ضد الرئيس!
خلال زياراته المتكررة للدول الأجنبية، يحرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على الحديث عن التغيير الذي حدث في مصر عقب ثورة ٣٠ يونيو، ومن يتابع الحوارات التي يجريها الرئيس مع وسائل الإعلام في تلك الدول، يلاحظ أنه يشير دائما إلى أن في مقدمة الإنجازات أنه لم يعد يحق لرئيس الدولة المنتخب أن يستمر في الحكم أكثر من دورتين، وعليه وفقا للدستور أن يسلم الحكم لمن يختاره الشعب بإرادته الحرة.
وكانت تلك الرسالة تجد ترحيبا سواء من السياسيين أو الإعلاميين في تلك الدول، التي اعتادت ألا يترك الرئيس الحكم إلا حينما يحين أجله أو لتمهيد الطريق أمام أحد أولاده على أمل أن يخلفه، وكأن مصر عزبة يتوارثها الأبناء عن الآباء.
هذا الإنجاز الذي يفخر به الرئيس، تحول على أيدي بعض من يدعون أنهم من أنصاره إلى إخفاق، يستدعي الهجوم على لجنة إعداد الدستور التي أقرت ألا يستمر أكثر من مرتين.. كل منهما ٤ سنوات فاستحقت اللجنة هذه الأيام، ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، حملات الإدانة بحجة أنها تحول دون أن ينفذ الرئيس برنامجه الانتخابي الطموح، وتوالت المطالبات بتعديل الدستور، بحيث يسمح للرئيس بأن يستمر سنوات أطول.. منهم من اقترح أن تحدد المرة الواحدة بسبع سنوات.. ومنهم من طالب بأن تكون أطول، وكأن هؤلاء اكتشفوا فجأة عوار مواد الدستور.. وأن السنوات الثماني غير كافية لتحقيق الإنجازات المأمولة، متجاهلين أن الدستور صدر عن إرادة شعبية، وأن مواده حظيت بنقاش واسع لا يقتصر على أعضاء لجنة الدستور، إنما تعداها إلى وسائل الإعلام، ومؤسسات المجتمع المدني، والجميع أقر أن ثماني سنوات تكفي وزيادة.
فريق آخر من الذين يدعون تأييدهم للرئيس يحاولون هذه الأيام تشويه كل من يرشحه الناس لخوض الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولم تقتصر حملاتهم على المواقف السياسية لهم، إنما تضمنت التشهير بهم وبعائلاتهم، ولم يسلم الأمر من اتهامات بأنهم ممولون من الخارج.. ودون تقديم دليل واحد على صحة تلك الاتهامات، وكأن المطلوب ألا يترشح أحد أمام الرئيس.. وأن يعلن فوزه بالتزكية، ولا أعتقد أن الرئيس يرضى عن هذا التوجه، وهو الذي لا يترك فرصة دون أن يعلن أن الشعب صاحب الحق الأصيل في اختيار الرؤساء، وأنه ليس متمسكا بالحكم.. ولم يسع إليه من قبل.
ولكن يبدو أن «جوقة» التأييد تعزف وترا آخر يبعد الرئيس عن مواطنيه، وتترك الفرصة سانحة أمام المشككين الذين يفسرون تلك الحملات على أنها تحظي بمباركة الرئاسة.
عندما يدافع رئيس حزب معارض عن تعديل الدستور بحيث يستمر الرئيس سنوات أطول.. فهو أمر يثير الريبة، وكان من المفترض أن يقدم الحزب المعارض مرشحا لديه برامج مختلفة، بدلا من الهجوم على اللجنة التي أعدت الدستور، وعندما تتنافس برامج «التوك شو» في استضافة رجال قانون يطالبون بالتعديل الفوري لمواد الدستور فإن الأمر يبدو بالغ الغرابة.
هؤلاء وهؤلاء يعملون ضد الرئيس.
