رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو والصور: البشعة في المنيا محكمة قاضيها النار.. عم خلف: ورثتها عن أجدادي.. طريق التائهين للوصول للحقيقة.. «جمر حارق» على الكاذب وعلى الصادق كالماء

فيتو

داخل منزل بقرية «الروضة» في مركز ملوى، الواقعة جنوب محافظة المنيا، تسمع بين الحين والآخر "زغاريد.. بكاء.. أشخاص تخرج منه والفرحة ترتسم على وجوههم وآخرين الندم والذل يسيطر عليهم"، مشاعر مختلطة لن تراها إلا داخل منزل "خلف عبد العال"، الرجل الخمسيني، صاحب "البشِعة". 


مفردات التحكيم
والبشعة هي إحدى مفردات التحكيم بين المتخاصمين خاصة في الصعيد، و"ملوى - سيناء - الشرقية - الإسماعيلية" فقط لا غير فهم 4 أشخاص على مستوى الوطن العربي متخصصون في هذه الطريقة، وجميعهم في مصر، يتوافد عليهم راغبى الحق من المحافظات المجاورة ليس ذلك فحسب ولكن من جميع أنحاء الدول العربية، و"النار" هي السبيل الأوحد في معرفة الحقيقة.

إرث الأجداد
عم خلف عبد العال، المبشع يقول، أعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 30 عاما، ورثتها عن أبي وورثها أبى عن جدي، مضيفا اشتق مسمى البشعة من بشاعة الموقف، حيث يتعرض المتهم لموقف صعب ومخيف يمثل لحظات حاسمة في تقرير مصير قضية أو حقيقة بعينها.

فعندما يأتي صاحب الحق بالمشتبه ويكون من بينهم المتهم ويصر على خضوعه للبشعة وهو كاذب تحول وجهه إلى منظر بشع فور تقريب البشعة منه "إذ من الممكن أن تأكل النار لسانه أو تشوه وجهه ويحول إلى منظر بشع لذلك أطلق عليها البشعة.

وأوضح خلف، أنه من خلال البشعة نرفع عبئا كبيرا عن قوات الأمن في البحث عن المتهم وتأخر القضية كما أننا نرفع العبء عن صاحب المسألة في انتظار التحقيقات التي قد تسفر عن نتيجة أو لا تسفر عن شيء.

خوفا من البشعة
ولفت عبد العال، إلى أنه إذا تعرض لها شخص صادق في كلامه تجاه الواقعة أو التهمة المنسوبة إليه وأنه لم يرتكبها وهو بالفعل صادق تصبح البشعة وهى في قمة سخونتها كـ«المياه» على لسانه.

وتابع أنه لا يستطيع أي شخص أن يعمل جلسة بالبشعة، لأنها تحتاج إلى قراءات وترانيم خاصة لا يعرفها إلا المبشع ولكن في النهاية تكون ثقتك في الله وحده وليس في البشعة، لأنه هو الذي يستطيع أن ينجي شخصا بريئا، أو يأذى ويظهر شخص صمم على كذبه.

قال إن أكثر من 70% من الأشخاص فور سماعهم كلمة البشعة وأنهم سوف يتعرضون لها لإظهار كذبهم أو صدقهم «لا يأتون» خوفا منها وبمجرد خوفه تظهر الحقيقة وكثير منهم فور الجلوس أمامها يعترفون بأنهم ارتكبوا ذلك الفعل أو الجرم.

قوانين البشعة
وأوضح أن هناك مبادئ وقوانين للبشعة فقبل خضوع أي شخص لأي جلسة بشعة لا بد أن يوقع الأشخاص بأنهم تعرضوا للبشعة برغبتهم وهم بكامل قواهم العقلية وأنه لا أحد أجبرهم أو أثر عليهم وهم ملتزمون بأحكامها وقوانينها أمام الشهود.

ويؤكد في ذات الورقة التي يكتبها بخط يده أنه صادق ويتحمل نتيجة صدقة ويتحمل نتيجة كذبه.. ليس هذا فحسب بل إن الشخص صاحب المسألة أو طالب الحقيقة «يبشع» قبلهم لبيان صدقه من كذبه فمن الممكن أن يكون كاذبا في مسألته أو أنه يفتري عليهم بأحاديث لم تحدث، فلا بد أن يبشع قبلهم.

ويقول عبد العال: يضرم المبشع نارا، ويضع فيها كمية كبيره من الفحم حتى يحمر، ثم يقوم بوضع قطعة حديدية تنتهي بشيء من الحديد على شكل دائري تشبه الملعقة ولكن تتميز بحجمها الكبير على النار ثم يضعها المبشع على لسانه ثلاث مرات ليرى الناس أن النار لا تضر الأبرياء ثم يقول له: أبشع.. على المتهم قبل أن يبشع ويلحس المتهم ثلاث مرات، بعد ذلك يناول الرجل الذي بشع قليلا من الماء، فيتناوله ويتمضمض به ثم يبصقه، فإذا ظهر على لسانه بقع تدل على أنه احترق أو ظهر أثر للنار فيه فهذا يكون المتهم.

قيادات أمنية
واستكمل عبد العال حديثه قائلا: أمام البشعة تتساوى الرءوس وخلال 30 عاما، صادفت قيادات أمنية طلبت منى إجراء البشعة في أمور شخصية، ولا استطيع الإفشاء بأسمائهم إلى أحد.

طرائف البشعة
ومن طرائف البشعة ذات يوم جاءني رجل يتهم 3 أشخاص بارتكابهم واقعه سرقة وجلست معهم قبل إجراء البشعة وتحدثت معهم والجميع لديهم إصرار أنهم لم يرتكبوا تلك الواقعة أجريت البشعة على صاحب المسألة والثلاثة الآخرين لم يظهر منهم أي متهم ولم أفصح لهم أنهم أبرياء ولكن لاحظت شخصا خامسا أتى به صاحب المسألة ليكون شاهدًا على المتهمين الثلاثة، جاءني إحساس بأنه هو السارق وطلبت منه أن يبشع فظهرت علامات الخوف عليه وبالفعل كان هو السارق ووعدني بأنه سوف يعيد المال إلى صاحبه وبالفعل لم أفصح عن السارق بعد أن أعاد المال إلى صاحب المسألة ووضعه في ذات المكان الذي سرقه منه.
الجريدة الرسمية