«كارنيجى» يكشف تحركات الجيش للانقلاب على الإخوان.. مؤشراته بدأت بخرق حظر تجوال مدن القناة.. حدوثه غالبًا في يوليو أو أغسطس..النموذج الموريتاني وراء تأخره.. وقيادات الجيش تنتظر قرار الشارع
كشف معهد "كارنيجى" الأمريكى للدراسات الاستراتيجية بالشرق الأوسط وأوروبا أن هناك مؤشرات علي بدء العد التنازلي لانقلاب عسكري فى مصر، وقال خلال دراسة نشرها اليوم الجمعة، إن الجيش المصري يمسك بزمام الأمور ويحكم مصر منذ عام 1952، مشيرًا إلي أن الأحزاب السياسية لا تلعب أدوارا رئيسية على المشهد السياسي المصري منذ أكثر من ستين عاماً، فيما يعانى الاقتصاد من محنة بعد أن استشرى الفساد، ومع شعور الجيش بالمهانة من قبل النظام، تدخل وأطاح بالحكومة. مشيرا الى أن الوضع الآن فى مصر يشبه الوضع عام 1952.
وأشارت الدراسة إلى أن هناك شائعات عن قيام الجيش المصري بانقلاب في المستقبل القريب، وتنتشر أكثر من أي وقت مضى منذ أن رفضت حكومة الرئيس محمد مرسي اللجوء إلى حل وسط مع حركة الاحتجاج التي لا تزال نشطة.
وقالت دراسة معهد "كارينجي" الأمريكي، أنه بالرغم من منطقة الشرق الأوسط، كانت بعيدة عن الانقلابات العسكرية لعقود بعد موجة من التدخلات العسكرية في السياسة العربية انتهت، عام 1970، فإن الشائعات التي تفيد بانقلاب الجيش ليست مفاجأة، فالجيش المصرى يشارك عن كثب في السياسة المصرية منذ أن أطاح بالملك فاروق في عام 1952، وذلك بعد أن رفضت حكومة الرئيس مرسى، الذى يعتبر أول رئيس مدنى خلال ستة عقود، الوصول لحل وسط أو تسوية مع حركة الاحتجاجات التى تجتاح الشارع المصرى.
وقد أدى رحيل الرئيس السابق حسني مبارك، وهو نفسه ضابط سابق بالقوات الجوية، من قبل القوات المسلحة، فى زيادة تعزيز دور الجيش في الحياة السياسية المصرية. والسيطرة على أهم مؤسسة في البلاد وكان على رأس قائمة اهتمامات مرسي فور انتخابه التخلص من قيادات الجيش.
وفي غضون شهرين من توليه السلطة، أقال وزير الدفاع والقائد العام، حسين طنطاوي، وكذلك رئيس الأركان، سامي عنان، وحصل علي هتاف الجمهور، والآن يطالب المتظاهرون المصريون الجيش للتدخل في حالة من الصراع وعدم الاستقرار.
وقالت الدراسة إن السيطرة على المؤسسة العسكرية، والتي تعد أهم مؤسسة بالدولة كان على رأس قائمة أولويات الرئيس "مرسى" فور إعلان فوزه بالانتخابات، مشيرة إلى إقالة مرسى لوزير الدفاع والقائد العام حسين طنطاوى، وكذلك رئيس الأركان سامى عنان، ولكن الآن، فقد عكس المتظاهرون المصريون موقفهم، مطالبين بتدخل الجيش فى حالة الصراع وعدم الاستقرار التى تشهدها مصر.
وذكر معهد "كارينجي" متسائلاً: لكن ما مدى احتمال القوات المسلحة المصرية لتنظيم انقلاب عسكرى؟"، وفى محاولة للإجابة قالت: "إن الانقلابات العسكرية هى ظاهرة سياسية مثيرة للاهتمام، ولقد حيرت علماء الاجتماع منذ أن أصبح العالم العربى مسرحًا لها فى العقود بين عامى 1945 و1979، حيث أشارت الإحصائيات إلى أن الانقلابات العربية تحدث غالبًا فى فصل الصيف (يوليو أو أغسطس)، ويتم القيام بها عادة من قبل العقداء والجنرالات، وأنها تهدف إلى تغيير النظام السياسي، حيث تسمى بـ"انقلاب الاختراق"، ولكن تسمى بـ"انقلاب الوصى" عندما تسعى لإزالة القيادة الفاسدة غير الكفء، حيث أنها تحدث فقط عندما تتجمع الدوافع والجدوى من حدوثها.
