اتحاد شاغلين مصر ومارينا بعافية
من المعلوم بالضرورة الآن أن المصري يبدع ويتفوق في الأعمال الفردية ويكاد الفشل يلاحقه في الأعمال الجماعية، وهو الملخص المفيد فيما يسمي باتحاد الشاغلين الذي كان يستهدف في الأساس الحفاظ وصيانة الثروة العقارية، وأنظر إليّ أي شقة سكنية من الداخل ومن الخارج بل أنظر إلى أي عمارة سكنية ستجد التوضيح والتشطيب اللوكس من الداخل، والعشوائية والمخلفات تحتل السلالم والفراغات، بل أنظر إلى حالات الفوضي ومشاجرات السكان على أولوية وصيانة تلك المصاعد.
وخير مثال لذلك عمارة أستراند التي تضم أشهر أطباء مصر، ومع هذا لا تزال القمامة بين الأدوار والمصاعد المتهالكة، وقبل إقرار قانون اتحاد الشاغلين كان هناك اتحاد الملاك، وكان سيئ الحظ من يتطوع للقيام بمهمة رئيس اتحاد الملاك، الذي كان حائط المبكي للسكان بدون أي اختصاصات يردع بها المستهترين، وما يحدث في أصغر وحدة سكنية يحدث في معظم الوحدات تقريبا، لا فرق بين الفاخر والمتوسط والعشوائي لأن الجينات واحدة، ولأن الحكومة لا تأخذ رأي الناس عندما تقرر بالنيابة عنهم كيفية إدارة حياتهم اليومية.
وحتى بعد أن تبني وتبيع الوحدات بأكثر من قيمتها السوقية بعدة أضعاف تظل متواجدة، وتزعم ملكيتها لتلك الوحدات كما حدث في مارينا التي تضم أكثر من ١٣ ألف وحدة، ما بين فيلات وشاليهات وشقق وعدة بحيرات تصل مساحتها إلى نحو ألف فدان وشواطئ بطول ٥٠ كيلو مترا إلى جانب المساحات الخضراء الكبيرة.. وباختصار هي أحد المشروعات المتكاملة والتي أصبحت تجتذب كل رواد الساحل الشمالي لزيارتها، وبعد نجاحها قام للأسف عشرات المستثمرين بتقليدها بغير هدي، وبتوسع غير محسوب، وكانت أسعار مارينا هي المرشد لبقية المستثمرين لتذهب الأرباح لجيوبهم، عكس ماحدث في مارينا، حيث تم تمويل إنشاء الطريق الدائري وعدة آلاف من الشقق الإسكانية لمحدودي الدخل.
ولكن أصبحت مارينا وحدها في مرمى النقد ووصم ملاكها بالطبقة المتخلفة ظلما، وذلك نتيجة مسمار جحا الوزارة الذي تصر على التواجد في منشأة باعتها وأصبح الملاك وكأنهم يعملون لدى جهاز المدينة، وذلك منذ أن انتهت مدة التعاقد بين هيئة المجتمعات مع شركة التعمير لإدارة القري عام ٢٠١٠، وبدأت المشكلات والخلافات بين الملاك ويمثلهم اتحاد الشاغلين وشركة الإدارة من جهة وبين جهاز مارينا من جهة أخرى، وتصاعدت الخلافات بعد فوضي يناير، وخلال تلك الفترة استبيحت مارينا وتدنت الخدمات في كل شيء بدءا من المياه والصرف الصحي والكهرباء والأمن وانتهاء بغزو العشوائيات للأسواق والشواطئ، وبغض النظر عن بعض المحاولات المتواضعة لوقف التدهور في مارينا إلا أن تضارب الاختصاصات بين الأطراف الثلاثة يكشف بوضوح سبب تدهور الثروة العقارية، وسوء الإدارة، والوصاية على الناس، حتى فوجئ كل رواد الساحل هذا العام بطريق هندسي عجيب وطريق خاص للقرى منخفض ودورانات غير هندسية للوصول لتلك القرى.
وكأن من ابتدعها يطبق المقولة خالدة الذكر طالما أستطيع أنكد عليك فلماذا أسعدك، وبغض النظر عن الحوادث والتكلفة في المداخل والمخارج الخاطئة وغير الآمنة، لم يستشر أحد فيما جرى بوصف ذلك من أعمال السيادة، ولا تسأل وزارة التعمير وهيئة الطرق عما تفعل بوصفنا من عبيد إحسانهم، ورغم أن مصر هي التي اخترعت أيام الخديو إسماعيل قانون الشئون القروية والبلدية، وهو الذي حافظ حتى يومنا على التراث والثروة العقارية، وبفضله كانت القاهرة مثلا هي الأجمل والأعظم بين المدن، وكان الفرنسيون يأتون لينقلوا الخبرة المصرية في العشرينات والثلاثينات حتى وصلنا لأسوأ المدن بكل أسف.
والحل عندي أما تدخل الحكومة لفرض عقوبة على المتخلفين عن سداد مصاريف الصيانة، أو إنشاء شركات كبيرة لصيانة العقارات بنسبة مساهمة من الملاك، وحل اتحادات الشاغلين، بحيث تؤل لتلك الشركات مهام اتحادات الشاغلين، لأننا إذا نجحنا في تلك المشكلة فسوف ننجح في حل بقية مشكلات اتحاد شاغلي مصر.