فلسفة النصيحة
النصيحة هى خلاصة الخبرة التى يهديها الإنسان لغيره من دافع الخوف عليه أو حرصا على توطيد العلاقات ويعتبر أن هذا المسار هو سبيل جيد لبناء الثقة ولكن هل تؤدى النصائح فى كل الأحوال إلى بناء الثقة؟
للأسف ليست فى كل الأحوال يقبل الآخرون النصيحة فمن يقبلها هو من يحتاج دعم الآخرين له فخبرته حتى وإن كانت كبيرة إلا أنه لا يأخذ القرار إلا بعد أن يسأل كثيرا ويستشير أهل الثقة من وجهة نظره إلا أنه فى النهاية قد يأخذ أحد الآراء أو لا يأخذ أيا منهم ويعمل ما قرره هو بذاته وهذا لا يتعارض مع نصح الآخرين لأنه يختار من النصائح ما يناسب قدراته التى يدركها عن نفسه ولكن النصائح تترتب على ما يدركه الآخرون عنه وهناك فرق كبير بينهما.
ومن يرفضها هو من لا يقبل الوصاية عليه إما نابعة من الاعتزاز بخبراته وقدرته على مواجهة التحديات وتقبل التغيير وإما يعتبر نفسه أعلى درجة ممن يقدمون إليه النصيحة ويعتبر أن ذلك نوعا من فرض السيطرة الوهمية عليه مما يقيد الحريات فى المستقبل ويشكل دينا من الفضل يرفضه ولابد أن يقدم المقابل للآخر يوما ما.
طلب النصيحة أساسى لكى نقدمها للآخرين فكم من نصائح تقدم ليس لها قيمة أو تكون مؤثرة لتقديمها بطريقه تفسد من قيمتها حتى وإن كانت لها قيمة كبيرة ولكن نحن من أفسدناها إذ قمنا بتغليف جوهرة من الماس بغلاف من الصفيح ولا يمكن أن نعيب على متلقى النصيحة وإنما نعيب على أنفسنا فقط فإعطاء القيمة لما نقدم للآخرين هو مسئوليتنا أولا وأخيرا.
يقولون: "النصيحة فى العلن فضيحة" لأن ذلك يظهر متقبل النصيحة قاصرًا أو يعتبرها إهانة وخصوصا أمام من يرأسهم أو من يحتفظ معهم بعلاقات تشوبها من آن لآخر مشكلات توازنات القوى والتى يفقد قدرته على السيطرة عندما توجه إليه النصيحة لأنه بذلك - من وجهة نظره - لم يصبح القائد الجدير بهذا المنصب.
علينا أن ندرك ما يقوله الآخرون ونتقبل النصيحة دائما حتى وإن كانت بسيطة فقد تغيرنا كلمة وقد يغيرنا موقف وقد يغيرنا الزمان أو المكان والنصيحة التى رفضناها يوما ما قد تنفعنا هذا اليوم.