حجج أوروبا الشرقية لرفض اللاجئين.. رئيسة وزراء بولندا تعلن رفضها لابتزاز مسئولي الاتحاد الأوروبي وقراراتهم.. الجمهورية التشيكية تعتمد على تدهور الحالة الأمنية للقارة.. واللاجئون يفرون من دول الفقر
يهرب اللاجئون من ويلات الحرب في دول الشرق الأوسط وأفريقيا ومن دول أوروبية آمنة لكنها فقيرة لن تضمن لهم حياة كريمة كما يتمنون، ولكن تلك الدول أيضًا لا تخجل من تجردها من إنسانيتها وترفض قبول طالبي اللجوء فيها.
وأبرز الزميل "ورين كيرن"، في معهد 'جيتستون' في نيويورك، شروع الاتحاد الأوروبي في اتخاذ إجراءات قانونية ضد كل من الجمهورية التشيكية وهنجاريا وبولندا لعدم امتثالها لأمر الاتحاد الأوروبي المثير للجدل باستقبال آلاف المهاجرين من أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط.
وتكفل هذه الإجراءات التي تسمى بإجراءات التعدي للمفوضية الأوروبية، وهي ذراع الاتحاد الأوروبي التنفيذية القوية، مقاضاة الدول الأعضاء التي تعتبر المفوضية أنها قد أخلت بالتزاماتها بموجب قانون الاتحاد الأوروبي، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى فرض عقوبات مالية ضخمة على تلك الدول.
ويعود النزاع إلى سبتمبر 2015 في ذروة أزمة اللاجئين في أوروبا، عندما صوتت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالموافقة بأغلبية ضئيلة على نقل 12 ألف من "اللاجئين" من إيطاليا واليونان وإعادة توطينهم في بلدان أخرى في الاتحاد الأوروبي. وأتى هذا العدد من اللاجئين كإضافة إلى الخطة المعتمدة في يوليو 2015 بإعادة توزيع 40,000 مهاجر من إيطاليا واليونان.
ومن بين 160ألف من المهاجرين الذين كان يتعين على بلدان الاتحاد الأوروبي "تقاسمهم"، كان من نصيب تسعة بلدان في أوروبا الوسطى والشرقية نحو 15 ألف مهاجر. وعلى الرغم من أن الجمهورية التشيكية وهنجاريا ورومانيا وسلوفاكيا صوتتت ضد هذا الاتفاق، فقد ظلت مطالبة بالامتثال له.
رفض الحصص
ومنذ ذلك الوقت، رفضت العديد من دول أوروبا الوسطى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشدة قبول الحصص المخصصة لها من المهاجرين. ومن الأمثلة على ذلك بولندا التي يطالبها الاتحاد الأوروبي بقبول 6,182 مهاجرًا، ولم تسمح حتى تاريخه بدخول مهاجر واحد. ويتعين على الجمهورية التشيكية قبول حصة من المهاجرين قدرها 2,691 مهاجرًا، لم تقبل منهم سوى 12 مهاجرًا فحسب. ولم تسمح هنجاريا بدخول أي مهاجر من حصتها البالغة 1,294 مهاجرًا.
وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي ككل، ووفقًا لأحدث تقرير أصدره الاتحاد الأوروبي في 13 يونيو 2017 بشأن نقل المهاجرين وإعادة توطينهم، لم يُنقل حتى الآن سوى 20 ألف مهاجر (6,896 مهاجرًا من إيطاليا و13,973 مهاجرًا من اليونان). ومن بين 28 دولة عضوًا في الاتحاد الأوروبي، لم تقبل أي دولة حصتها الكاملة من المهاجرين سوى مالطا (131 مهاجرا).
اعتراض طالبي اللجوء
ورفض العديد من طالبي اللجوء المزعومين الانتقال إلى أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية لأن المزايا المالية التي تقدمها البلدان في تلك المناطق للمهاجرين واللاجئين ليست سخية كنظيرتها في فرنسا أو ألمانيا أو الدول الاسكندنافية. وعلاوة على ذلك، ومنذ ذلك الحين، فر مئات من المهاجرين الذين نُقلوا في السابق إلى إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، والتي تعد من أفقر بلدان الاتحاد الأوروبي، إلى ألمانيا وغيرها من البلدان الأكثر ثراء في الاتحاد الأوروبي.
