رئيس التحرير
عصام كامل

كواليس لقاءات الضباط الأحرار بمنزل عبد الناصر في بني مر.. «تقرير»

فيتو

في قرية صغيرة بصعيد مصر ومنزل بسيط لرجل أمي حوله حفيده "جمال" لمقر لقاء "ضباط أحرار" اسمًا ومعنى، يجتمعون فيه كلما حانت لهم الفرصة، لا يبالي قادة الثورة بالمصطبة الطين بالمنزل حيث أحد أماكن اجتماعاتهم السرية التي قرروا خلالها تغيير نظام مصر، وخاصة أن أغلبهم وعلى رأسهم القائد جمال عبد الناصر من أسر فقيرة نشأت في قلب الفقر الذي لازمته الوطنية وعزة النفس حتى سطروا أسماءهم بحروف من نور في تاريخ مصر والأمة العربية.


وتواصل مصر والعالم العربي الاحتفال بالذكرى الـ65 لثورة الـ23 من يوليو التي قادها الضباط الأحرار، وكان من أهم نتائجها تحول نظام البلاد من الملكي للجمهوري، وحينما يذكر جمال عبد الناصر مفجر الثورة تذكر قرية بني مر الصغيرة في مركز الفتح التي يعود لها مسقط رأس أسرته والتي زارها كثيرا وعقد فيها اجتماعات الضباط الأحرار.

ترصد «فيتو» في تقريرها التالي، كواليس أيام عبد الناصر منذ الولادة وحتى اندلاع الثورة واجتماعاته وزملائه من الضباط الأحرار بمنزل جده الحاج حسين بقرية بني مر بأسيوط.

جمال عبد الناصر اسم ظل خالدًا في قلوب البسطاء والفلاحين المصريين زعيمًا وقائدًا، لقبوه بناصر الغلابة، خرج من رحم أسرة فقيرة، ليغير مسار التاريخ المصري، عاش ومات فقيرا وترك ذكراه خالدة، لذلك قرر كثير من أبناء جيله إطلاق اسمه على أبنائهم حتى بعد وفاته.

رغم أن جمال عبد الناصر حسين خليل سلطان ولد 15 يناير 1918م في منزل والده بحي باكوس بالإسكندرية قبيل أحداث ثورة 1919 إلا أن أصوله الصعيدية لم ينسها قط، حيث ولد والده في قرية بني مر التابعة لمركز الفتح في محافظة أسيوط، وتزوج في الإسكندرية، ولكن شاء القدر بعد ولادة عبد الناصر بـ3 أعوام أن تعود الأسرة إلى جذورها بالقرية عام 1921، وظل بها عبد الناصر وأسرته عامين كان وقتها طفلا صغيرا إلا أن العائلة انتقلت مرة أخرى للعيش بالإسكندرية ومنها للقاهرة حيث التحق هناك بالمدرسة الابتدائية.

لم ينس عبد الناصر عائلته وجده بالصعيد وشاءت الأقدار أن يلتحق بعد تخرجه بالكلية الحربية، بالخدمة العسكرية في المنطقة الجنوبية بمنقباد ليعود ضابطا من جديد لقريته الصعيدية الصغيرة، لم يكن وحده عبد الناصر بمنقباد وإنما رافقه زملاء أصبح لهم شأنا عظيما ومنهم محمد أنور السادات والمشير عبد الحكيم عامر، وجمال سالم، وحسين الشافعي وعدد كبير من الضباط الأحرار، الذين قرروا زيارة منزل جد عبد الناصر الذي لم يكن يبعد أكثر من 10 كيلو متر عن مدينة أسيوط.

وحينما استقبل الحاج حسين حفيده ضابط الحربية ورفاقه في المنزل الطيني المتواضع المكون من طابقين كأغلب منازل الصعيد في قرية اشتهر أهلها بأعمال الفلاحة حتى اعتاد ضباط الجيش على المجيء للمنزل وقضاء أوقات الإجازات فيه وهناك كان دائما يبشره بمنزلة عظيمة ومات الجد ولكن لم تنقطع زيارات القرية وتكررت وشهد منزل الزعيم آنذاك عدة لقاءات واجتماعات للقائد جمال عبد الناصر والضباط الأحرار وبحضور اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية أكثر من مرة بمنزل العائلة بالقرية يدبرون أمورهم ويجددون عزيمتهم وخططهم لإتمامها بالقاهرة حتى اندلعت ثورة يوليو؛ ليكون هذا المنزل وتلك القرية شاهدا على عزيمة رجال غيروا تاريخ مصر وأشعلوا ثورة شعبها.

لم تنته علاقة الضباط الأحرار بمنزل بنى مر حتى بعد تولي الرئيس عبد الناصر قيادة البلاد فظل يزورها أكثر من مرة وأرسل إليها نائبه محمد أنور السادات حينما كان بزيارة رسمية لمحافظة أسيوط وأوصاه أن يزور المنزل ويسلم على أهله هناك، وحتى بعد وفاة الزعيم عبد الناصر زارها السادات حينما كان رئيسا برفقة حسين الشافعي وبعض قيادات ثورة يوليو لتقديم واجب العزاء في الزعيم بمنزل العائلة وكررها أكثر من مرة وزاره أيضا الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك حينما زار محافظة أسيوط.

يذكر أن الزعيم جمال عبد الناصر قائد ثورة 23 يوليو لعام 1952 رحل عن عمر يناهر 52 عاما في 28 من سبتمبر، 1970 مخلفا سيرة عطرة ومحبة عارمة من أبناء الشعب المصري والعالم العربي بأكمله.
الجريدة الرسمية