رئيس التحرير
عصام كامل

«ابن كيران» يعلن نهاية الخلاف بين قيادات «العدالة والتنمية»

 عبد الإله ابن كيران
عبد الإله ابن كيران أمينًا عامًا للحزب

عكس ما كان يتوقعه كثير من مراقبي الشأن السياسي والحزبي بالمغرب، نجح حزب العدالة والتنمية في اجتياز امتحان عقد دورة استثنائية لمجلسه الوطني (برلمان الحزب)، والذي يعد الأول من نوعه بعد تفاقم حدة الصراع والاختلاف بين مؤيدي ومعارضي استمرار عبد الإله ابن كيران أمينًا عامًا للحزب لولاية ثالثة، وفقًا لما نقله موقع إمارات 24.


وجرت مياه كثيرة تحت جسر "العدالة والتنمية" منذ إعفاء ابن كيران من تشكيل الحكومة قبل أشهر، الأمر الذي خلف هزة عنيفة داخل الحزب الذي يقود التحالفّ الحكومي بالبلاد، وجعل المراقبين يتوقعون استمرار الانقسام داخله أو حتى حدوث انشقاق وشيك داخله، وفقًا لصحيفة "الشرق الأوسط".

وكذّب أمين عام حزب العدالة والتنمية رئيس الحكومة السابق، عبد الإله ابن كيران، كل هذه التكهنات وظهر في كلمته التي ألقاها أمام أعضاء المجلس الوطني أول أمس السبت، حريصًا على وحدة الحزب، داعيًا إلى تجاوز الخلافات التي برزت بعد إعفائه والاستمرار في العمل والتركيز على المستقبل.

وعدّ ابن كيران حضوره أشغال دورة المجلس الوطني الاستثنائية إنجازًا وانتصارًا على النفس، مؤكدًا أنه فكر في تقديم استقالته من الحزب وبعث برسالة الاستقالة عندما كان يقضي مناسك العمرة بعد اعفائه من تشكيل الحكومة، معتبرًا أن هذه الدّورة استثنائية جاءت بعد ظروف وصفها بـ"جد صعبة".

وقال رئيس الحكومة السابق إنه "بعد الذي وقع، خطرت ببالي مجموعة من الأفكار، وتساءلت: هل أتخلى وأذهب لأنه ضاق بي الأمر في الحزب ويلحقني إخوان آخرون؟ وقلت سأتحامل على نفسي وأذهب إلى الأمانة العامة".

وأردف موضحًا: "في النهاية، قلت سنتغلب على هذا الوضع ونتوكل على الله، صحيح وقع بيننا خلاف، ولكن الحمد لله كل شيء عاد إلى وضعه الطبيعي واستطعنا تجاوز الوضع"، وذلك في إشارة منه إلى أن الحزب طوى مرحلة الخلافات التي عاشها في الأشهر الأخيرة.

وأضاف ابن كيران "ها نحن نعقد مجلسنا الوطني، وأظن أنه من الواجب علينا جميعًا أن نختمه كرجال قادرين على الاستمرار، وعلينا تجاوز الأمر وألا نبقى محصورين في المشكلات 14 قرنًا، كما علينا أن نستمر للأمام"، مشددًا على أنه ليس من السهل أن نتخلى ونذهب.

وعاد ابن كيران لتوجيه سهام نقده لخصوم حزبه، حيث ذكر في كلمته بمطلب حل حزب العدالة والتنمية الذي رفعه عدد من الأحزاب والقادة السياسيين لعاهل البلاد الملك محمد السادس بعد أحداث 16 مايو 2003 الإرهابية بمدينة الدار البيضاء، وهو ما لم يستجب له الملك.

وتابع: "مرت علينا أحداث كادت أن تعصف بنا، وخصومنا لم ينفكوا ولن ينفكوا عن محاربتنا، فلولا أن ملك المغرب لم يرضخ لهذا الطلب، لكان الحزب حل وانتهى"، معتبرًا أن كل المؤامرات لم تتوقف ولم تنجح منذ سنة 2002.