إحراج أوروبا الوسطى
نوه "جيتستون" إلى أنه في الوقت ذاته، سعى المكلفون بإنفاذ تلك "الوحدة" الأوروبية المزعومة إلى إحراج بلدان أوروبا الوسطى المعارضة للقرار وإجبارها على الامتثال له عن طريق التأكيد على مفاهيم مثل "القيم الأوروبية" و"التضامن الأوروبي". فعلى سبيل المثال، حذر الرئيس الفرنسي 'إيمانويل ماكرون' مؤخرًا من أنه: "ينبغي أن تتحمل البلدان الأوروبية التي لا تحترم القواعد العواقب السياسية بالكامل. إن ما تفعله تلك البلدان خيانة مزدوجة. فقد قررت التخلي عن مبادئ الاتحاد الأوروبي وتجاهل أوروبا، بل واتباع نهج ينطوي على الاستخفاف بالاتحاد الذي يمنحها الأموال، دون أن تحترم تلك البلدان مبادئه".
ومع ذلك ثبت القادة في أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية على موقفهم. ففي بولندا، قالت رئيسة الوزراء 'بياتا شيدلو' إن بلدها لن تخضع لابتزاز مسئولي الاتحاد الأوروبي. وفي خطاب ألقته أمام البرلمان البولندي في 24 مايو بعد يومين من الهجوم الإرهابي الذي شنَّه جهاديون إسلاميون في مانشستر بإنجلترا وأسفر عن مقتل زوجين بولنديين، قالت 'شيدلو': "لن نشارك في جنون نُخبة بروكسل... انهضوا من كبوتكم، وأفيقوا من غفلتكم... أو سيسمع العالم بأسره كل يوم نحيبكم على أطفالكم القتلى."
وقال وزير الداخلية البولندي 'ماريوش بواشتشاك' إن الموافقة على الحصص التي قررها الاتحاد الأوروبي "أسوأ دون شك" من أي عقوبة قد تقررها بروكسل.
وأكد: "إنني عادة ما أقول لنظرائي في أوروبا الغربية إن إستراتيجية إعادة التوطين لا تؤدي سوى إلى زيادة حدة الهجرة غير الشرعية نظرًا لأَها تقدم للمهربين أداة إضافية لتحفيز المزيد ممن يفكرون في الهجرة على خوض الرحلة عندما يعلمون أنَّ من ينجح في الوصول إلى أوروبا سيحصل على حق اللجوء في دول أخرى غير إيطاليا واليونان.".
وفي الجمهورية التشيكية، قال رئيس الوزراء 'بوهوسلاف سوبوتكا' إنّه "نظرًا لتدهور الحالة الأمنية في أوروبا وعدم عمل نظام الحصص كما ينبغي، فإنَّ الحكومة التشيكية لن تشارك فيه". وأضاف: "إننا مستعدون للدفاع عن موقفنا في الاتحاد الأوروبي وأمام المؤسسات القضائية ذات الصلة".
وأما سلوفاكيا، قال رئيس الوزراء 'روبرت فيكو' إن الهجرة الجماعية والتعدد الثقافي القسري ستغير من جوهر سلوفاكيا:
"أعتقد أنه من واجب السياسيين أن يتحدثوا عن هذه المسائل بوضوح وصراحة شديدتين. إنني لا أرغب في أن تصبح هناك جالية مسلمة في سلوفاكيا. ولا أريد أن يدخل البلاد عشرات الألوف من المسلمين الذين سيبدأون تدريجيًا في الترويج لأفكارهم. ولا نريد تغيير تقاليد هذا البلد الذي بناه أجدادنا على أساس التقاليد المسيحية. وهذا هو حالنا منذ عدَّة قرون. ويجب أن تكون السيادة والكرامة الوطنية هدفًا يسعى التحالف الحاكم إلى تحقيقه".
وهنجاريا، حذر رئيس وزرائها 'فيكتور أوربان' من "العواقب المتفجرة" التي ستنجم عن صدام الثقافات بين الأوروبيين والمهاجرين من العالم الإسلامي: "كي نفهم ما يجب علينا أن نفعله، نحتاج إلى فهم طبيعة الوضع الذي نواجهه على حقيقتها. إن أوروبا ليست واقعة في فخ اسمه "مشكلة اللاجئين" أو "مسألة اللاجئين"، بل إن القارة الأوروبية مهددة بموجة لا تنتهي من مهاجري العصر الحديث. إذ بدأت مجموعات من الناس في الانتقال من موطنها على نطاق هائل. ومن منظور أوروبا، يبدو أن عدد المهاجرين المحتملين إليها في المستقبل لا نهاية له."