وفى توضيح للدوافع التى تؤدى إلى هذه الانقلابات، قالت: "إن الدوافع يمكن أن تشمل اعتبارات المصلحة الذاتية مثل الجوانب الاقتصادية أو السياسية، حيث تهدف المنظمة العسكرية إلى القومية والوحدة على عكس الأحزاب السياسية، والتي تعتبر وكلاء الانقسام، مما يفسر لماذا يتم تنفيذ الانقلابات دائما من قبل القوات المسلحة، وليس من قبل الميليشيات أو المجندين. فإن القوات المسلحة يمكن أن تلبى نداء الشعب فى حين عدم قدرة السياسة على التلبية".
والمنظمات العسكرية لها عقلية معينة، وتحركها اعتبارات المصلحة الذاتية مثل الجوانب الاقتصادية أو السياسية. والجيش. هو نقيض الأحزاب السياسية.
وتنشأ فرصة الانقلاب خاصة عندما ينظر إلى الحكومة باعتبارها ذات أداء ضعيف من الناحية الاقتصادية، وعندما ينظر إليها على أنها غير شرعية، على الرغم من أن الشرعية في هذا السياق يمكن الحصول عليها ليس فقط من خلال الوسائل الديمقراطية، ولكن أيضا عن طريق السيطرة على السلطة لفترة طويلة.
ويقول معهد كارينجى أنه في حالة مصر، يزداد دافع الجيش للقيام بانقلاب فقد تعرضت للخطر مصالح المؤسسة العسكرية الاقتصادية بالفعل تحت نظام مبارك، وهو ما يفسر جزئيا عملها ضده في عام 2011. وعلاوة على ذلك، يرى الجيش نفسه كممثل سياسي مستقل بغض النظر عن محاولات مرسي للحد من نفوذه. وقد أكد الجيش ذلك مرارا وتكرارا وأعلن تجاه مصر كدولة بدلا من حكومتها.
ويؤيد "كارينجي" دراسته بأنه بعد اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن أمام القصر الرئاسي في ديسمبر الماضي، دعا وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي إلى الحوار السياسي. بعد شهر واحد، وشدد على أن "استمرار الصراع بين القوى السياسية المختلفة وخلافاتهما بشأن الكيفية التي ينبغي أن تدار البلاد قد يؤدي الى انهيار الدولة ويهدد الأجيال القادمة." هذا الاقتباس يعكس تماما عقلية الضباط المصريين: شعروا انهم معرضون للمساءلة من الأمة، أو كما يقول المثل الشعبي، "الجيش والشعب يد واحدة." وهذا هو السبب في أن الجيش، عندما دعا من قبل الرئيس لفرض حظر التجول في بور سعيد والإسماعيلية، لعب كرة القدم مع المحتجين، بدلا من إرسالهم إلى بيوتهم.
وتقول مصادر داخل الجيش المصري الآن إنهم يشعرون بأن المواطنين يدعونهم للقيام بواجبهم، على الرغم من أن المصادر تؤكد على أن "الدعوة الشعبية يجب أن تكون واضحة جدا قبل أن نتصرف."
وتشعر المصادر العسكرية بالقلق أيضا من أن انقلابا من شأنه أن يؤدي إلى وقف برامج التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ، كما حدث مع موريتانيا في عام 2008. ومن شأن ذلك أن يعرض للخطر الاقتصادى المصري الهش إلى أبعد من ذلك، وبالتالي خلق المزيد من عدم الاستقرار. كما الدافع والقدرة على انقلاب عسكري تتزايد بشكل واضح، والطريقة الوحيدة لمنع الانقلاب فى مصر هو تقليل جدواه. الطريقة الوحيدة للقيام بذلك، هى عن طريق إعادة تشغيل الاقتصاد وتعزيز شرعية الحكومة. لتحقيق هذا، لأن الوقت ينفد من مرسي.