رئيس التحرير
عصام كامل

فكري أباظة يكتب: مصيفي المتواضع

فكرى أباظة
فكرى أباظة

في مجلة المصور عام 1960 كتب فكرى أباظة مقالا قال فيه:

في صباي لا عمري صيفت في باريس ولا نيس ولا حتى الإسكندرية أو مرسى مطروح أو بورسعيد أو رأس البر.

ولكن كان أول مصيف عرفناه عندما تفتحت أعيننا على الدنيا هو قريتنا المتواضعة بمحافظة الشرقة؛ حيث مسقط رأسنا في "كفر أبو شحاتة".. سنوات طويلة مجرد انتهاء الدراسة يسرع أبناء العيلة إلى قريتهم؛ حيث العائلة وحضن الأم وحنان الأب.. لكن ما أجحدنا الآن، وما أفدح نكراننا للجميل!!

القرية "كفر أبو شحاتة" مسقط الرأس، ومورد العيش والملجأ الأخير عند الاعتزال، كانت فيما مضى مصيفنا الأوحد، لم نكن نعرف الإسكندرية ولا رأس البر، ولا مرسى مطروح ولا نيس ولا باريس ولا سكوتلاندا ولا كاليفورنيا.

لكن الجحود والنكران يفدان عندما تفد الفلوس إلى الجيوب فيتعالى المتواضعون، ويصعد الهابطون، ونجحد القرية ولا نزورها إلا مرات، ولا نصطاف فيها ولو في العمر مرة.

وهأنذا أتذكر الحدائق والحقول والخليج الجميل وبحر موسى الجميل في كفر أبو شحاتة.. ما أسعدها أعواما، وما أحنها ليال وأياما.
قضينا فيها أيامنا الجميلة لعب الكرة بأنواعها وممارسة الصيد وأحاديث السهر والسمر.. كان دارنا في كفر أبو شحاتة مركزا اجتماعيا في أيام الصيف تداوى فيه المرضى من القرويين المساكين، تسعفهم بالدواء وتقيم عرسانهم وعرائسهم فيه الأفراح والليالى الملاح، وتوزع منه على أطفالهم الملابس والهدايا.

ولم يتبق إلا المدينة بصخبها وجفائها وتباعد أطرافها، الإنسان فيها تائه لا يجد من يشعر به أو يأنس له.

ذهب الأنس وذهب الجمال والحب.. ذهب كل هذا وولى وراح.. وانتشرت المبانى وانشغل الجميع وضاع مصيفي المتواضع.. مصيف كفر أبو شحاتة، فوا أسفاه على الزمن الذي ولى وراح.
الجريدة الرسمية