رئيس التحرير
عصام كامل

نجيب محفوظ يحكي ذكرياته في الإسكندرية

فيتو

في كتاب ( صفحات من حياة نجيب محفوظ ) سرد رجاء النقاش، بعض مذكرات الأديب العالمى نجيب محفوظ حيث قال فيها:

علاقتى بالإسكندرية تعود إلى عام 1920، حيث اصطحبنى والدى لقضاء إجازة الصيف في ضيافة صديق حميم اسمه محمد بك عمرو.. وهو من عائلة السفير عبد الفتاح عمرو صديق الملك فاروق.


كان من الأعيان ولديه سرايا كبيرة في سان ستيفانو، وفى حديقة السرايا كان يوجد بيت صغير أقمنا فيه طوال فترة الإجازة، حيث كان محمد بك عمرو مسافرا إلى أوروبا لقضاء الصيف وكانت هذه أول مرة أشاهد فيها الإسكندرية.

كان بجوار محل إقامتنا كازينو وحمام سان ستيفانو وكان رسم دخول الكازينو والحمام قرشان صاغ، ونظرا لصغر سني كانوا يسمحون لى بدخول حمام السيدات. 

كانت سيدات الطبقة الراقية يرتدين المايوه ويضعن قبعات على رءوسهن، وذلك قبل إنشاء الكورنيش الذي أنشئ عام 1930 وقتها كانت الإسكندرية هادئة لأن الطبقات الفقيرة كانت تقضى الصيف في مسارح روض الفرج ونيلها، أما شواطئ رأس البر فكانت خاصة بأهل دمياط.

بعد الزيارة الأولى انقطعت عن الإسكندرية حتى عدت إليها في أواخر الثلاثينيات، ذهبت إليها في المرة الثانية بعد حصولى على شهادة البكالوريا، وكنت في ضيافة صديق لى.. فبعد نجاحي أعطانى والدى عشرة جنيهات ووافق على سفرى مع صديقى إبراهيم فهمى دعبس.. وقضينا هناك 30 يوما في الأكل والشرب والسهر وشرب الخمر وارتياد الكباريهات.

بعد ذلك اعتدت أن أقضى الصيف بالإسكندرية كل عام، وكنا ننزل في بنسيون بشارع السلطان حسين ومن هناك نستقل الترام إلى الكورنيش.

وعندما تخرجت في الجامعة وعملت في وزارة الأوقاف كنت أحرص على ادخار جنيه واحد كل شهر إلى أن يأتي الصيف للسفر إلى الإسكندرية لقضاء الصيف.

عندما قامت الحرب العالمية الثانية أصبحت الإسكندرية منطقة خطرة، فهاجر منها أهلها نتيجة للقصف، إلى أن انتهت الحرب عام 1945 عدت ثانية إلى الإسكندرية بالرغم من إصابتي بحساسية في العين ونصيحة الأطباء بعدم نزول البحر والابتعاد عن الرطوبة فكنت أذهب إليها وتتورم عيناي ولا أتنازل عن شهر الصيف.

رغم حبى للإسكندرية لم يظهر تأثيرها في رواياتى الأولى لكنها ظهرت بوضوح في السمان والخريف وميرامار.
الجريدة الرسمية