بالتخصص الجغرافي في تصدير المواد الغذائية وقرر بكل حسم وحزم أن يتم تصدير "الأرز" من ميناء باب "الشعرية" البري.. وتصدير "القمح" من مطار منيا القمح شرقية.. والبطيخ من منفذي كفر البطيخ البري والبحري بدمياط.. والشطة الحمرا من ميناء الزاوية الحمرا البري.
ويبقى الختام الحصري محجوزا لمعالي الباشا شريف إسماعيل الرأس الكبيرة للحكومة الملقب رسميا برئيس الوزراء.. إذ عقد سيادته مؤتمرا صحفيا حضره مندوبو الصحف ووكالات الأنباء العالمية.. حيث زفَّ البُشْرَى وأعلن أن رئاسة الوزراء وافقت على طلب دار الوثائق والمكتبات المصرية بإصدار مرسوم خاص لحماية وثائق أسرار التركيبة الكيميائية لخلطة المحشي.
أخيرًا أنا على يقين تام بأن السؤال الذي يلح عليك الآن هو: ماذا يقصد الكاتب بهذا الهزار والهزل الواضحين؟
الجواب يا عزيزي.. أن بعض الهزل جد بل أكثر جدية من الجد.. أنا شخصيا وكثيرون معي نعيش ذلك الانطباع عن الحكومة والوزراء.. نحن بحاجة شديدة إلى رجال دولة بالمعنى الحقيقي.