رئيس التحرير
عصام كامل

القطاع الخاص ينفذ «خطة الإنقاذ» بــ«بذور الأساس»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بعد أن سحبت الدولة يدها من مشكلات القطن، وتركته للأيام تعلو وتنخفض بمؤشرات أسعاره، وأودعت روح اليأس في نفوس الفلاحين من عودة قريبة لمحصول مصر المميز، كان لزامًا أن يكون هناك طريق آخر يسمح بنمو ذلك المحصول ويضمن استمراره، فكان القطاع الخاص ملاذا آمنا لمعهد بحوث القطن، ووزارة الزراعة بشكل عام التي فتحت الباب أمام شركات خاصة للمشاركة بوضع خبراتها في إكثار بذور القطن المصرى المميزة في أراضى قطاع الإنتاج التابع لوزارة الزراعة.


على صقر، أحد أصحاب الشركات التي تتولى مهام زراعة بذور الأساس في منطقة سخا بمحافظة كفر الشيخ، أكد أن دخول القطاع الخاص وكل من لديهم خبرات طويلة في زراعة وصناعة القطن لمسوا الأزمات التي طالت ذلك المحصول الهام، منها خلط الأصناف؛ ما أثر بشكل سلبى على “شعر القطن”، وسمعتنا لدى عملاء القطن المصرى في السوق الخارجى، وتضاؤل حجم التصدير؛ نظرًا لعدم مطابقة المحصول للمواصفات العالمية، لذلك كان علينا توفير بذرة نقية بالأسواق للحصول على “شعر” قطن مطابق للمواصفات القياسية، وذلك من خلال تحسين إنتاجية الصنف لإمكانية تصديره عالميًا، بالإضافة إلى أننا يمكننا التحكم في سعر القطن خلال تصديره لأنه سيصبح ذا جودة عالية.

وأضاف “صقر” أن معهد بحوث القطن لم يعد يستطيع بمفرده رفع القدرة الإنتاجية لبذرة القطن نظرًا لأن التكلفة باهظة للغاية، كما أن عملية الإكثار تحتاج لأيد عاملة كبيرة، وهو ما يفوق القدرات المادية لقطاع الإنتاج الحكومى فكان التواصل مع الشركات الخاصة لإخراج بذرة نقية سليمة، لذلك نحن ننتج 20 ألف بذرة في اليوم لنجدها العام المقبل مزروعة في الأرض، ونحن مستمرون منذ 4 سنوات، وقت تعاونّا مع الحكومة في إنتاج بذور الإكثار والحفاظ على نقاوتها.

وأشار إلى أن صناعة القطن تفيد في تشغيل أيدى عاملة ضخمة تعمل في كافة مشتقات القطن، ويصل تعدادها إلى 15 مليون شخص، وهذه العمالة تحتاج إلى إنتاج كبير ليستوعبها، خلال الموسم الحالى وصلت مساحة أقطان الإكثار إلى 60 ألف فدان، من إجمالى 220 ألف فدان قطن، ونتمنى أن نعود مرة أخرى لزراعة 11 مليون قنطار في الموسم؛ ففى العام الماضى تراجع الإنتاج إلى 700 ألف قنطار.

ولفت إلى أن أعلى الأصناف على الإطلاق هو “جيزة 92” لمتانته، ويوجد صنف آخر، وهو “جيزة 88” ذى اللون الكريمى ومطلوب بشدة في الخارج، ومع الأسف لا تتم زراعته بشكل كبير هنا؛ نظرًا لوجود بعض المشكلات التي أثرت على إنتاجيته، لأنه صنف حساس جدا ونسميه بـ “طفل الأنابيب” نظرًا لشدة حساسية زراعته.

من جهته قال الدكتور محمد الأمير، من معهد بحوث القطن، المتابع لمشروعات القطاع الخاص مع المعهد: جميع الأصناف فائقة الطول يتم تصديرها ولا يمكن تصنيعها في مصر للأسف؛ لأن جميع مصانع الغزل غير قادرة على غزل هذا القطن لأن يحتاج لماكينات ذات جودة عالية جدًا غير متوافرة بمصر، رغم تصدرنا التصنيف العالمى في إنتاج بذور القطن فائق الطول الذي يميزنا ويطلب في العالم كله.

وأكمل: نجاح عملية إكثار القطن تتطلب وضع البذرة بأماكن يمكن السيطرة عليها بشكل كامل لضمان النقاوة الوراثية، وضمان النقاء من النباتات الغريبة للحفاظ على البذرة بحيث تكون جميعها متجانسة، وللعلم فإن محصول القطن له مناطق معينة للزراعة، بمعنى أن تلك المنطقة مثلًا يزرع بها صنف 92، ولا يمكن زراعة أصناف أخرى بنفس المنطقة إلا بتحقيق مساحات عزل لا تقل عن كيلو متر، بخلاف زراعة الأرز، والذي يمكن زراعة أكثر من نوع منه بالمنطقة الواحدة.

كما أن القطن يتم حلجه في محالج خاصة - والحديث لا يزال لـ”الأمير”- بحيث يختص كل محلج بنوع معين، وأيضًا تحدد المحافظات بزراعة أصناف معينة بحسب مساحة كل صنف، سواء كانت مساحته كبيرة أم صغيرة، وكل صنف يتم جمعه في أكياس خاصة به، وتمكنّا خلال السنوات الماضية من إنتاج أصناف مبكرة، وبالتالى أصبح موسم الزراعة أقصر، وتلك أحد أسباب عزوف بعض الفلاحين عن زراعة القطن، وللعلم العيوب التي ظهرت ليست ناتجة عن عيوب بالبذرة لأنها عالية النقاء، ولكن العيوب نتيجة سوء تعامل الفلاح مع بذرة القطن وجهله بالطريقة المثالية في زراعتها.

وكشف أن الإرشاد الزراعى لا يقوم بدوره في الجمعيات الزراعية، ولذلك غطى معهد بحوث القطن العجز بالدور الإرشادي، وتم تنظيم حملة قومية للتوعية والنهوض بمحصول القطن، وتلك الحملة موزعة على أغلب المحافظات المنوط بها زراعة القطن، تتضمن توعية الفلاح بكيفية الحصول على إنتاجية عالية من زراعة أصناف القطن المختلفة، من خلال تواجد الأساتذة والباحثين بالحقول لتوعية الفلاحين، لضمان أفضل إنتاجية للقطن والقيام بدور محورى في إنتاج بذور الأساس.

وفى سبيل تحسين الإنتاج والوصول إلى الجودة العالية فإن زراعة القطن لابد أن تتم بمياه عذبة نظيفة للغاية فيجب أن تكون المياه قادمة مباشرة من نهر النيل، وفى حال رى البذرة بمياه صرف صحى أو أي مياه غير صالحة فإن ذلك يؤثر بالسلب على البذرة، وبالتالى يؤثر على المجموع الجذرى للبذرة، وهذا معناه ضياع محصول القطن على الفلاح.
الجريدة الرسمية