قراءة نقدية لاستراتيجية التعليم 2030
عرض الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، خلال كلمته في المؤتمر الوطني الرابع للشباب الرؤية الاستراتيجية للتعليم لمصر 2030، وقال إن الرؤية الاستراتيجية للتعليم حتى عام 2030 تستهدف إتاحة التعليم والتدريب للجميع بجودة عالية دون تمييز وفي إطار نظام مؤسسي كفء وعادل ومستدام ومرن، وأن يكون مرتكزا على المتعلم والمتدرب القادر على التفكير والمتمكن فنيًا وتقنيًا وتكنولوجيًا، وأن يسهم أيضًا في بناء الشخصية المتكاملة وإطلاق إمكانياتها إلى أقصى مدى لمواطن معتز بذاته ومستنير ومبدع ومسئول وقابل للتعددية، يحترم الاختلاف وفخور بتاريخ بلاده وشغوف ببناء مستقبلها وقادر على التعامل تنافسيًا مع الكيانات الإقليمية والعالمية.
الجيد في كلمة الدكتور طارق شوقي أنه قال إن الرؤية هي "حلم بنحاول نوصله"، كما عرض الدكتور طارق شوقي الأهداف الاستراتيجية للتعليم والتي تم تحديدها في الرؤية حسب حديث الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم هي: إتاحة التعليم للجميع دون تمييز، (2) تحسين جودة النظام التعليمي بما يتوافق مع النظم العالمية، (3) تحسين تنافسية نظم ومخرجات التعليم.
الواضح أن الحكومة تعمل على مستويين لتحسين التعليم وتطويره: المستوى الأول: مستوى أفقي يهدف إلى القضاء على كثافات الفصول من خلال بناء 100 ألف فصل خلال السنتين 2016-2018، منهم 60 ألف فصل ممولة من الموازنة العامة للدولة، و40 ألف فصل يتم بناؤها بالمشاركة مع القطاع الخاص والاستثماري، من هذه الفصول ما يزيد على 13 ألف فصل لحل مشكلة الكثافات في الفصول.. كما يتضمن المستوى الأفقي تطوير المعلم من خلال نظام "المعلمون أولا" الذي يضم حاليًا 10 آلاف معلم وتسعى المرحلة الثانية منه إلى التوسع في ضم المزيد من المعلمين.
المستوى الثاني: رأسي ويهدف إلى تطوير التعليم بشكل انتقائي وذلك من خلال بناء مدارس المتفوقين عددها 11 مدرسة ويتم العمل على إنشاء 27 مدرسة للمتفوقين، 28 مدرسة يابانية تهدف إلى بناء الشخصية، ومدارس النيل المصرية والتي تعتمد على مناهج مدارس كمبريدج البريطانية.
الرؤية الاستراتيجية للتعليم رؤية طموحة مثلها مثل الرؤى التي سبقتها، لكنها لا تخلو من ثمة عقبات ومشكلات:
من الصعوبة أن يتم إتاحة التدريب ورفع كفاءة الطلاب "دون تمييز" –حسبما جاء في الاستراتيجية- في جميع مدارس الجمهورية بينما يتم مدارس للمتفوقين وعدد محدود من المدارس التي تعتمد على مناهج يابانية أو مناهج أجنبية أو التعاون مع جهات تعليمية دولية.. فمثل هذه المدارس تستهدف عددا محدودا من الطلاب.
يبدو جزء كبير من الهدف غير المعلن للرؤية هو تحقيق "تحسينات ملموسة" أو "نماذج" يتم الإشارة إليها كدلائل على تطوير التعليم، ومع أن هذا الاتجاه يبدو جيدا على المدى القصير.. لا توضح الرؤية هل سيتم استبدال جميع المدارس الحكومية على المدى الطويل بهذه الأنواع من المدارس.
نظام "المعلمون أولا" يضم تطوير 1000 مدرسة، والموقع الرسمي يرصد دراسة حالة لمدرسة ويوضح مراحل التطوير من خلال ما أطلق عليه الموقع "الممارسة" وتم اختيار المدرسة التجريبية المتميزة والمتكاملة للغات وهي مدرسة حكومية في شبين الكوم، المنوفية، لكن المعروف أن المدارس التجريبية ليس هي الأكثر انتشارا، فوفقا للإحصاء السنوي للعام الدراسي 2013-2014، والذي نشره موقع "صدى البلد"، وكذلك موقع صحيفة "المصري اليوم" فإن عدد مدارس التعليم الابتدائي كان 17619، في حين كان عدد مدارس التعليم الإعدادي هو 10928، وبلغت جملة مدارس التعليم الفني 2994 مدرسة.. إجمالي عدد المدارس السابقة يزيد على 30 ألف مدرسة، فكم مدرسة تجريبية موجودة بين الـ 30 ألف مدرسة؟
موقع "أخبار مصر" نشر في ديسمبر عام 2015 نتائج المسح الشامل لخصائص الريف المصري، وكشف أن 95% من القرى بها مدارس ابتدائية حكومية مقابل 18.2% فقط من المدارس الثانوية.. المعروف أن المدارس التجريبية المتميزة للغات تضم المراحل التعليمية الثلاث: الابتدائية، والإعدادية، والثانوية، فكيف سيتم تطوير المدارس الموجودة بالقرى؟ أو بتعبير آخر، أين تقع المدارس الموجودة في القرى والمدارس غير التجريبية على خارطة طريق مصر 2030 أو الرؤية الاستراتيجية للتعليم 2030.
ما أخشاه أن تكون الرؤية الاستراتيجية للتعليم مثل سابقتها من الرؤى: طموحة ولكنها تفتقد للشمولية والاستمرار، تفتقد للشمولية لأن المدارس غير التجريبية وغير المتميزة هي القاعدة، بينما المدارس التجريبية هي الاستثناء، وأتمنى أن أكون مخطئًا.