ولم يفوت رئيس الحكومة السابق في كلمته الفرصة دون الحديث عن مشكلة الاحتجاجات التي تعيشها منطقة الريف (شمال البلاد)، مؤكدًا أن سبب ما وقع في الحسيمة هو الشعور بامتهان الكرامة، "ولما انتصر حزب واحد باع الوهم للناس ولم يصل إلى شيء، كان التفاعل الذي نعيش نتائجه إلى اليوم، ونتمنى أن تخرج عاقبته على خير"، مما يُمثل انتقادًا واضحًا من ابن كيران لحزب الأصالة والمعاصرة الذي يسير أغلب الجماعات (البلديات) بإقليم الحسيمة، وحمله مسئولية ما يجري فيها.

وعبّر ابن كيران عن اعتزازه بحصيلة الإنجازات التي حققها حزبه في الولاية الحكومية الماضية، وقال: "هي إنجازاتنا، ولن يستطيع أحد أن ينازعنا عليها"، مبرزًا أن المواطنين صوّتوا بكثافة للحزب، لأنه شكل بالنسبة لهم أملًا، وجسّد وصفة جمعت بين الحفاظ على هوية المجتمع والوفاء للمؤسسات والإصلاح والتعاون مع الملك، لا التنازع.

ولم يخفِ ابن كيران أن حزبه تلقى ضربة موجعة من خصومه في المرحلة الأخيرة، استهدفت النيل من قيمة الثقة التي كانت تميز العلاقة بين أفراده وقياداته، وقال: "لم أسمع من أي أحد من الإخوان أنه يتهم أحدًا من إخوانه بالخيانة، ربما هناك تأويلات واجتهادات وهناك أخطاء أو حتى مخالفات"، وذلك في عتاب مخفف منه لرئيس الحكومة ومن معه في تدبير المفاوضات.

وأضاف "قلت لكم من البداية من استطاع مساعدة سعد العثماني يفعل ومن لم يستطع يسكت، ولم أطلب الشيء الكثير".

وزاد ابن كيران مبينًا "سايرت العثماني إلى أن كان سيعلن أغلبيته، وقلت له الآن لا أستطيع أن أكون معك لأنني كنت رافضًا انضمام حزب الاتحاد الاشتراكي للحكومة، وحضرت آخر جلسة، ولم أكن أريد الحضور لكن الإخوان طلبوا مني ذلك وقالوا إنه واجب على، وحضرت وشجعت الإخوان على القيام بمهامهم".

وأشار ابن كيران إلى الخلافات التي ظهرت داخل الحزب والحديث عن الخيانة، مؤكدًا "تكلم الناس عن الخيانة فطالبتهم بالدليل، الأمر لا يحتمل الكلام والتأويل"، وأضاف: "استقر رأيي بعد ذلك على ما يلي: كان بعض الإخوان يصرون على التدقيق والرجوع إلى التفاصيل، هذا ليس من رأيي ولن نجني من ذلك أي شيء"، قبل أن يردف "هناك شيء اسمه المغرب ونحن اليوم نقوم فيه بدور، هناك عهود ثقيلة مع المواطنين، وربما الإخوان لم يتابعوا جيدًا خلال الحملة ماذا كنت أقول للناس".

وتابع أن "الكلام الذي كنت أقوله ثقيل، وأحيانا كنت أندم أنني أذهب إلى هذه الدرجة في الكلام، لكن ليس لي الحق في التراجع هناك عهود ومواثيق بيننا وبين الناس وبين جلالة الملك ينبغي أن نفي بها".

واعتبر العديد من أعضاء المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الذين حضروا أشغال الدورة المغلقة، أن كلمة ابن كيران لعبت دورًا مهمًا في إنجاح دورة المجلس، وتهدئة النفوس، وتوجيه النقاش العام، وتغليب روح التوافق والانتصار لوحدة الحزب، مشددين على أنه خيب آمال من سموهم "خصوم الذين كانوا يراهنون على تفجير الحزب وتعميق الخلاف بين قياداته وأعضائه".

تجدر الإشارة إلى أن المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، صادق في دورته الاستثنائية على انعقاد المؤتمر الوطني الثامن يومي 9 و10 ديسمبر المقبل، حيث يرتقب أن يعرف مشاركة 1500 مؤتمر يمثلون فروعه بمدن ومحافظات المملكة، بالإضافة إلى 60 مندوبًا عن الحزب خارج البلاد.
الجريدة الرسمية